صحافة دولية

إندبندنت: لماذا تلاحق الصين مسلمي الإيغور في الخارج؟

إندبندنت: الصين تلاحق الإيغور في الخارج وتجبرهم على التجسس- جيتي
إندبندنت: الصين تلاحق الإيغور في الخارج وتجبرهم على التجسس- جيتي

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلها بورزو دارغاهي، يقول فيه إن السلطات الصينية تعتقل مسلمي الإيغور في معسكرات جماعية لتغيير هويتهم الدينية، لكن الذين لا تطالهم في الخارج تلاحقهم.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المخابرات الصينية تلاحق المنفيين من الإيغور وتقوم بالتحرش بهم، لافتا إلى أن إيسا (عيسى) ظن أنه فر من المخابرات الصينية، التي أجبرته للتجسس على أهله ومجتمعه في إقليم تشنجينانغ في شمال غرب الصين، وحولت حياته إلى جهنم لمدة 3 أعوام. 

ويلفت الكاتب إلى أن عيسى خرج من بلاده مع عائلته إلى تركيا، حيث انضم إلى الإيغوريين هناك، وبدأ حياة جديدة بعيدا عن الصين، خاصة أنه يتكلم اللغة التركية التي يتحدث فيها المسلمون هناك كلهم، إلا أنه تلقى رسالة عبر هاتفه النقال من المسؤول الأمني قربان، الذي اعتقله وطلب منه التعامل معه وإلا رماه للذئاب، وقال في إحدى الرسائل المسجلة، التي اطلعت عليها الصحيفة، "(عيسى) تعتقد أنك آمن في تركيا، لكن ماذا عن إخوتك وأقارب زوجتك؟". 

وتفيد الصحيفة بأن منظمات حقوق الإنسان عبرت في الفترة الأخيرة عن قلقها من معاملة مسلمي الإيغور المتحدثين باللغة التركية، وعبرت الأمم المتحدة عن قلقها من احتجاز مليون إيغوري في معسكر كبير"يحاط بالسرية"، مشيرة إلى أن أبناء هذه الأقلية وخبراء الأمن والباحثين يتحدثون عن انتشار القمع خارج الصين، حيث يهدد رجال الأمن الصينيين بإسكات وتهديد واستفزاز وابتزاز من فروا إلى الخارج.  

وينوه التقرير إلى أنه بالإضافة إلى اسطنبول، فإن الخبراء يقول إن الإيغور الذين يعيشون في الخارج يتحدثون عن محاولات الأمن الصيني اختراق وتجنيد عملاء، وتهديد أعضاء الجماعة في فرانكفورت وميونيخ وستوكهولم وأوسلو وهلسنكي.  

 

ويورد دارغاهي نقلا عن خبراء، قولهم إن الهدف هو الضغط على الإيغور للعمل مع المخابرات عندما يكونون في الخارج، وشق الصف، وزرع بذور عدم الثقة بين أبناء الأقلية. 

وتنقل الصحيفة عن الخبير في شؤون الأقلية الإيغورية رون سيتنبرغ، قوله: "حقيقة قدرتهم على السفر للخارج والعودة يجعلهم عرضة للشك.. هذا يدمر المجتمع". 

ويشير التقرير إلى أن عبد الولي أيوب عاد إلى الصين وفتح مدرسة للأطفال قبل بداية الدراسة النظامية، بعدما درس اللغويات في جامعة كنساس بموجب منحة من مؤسسة فورد، وبدأ في تدريس اللغة الإنجليزية والصينية والإيغورية، وحظيت مدرسته بشعبية، حيث سجل النخبة في الأقلية أبناءهم، لكن المشروع أثار شكوك السلطات الصينية التي حذرته وطلبت منه عام 2013 إغلاقها، وعندما رفض فإنها اعتقلته، وقضى 15 شهرا مؤلمة في السجن، حيث تعرض للتعذيب والانتهاك الجنسي، "وكانت كلها إهانة ومعاناة". 

وينقل الكاتب عن أيوب، قوله: "كانوا يحققون معي من الثامنة مساء إلى السادسة مساء في غرفة التحقيق.. كان المسؤولون يشعرون بالتعب ويعودون إلى بيوتهم، وهنا بدأت المشكلات، فقد أهنت وعذبت ووضعت في الزنزانة، وأهانوني وهاجموا رجولتي، وكان أمرا صعبا، واعتدوا علي جنسيا". 

وتبين الصحيفة أنه بالإضافة إلى السجن، فإن المسؤولين الصينيين زادوا من شبكة "معسكرات إعادة التعليم"، التي يتم فيها تدريس مخاطر الإسلام، وتفوق الثقافة الصينية، وأيديولوجية الحزب الشيوعي. 

وينقل التقرير عن عبد السلام محمد (40 عاما)، وهو من بلدة هوتان في تشينجيانغ، الذي فر عام 2016، بعدما قضى 7 أسابيع في معسكرات التعليم، قوله: "كنا نصحو في الصباح الباكر ونجري لمدة ساعة، وبعد ذلك أربع ساعات حصص، وأربع ساعات أخرى في المساء، وحتى العاشرة ليلا".

ويقول دارغاهي إن هناك نظاما من نقاط التقتيش التي تجعل الحياة غير محتملة حتى لمن خارج السجن، فدون سابق إعلان، يتم الإفصاح من خلال مكبرات الصوت عن حلقة تثقيف في قرية أو حي، ويقول محمد الذي يعيش الآن في اسطنبول: "عندما تسمع صوت مكبر الصوت تعلم أن عليك الجري إلى اللقاء".

وتلفت الصحيفة إلى أن مشكلة إيسا/ عيسى مع الأجهزة الأمنية بدأت في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عندما عاد مع عائلته من إجازة في تركيا، حيث اعتقل حال وصوله مطار أورومكي ديوبو الدولي، وقيد وغطي وجهه بسترته، ونقل إلى قاعدة عسكرية لمدة يومين، ومن ثم إلى فيلق البناء والإنتاج في تشينجيانغ، وهي قوة عسكرية، حيث ظل فيها لمدة ستة أسابيع، وفي أثناء جلسات التحقيق الطويلة اتهم بالاتصال مع الانفصاليين في تركيا وماليزيا. 

وينقل التقرير عن عيسى، قوله إنه سافر إلى تركيا لشراء البهارات والصابون والأعشاب لبقالته، مشيرا إلى أنه لم يتعرض لتعذيب أو إهانة، فقد كانت لدى المحققين خطة مختلفة، وقال له قربان، الذي تعامل معه على أنه شرطي جيد: "نعم أعلم أنك بريء.. لكننا بحاجة لمن يعمل معنا.. لو كنت تريد استمرار تجارتك والسفر للخارج عليك التجسس على بقية الإيغوريين". 

وينوه الكاتب إلى أن إثنية الهان، التي تسيطر على الحزب الشيوعي الصيني، ظلت تنظر بعين الشك للإيغور المسلمين السنة، ذوي الروابط العرقية والثقافية مع تركيا ووسط آسيا، وزاد التوتر والقمع الحكومي بعد سلسلة من العمليات الإرهابية في التسعينيات من القرن الماضي، ووصول الهان للإقليم بحثا عن فرص اقتصادية جديدة، ففي 22 أيار/ مايو 2014 نفذ اثنان عملية انتحارية، وقتلا 43 شخصا وسط أورومكي، وجرحا 100 آخرين، بشكل قاد لحملة قمع غير مسبوقة. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن خبراء، قولهم إن المسؤولين الصينيين كافحوا لإبقاء القصص من تشينجيانغ تحت السيطرة، والحد من نشاطات الإيغور في الإقليم، وأضافوا أن الصين طالما ضغطت على المواطنين الذين يدرسون في الخارج لتجنيدهم جواسيس، لكن الضغط على الإيغور كان أوسع، "ويذهب في حالة الإيغور أبعد من الطلاب"، كما يقول الخبير في الشؤون الصينية مايكل ديلون. 

وينقل التقرير عن ستينبرغ، قوله إنه تحدث مع إيغور عرض عليهم الحصول على المال والمنافع للتجسس على مجتمعاتهم، الأمر الذي يبدأ عادة بمطالب بريئة، مشيرا إلى أن عملية التجنيد بطيئة وتأخذ وقتا. 

ويقول دراغاهي إن عيسى وافق على التجسس للحصول على جواز سفره ومواصلة السفر إلى تركيا، ويقول إنه لم يعرف الكثير من الإيغور، ولم يكن أحد منهم على علاقة مع الانفصاليين، مشيرا إلى أنه اعتقل مرة ثانية عند عودته من تركيا، واستطاع قربان التوسط وإطلاق سراحه. 

وتستدرك الصحيفة بأنه اعتقل في العام الماضي، وعومل بطريقة سيئة، حيث اتهم بأنه لم يقدم معلومات نافعة لهم، لافتة إلى أن قربان ساعد في الإفراج عنه بشرط تقديم معلومات، وسافر إلى تركيا في حزيران/ يونيو 2017، وبخطة الهروب، وبدأ يكتب عن معاناته في السجون الصينية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه بعد ذلك بدأ يتلقى الرسائل من قربان، قائلا: "ساعدتك للحصول على جواز سفرك والخروج من السجن مرتين ولم تفعل لنا شيئا"، و"نعم أنت في تركيا لكن شقيقك وصهرك ووالد زوجتك في أيدينا، ولو عذبناهم فبسببك، فكر في هذا فنحن أقوياء ونستطيع الوصول إليك في أي مكان".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)