ملفات وتقارير

مرصد حقوقي: سجون السيسي تبتلع 91 صحفيا

مصر تقبع حاليا في المركز 161 (من أصل 180 دولة) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة- أ ف ب
مصر تقبع حاليا في المركز 161 (من أصل 180 دولة) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة- أ ف ب

"النظام أراد بحبسكم حبس الحقيقة، لكن الحقيقة عرفها العالم بأسره"، كانت تلك كلمات الكاتب الصحفي سيد أمين، في رسالة وجهها لنحو 91 صحفيا مصريا بسجون الانقلاب في مصر.

وإثر الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول تجربة ديمقراطية للحكم في مصر، منتصف 2013، طالت آلته رافضي الانقلاب أولا، ثم تحولت نحو معارضي النظام، ثم بعض مؤيديه السابقين.

وقدم نشطاء وصحفيون حصرا لأسماء (91) صحفيا مصريا معتقلا بسجون النظام العسكري الحاكم في مصر باتهامات تتعلق بمهنتهم، وفي ظروف صحية وإنسانية بالغة السوء، وبينهم من يقبع في السجون منذ منتصف عام 2013.

 وفي نشرته الشهرية أكد "المرصد العربي لحقوق الإنسان" أن تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، "شهد تصعيدا ضد الجماعة الصحفية عبر مسارات مختلفة وانتهاكات متنوعة تضافرت فيها جهود السلطات المصرية في تكميم الأفواه وتجريم الصحافة والإعلام".

التقرير الصادر الجمعة، ووصل "عربي21" نسخة منه، أكد ارتفاع عدد الصحفيين والإعلاميين الموقوفين في مصر إلى (91) معتقلا رهن الحبس والسجن وإجراءات المحاكمات، فيما بلغ عدد من هم رهن التدابير الاحترازية (9)، بجانب (4) صحفيين بقائمة المراقبة في الأقسام.

ورصد أيضا ارتفاع "وتيرة استهداف الصحفيين في السجون"، واصفا إياها بـ"المقابر المفتوحة"، موضحا أن "حالات الصحفيين هشام جعفر، وأحمد عبد العزيز، وعادل صبري، ومجدي حسين، ومعتز ودنان، وأحمد أبوزيد، وحسام السويفي، باتت تشكل حالات إدانة صارخة لوزارة الداخلية المصرية".

وطالب صحفيون ونشطاء وحقوقيون بحديثهم لـ"عربي21"، بالإفراج عن زملائهم، والتخفيف من أوضاعهم السيئة داخل المعتقلات، فيما رصد الباحث والصحفي والروائي مسعود حامد، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أسماء ومكان عمل الصحفيين المعتقلين.

ومن بينهم، المخرج التليفزيوني إبراهيم سليمان، ومدير الهندسة الإذاعية عمرو الخفيف، والإذاعي محمود خليل، والصحفيون مجدي حسين، وبدر محمد بدر، وأحمد عبد العزيز، وهشام جعفر، ومحسن راضي، وإبراهيم الدراوي، وإسماعيل الإسكندراني، وأحمد الطنوبي، ووائل عباس، ومعتز ودنان، وعبد الحليم قنديل، والصحفيات إسراء أبو الغيط، وأسماء زيدان، وشروق أمجد، وشيرين بخيت، وعلياء عواد.

وأعلن مسعود حامد، عن تضامنه مع الصحفيين المعتقلين، واصفا إياهم بخيرة المجتمع الصحفي وأصحاب الكلمة، رافضا في حديثه لـ"عربي21" ما يتم بحقهم من انتهاكات، ومطالبا بالإفراج عنهم، وتعويضهم، ومنحهم حقهم في العودة للعمل والحياة الكريمة.

"نحو مقصلة التاريخ"


الكاتب الصحفي، حسن حسين، -اعتقل لمدة 7 أشهر وأخلي سبيله في أيلول/ سبتمبر الماضي- قال إن "الأنظمة المستبدة لا تريد أن يكون هناك صوت آخر عداها في المجتمع، وتتحسس أسلحتها كلما سمعت كلمة حقيقة، لأنها تزور الحقائق، وتعمل على تزييف وعى الجماهير، والصحافة الحرة مهمتها الحقيقية التنوير، وإمداد المجتمع بالحقائق، ما يجعلها في مواجهة مباشرة مع الأجهزة القمعية، التي لا تعرف سوى لغة القوة".

وتابع بحديثه لـ"عربي21": "للأسف، في مصر الآن طيف واسع من الصحفيين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يشغلون السجون، بعضهم قام بمعارضة النظام وفضحه، فاستحق غضب النظام عليه، وبعضهم سُجن لانتمائه لقوى سياسية تعمل على إسقاط النظام، سواءً بشكل سلمي أو بالعنف".

"نيابة عن الوطن"

وقال مدير المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي: "هؤلاء الصحفيون السجناء يدفعون ضريبة الحرية نيابة عن وطن بأكمله وعن شعب بأكمله وعن الجماعة الصحفية والإعلامية عموما".

وأضاف لـ"عربي21": "هؤلاء ليسو قطاع طرق، ولا تجار مخدرات، ولا قتلة، بل هم أصحاب رأي حر، وحملة أقلام وكاميرات، وليسو حملة بنادق، أو حتى سكاكين"، مؤكدا أن "حقهم الحرية لا السجن، وأن يكونوا وسط أبنائهم لا وسط المجرمين والقتلة، وأن يرفعوا مظالم شعبهم وليس صوت السلطان الجائر".

"نتيجة لأجواء الاستبداد"

وفي رسالة تضامن منه مع الصحفيين المعتقلين، قال الكاتب والباحث خالد الأصور: "أكثر من 90 صحفيا مصريا معتقلا أو محبوسا على ذمة قضايا رأي في السجون المصرية أمر ليس مستغربا، ويتماشى مع سجل مصر في حقوق الإنسان، ولكنه أمر مستهجن، ونستهجن بالتوازي معه سجل تركيا في مجال حبس الصحفيين، وإن كانت ظروف الاعتقال ومدده المفتوحة في مصر  بشكل أقسى".

الأصور، أعلن عن أسفه لـ"عربي21"، من أن "الجهات ذات الصلة بالدفاع عن الصحفيين أذن من طين والأخرى من عجين، فلا تبذل أدنى جهد ولو لتحسين ظروف حبس واعتقال الصحفيين، وهي المطلوب منها بذل الجهود للإفراج عنهم.. مثل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والمجلس الأعلى للإعلام".

وأضاف: "ولكن في ظل أجواء الاستبداد وانسداد الأفق السياسي وحرية التعبير، تصبح المؤسسات ذات الصلة بالعمل الصحفي والإعلامي مغلولة اليد واللسان".

 

اقرأ أيضا: هكذا قرأ مختصون اعتقالات نظام السيسي للأطفال والنساء

"حبس الحقيقة فعرفها العالم"

وقال الكاتب الصحفي سيد أمين: "النظام أراد بحبسكم حبس الحقيقة، لكن الحقيقة عرفها العالم بأسره"، مخاطبا الصحفيين المعتقلين بقوله لـ"عربي21": "أنتم لم تضيعوا سنوات السجن عبثا كما يفعل كثير من الناس، ولكنكم دفعتموها ثمنا لنهضة وتحرر هذا الوطن، وهو التحرر القادم لا محالة، وستكونون حينئذ من القوم السعداء بتضحياتكم الكبيرة التي لم تذهب سدى، وستتفاخرون بها، بينما يغبطكم من هم طلقاء".

 

اقرأ أيضا: "مراسلون بلا حدود": الصحافة المستقلة في مصر تحتضر

التعليقات (0)