مقالات مختارة

الانتخابات الأمريكية النصفية و2020

مروان المعشر
1300x600
1300x600

احتفل الرئيس الأمريكي ترامب بالنصر بعد إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية النصفية واحتفاظ الحزب الجمهوري بأغلبية في مجلس الشيوخ. وليس من شك أن السيطرة على مجلس الشيوخ هامة للغاية، فالمجلس هو من يوافق أو يرفض ترشيحات كبار المسؤولين من الوزراء والسفراء وقضاة المحكمة العليا وكبار قادة الجيش على سبيل المثال، والاحتفاظ بهذه الأغلبية سيتيح للرئيس الأمريكي الاستمرار في سياسته في تغيير بنية المحكمة العليا مثلا، وإيجاد أغلبية محافظة داخلها.

لكن هذا الاحتفال يجافي واقعا مهما جديدا أفرزته هذه الانتخابات. فمن ناحية، فقد كسب الحزب الديمقراطي ما يقرب من ثلاثين مقعدا على الأقل جعلته يستعيد أغلبيته في مجلس النواب. هذا يعني حسب النظام الأمريكي أن كافة لجان مجلس النواب سيرأسها ديمقراطيون ما يسمح للحزب بالسيطرة على جدول أعمال اللجان وسيرها بشكل عام. كما سيحد من التغيير الكبير في السياسات المحافظة للرئيس ترامب فيما يتعلق بالتأمين الصحي والسياسات ضد المهاجرين وغير ذلك.

هناك تحول مهم في عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في هذه الانتخابات والذي هو الأعلى منذ خمسين عاما في تحرك ناجح من الديمقراطيين لتشجيع الناس على التصويت كردة فعل ضد سياسات ترامب. لقد ارتفعت نسبة المصوتين في هذه الانتخابات من 35% عام 2016 حين انتخب ترامب إلى 47% هذه السنة. وكلما ارتفعت نسبة المصوتين في الولايات المتحدة كان ذلك في صالح الحزب الديمقراطي.

 

وفي دليل آخر على غضب الكثيرين من سياسات ترامب المحافظة، فقد تم انتخاب أكبر عدد من السيدات في مجلس النواب، وهو 96 امرأة، بما في ذلك 83 من الحزب الديمقراطي. كما تم انتخاب أول امرأتين مسلمتين في تاريخ مجلس النواب من فلسطين والصومال، وهو دليل آخر على عدم رضا بعض الناخبين على سياسات ترامب ضد المهاجرين.


لكن التحول الأكبر في رأيي جاء في نتيجة انتخابات حكام الولايات. ففي حين كان ثلثا حكام الولايات من الحزب الجمهوري (33 جمهوريا مقابل 16 ديمقراطيا) فقد كسب الديمقراطيون 7 ولايات جديدة ليقلصوا الفارق إلى 26 للجمهوريين مقابل 23 للديمقراطيين.

 

لكن الأهم من ذلك هو أن هذه الولايات السبع تتضمن ميشيغان وويسكونسين وإلينوي، وجميعها في الداخل الأمريكي ومن الولايات التي تصوت عادة للحزب الديمقراطي. في عام 2016 تمكن ترامب من تحويلها كلها له إضافة لبنسلفانيا بسبب خوف سكان هذه الولايات من فقدان وظائفهم ووعد ترامب لهم بإرجاعها، وهو ما تسبب في ربحه للانتخابات الرئاسية.


ومع أن ترامب تمكن من الحفاظ بصعوبة على ولايات هامة كفلوريدا وأوهايو، إلا أنه سيواجه صعوبات جمة في العام 2020 لربح الانتخابات الرئاسية إن لم يتمكن من إعادة استمالة سكان ما يسمى بولايات الغرب الأوسط. إن وجود حكام من الحزب الديمقراطي على رأس هذه الولايات الهامة، وما لهم من تأثير على مجمل العملية الانتخابية داخل ولاياتهم، سيجعل عملية إعادة انتخاب ترامب أكثر صعوبة.


تبدو خطة الحزب الديمقراطي للعام 2020 أكثر وضوحا الآن. على الحزب الحفاظ على الزخم الحالي من خلال إبقائه على حشد عدد كبير من الناخبين، كما عليه المحافظة على الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية التي استرجعها الحزب بعد أن انتزعها منه ترامب وتمكن بسبب ذلك من النجاح في الانتخابات. ما ينقص الحزب الآن هو الشخصية الكاريزماتية التي تستطيع الوقوف أمام ترامب وحشد أعداد كبيرة من الناخبين كما فعل أوباما مثلا.


لا يعني كل ذلك أن ترامب سيخسر انتخابات 2020 فما يزال من المبكر الحكم على ذلك، لكنه يعني بالتأكيد أن حزبه لم يربح الانتخابات النصفية، وأن رئاسته باتت أكثر صعوبة.

عن صحيفة الغد الأردنية

0
التعليقات (0)