قضايا وآراء

اجتماع اتحاد علماء المسلمين الخامس.. أبحاث وأمنيات

محمد ثابت
1300x600
1300x600
تحتاج النفس المسلمة، بخاصة في الغربة، إلى الذي يذكرها بآيات الله في الكون وسننه تعالى في الخلق.. تحتاج أنفسنا في الغربة إلى الذي يأخذ بيدها نحو الله تعالى أكثر، وهو الدور الذي اضطلع به إلى حد كبير الاجتماع الخامس لاتحاد علماء المسلمين المنعقد في مدينة إسطنبول مؤخرا، والذي تلاه مؤتمر الصلح والمصالحة، واجتماع هيئة علماء فلسطين والمجلس الأوروبي للإفتاء.

أما أبرز ما دار في الاجتماع في دورته الأخيرة، فهو إعلان الشيخ العلامة "يوسف القرضاوي" عن إتاحته للجيل الذي يليه لرئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وبالتالي تخليه عن المنصب. وفي يوم الأربعاء الماضي، وبحضور مئات من أعضاء الاتحاد، أعلن العلامة "القرضاوي" عن تأهل وانتخاب واختيار الدكتور "أحمد الريسوني" (من علماء المغرب الشقيق) لرئاسة الاتحاد؛ إذ لم يتقدم لرئاسته أحد غيره، وبرغم ذلك تم الانتخاب عليه، ونال أكثر من 93 في المئة من أصوات الحاضرين.

وأبكى الشيخ "القرضاوي" الكثيرين لما قال إنه يثق بأن العلماء الحاضرين للاجتماع، الذين تجاوز عددهم ألف عالم، لا يعملون إلا لله تعالى، وإنه ليشعر على نحو شخصي بالتقصير في العمل من أجل خدمة الإسلام، لذلك فهو يطلب من عموم المسلمين الاستغفار له.

كلمات من علامة مجاهد أبكت كثيرا من الحاضرين، وشعروا أنه مودع (حفظه الله).

وفيما جرت الانتخابات في أيام المؤتمر الأولى، لحقها مؤتمر "الإصلاح والمصالحة" الذي امتد ليومي الأربعاء والخميس الماضيين، وناقشت جلساته بحضور نخبة من علماء العالم الإسلامي، من مثل الدكتور "إبراهيم أبو محمد" (مفتي أستراليا)، والدكتور "نور الدين الخادمي"، وزير الأوقاف التونسي الأسبق، والدكتور "خالد حنفي"، أحد أبرز علماء ألمانيا المسلمين، والدكتور المقاصدي وصفي أبو زيد، وآخرين.

وفي أعمال المؤتمر، لفت نظري ارتفاع حجم أماني العلماء الأفاضل حيال الواقع السياسي للأمة. ولعل من أطرف الآراء التي طرحت في النقاشات ما طرحه الدكتور علي القره داغي، نائب رئيس الاتحاد السابق، من أن الإسلام دين يناسب ازدواجية الإنسان المسلم في الجسد والروح، وضرورة اقترانه بامرأة كزوجة، فيما الغرب لا يعرف إلا آحادية الجسد والفرد.

أما ورشة العمل التي تحدثت عن ضرورة وحدة الأمة الإسلامية، ورأسها مفتي أستراليا "إبراهيم أبو محمد"، العالم المجدد، فقد شهدت خلافات جمة حول مفهوم الاختلاف نفسه في خلق الإنسان وتنوعه، وبالتالي كيفية التغلب على الخلافات السياسية بين أطراف الأمة، بخاصة في حالة سيطرة حكام طغاة وعدم وجود هيئات مجتمعية تردعهم.. أو حتى وعي جماهيري.

وقاد ذلك إلى إشكالية أكثر جدلا، كما دارت في الورشة مناقشات حول إشكالية الثورات العربية وموقف الاتحاد منها. ففيما رأى البعض أنها ضرورة، رأى آخرون أنها مدعاة لإسالة الدماء ليجيء الرأي الأخير بالموافقة على الثورات، لكن مع ضرورة مراعاة المآلات والقدرة على السير نحو النتائج والنجاح.

ومن أماني الأبحاث والورشات الخاصة بالمؤتمر، اجتماع أهل السنة والشيعة، رغم الخلافات الكثيرة الشديدة ما بينهما، وهو ما أكد عليه مفتي أستراليا؛ من أن استمرار الخلاف بين السنة والشيعة إنما هو يخدم أعداء الأمة لا أكثر.

وفي صحبة الدكتور إبراهيم أبو أحمد، دارت مناقشات خاصة كثيرة بين الجلسات، وفي رفقة علماء أو خاصة، وكان منها أن الخطاب الدعوي ينبغي أن يتطور تطورا حقيقيا يُنزل النصوص منزلها الحقيقي من عالم اليوم ومتغيراته، ولا يأخذها في سياقها العام المعروف، بحيث تصلح النصوص القرآنية والنبوية الشريفة لهداية الأنفس الحيارى في الغرب قبل الشرق.

وعن رؤيته للتقدم الحضاري الغربي، قال مفتى أستراليا إنه لا يرى في الأمر تقدما، بل مجرد مدنية أثمرت مدنا إسمنتية بلا روح، ولم تهب الإنسان الغربي الشعور بالراحة أو السكينة، أو حتى مجرد التقبل للحياة، فضلا عن معرفة وملاحقة الهدف منها.

وعن موقف المسلمين الحالي بخاصة الأزمات الفردية التي تعصف بكثير من أفراد الأمة، قال إن أقدار الله لا تجري على الله تعالى، وأسهب "أبو محمد" بأن الأقدار التي تجري على المسلمين وعلى الناس عامة هي من خلق الله تعالى، وهو سبحانه يستطيع أن يغيرها ويبدلها ويعالجها، بخاصة مع الإكثار من الدعاء وعدم الاستسلام إلى اليأس، وأكد على أن أهم ما يخص مسيرة المسلمين اليوم هو دوام محافظة المخلصين على شرفهم.
التعليقات (0)