صحافة دولية

هل يعيد متظاهرو "الستر الصفراء" سيناريو إيطاليا بفرنسا؟

بينت المجلة أن أصحاب "السترات الصفراء" هم مناضلو فرنسا التي لم تعرف حتى الآن "حركتها الاجتماعية"- جيتي
بينت المجلة أن أصحاب "السترات الصفراء" هم مناضلو فرنسا التي لم تعرف حتى الآن "حركتها الاجتماعية"- جيتي

نشرت مجلة "سلايت" الأمريكية في نسختها الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على نقاط الشبه بين حركة "السترات الصفراء" في فرنسا وحركة النجوم الخمسة الإيطالية.


وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على أصعدة عديدة، يظهر تشابه واضح بين المتظاهرين الفرنسيين وأنصار حركة النجوم الخمسة الإيطالية، ففي السياق ذاته، يُعد ظهور أصحاب "السترات الصفراء" نتاج أزمة تعيشها البلاد من دون شك، وتُشبه هذه الحركة أحداث "ليلة وقوف" التي عرفتها فرنسا في فترة سابقة.


وفي الواقع، يشبه أصحاب "السترات الصفراء" أنصار الكوميدي و"الخطيب" بيبي غريللو، مؤسس حركة النجوم الخمسة شديدة الشعبوية، وعلى الصعيدين الأيديولوجي والتاريخي، يتبنى منتخبو هذه الحركة الإيطالية حلم زعيم الشيوعية الإيطالية الراحل إنريكو برلينغوير، كما يعتبرون ضحايا خيانة "العقد" الذي وقعه سيلفيو برلسكوني مع إيطاليا.


وأوردت المجلة أن الكثيرين من أنصار هذه الحركة الإيطالية هم من ضحايا أزمة سنة 2008، وما ترتب عنها من ركود عرفته البلاد خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وقد شهدت تلك الفترة ركودا اقتصاديا حقيقيا وتعميقا لهشاشة فئات اجتماعية عديدة. آنذاك، كان الجيل الشاب مجبرا على البقاء في منزل العائلة وكسب ألف يورو شهريا. وقد ربطت إيطاليا أسباب الركود الاقتصادي بالفشل الذريع للطبقة السياسية الإيطالية في الجمهورية الثانية، التي نشأت بعد انهيار الجمهورية الأولى، على خلفية الهجمات التي شنها القضاة على برلسكوني.

 

اقرأ أيضا: ماكرون يغلق مفاعلات نووية ويعلق على احتجاجات بلاده


وذكرت المجلة أن أصحاب "السترات الصفراء" يعتبرون أنفسهم الضحية الرئيسية للأزمة التي تعيشها بلادهم. في الواقع، تظهر فرنسا في كثير من الأحيان في صورة ضحية أزمة 2008، التي يتم تجاهلها. فضلا عن ذلك، ماطلت هذه الدولة طبقتها الاجتماعية الوسطى منذ 30 سنة. وعلى غرار ما حدث في إيطاليا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يحتج أصحاب السترات الصفراء على غياب النمو، ويكافحون من أجل إقامة ثقافة مضادة للنخب.


وأضافت المجلة أنه في فرنسا، وعلى عكس ما حدث في إيطاليا، لا وجود لخطباء ولا للقاءات، بل هناك فقط تجمعات رمزية حول الدوارات المرورية للبلاد، تم تنظيمها عن بعد بواسطة الشبكات الاجتماعية. وتعكس هذه الدوارات المرورية، التي ترمز لتخطيط حضري في تبعية لنموذج اقتصادي بات الآن موضع تساءل، الجوانب المختلفة "لفرنسا القبيحة" المكونة من مناطق تجارية أو مناطق نشاط، وأخرى مخصصة لمراكز مدن مهجورة.


وأردفت المجلة أن نقاطا مشتركة تجمع بين الحياة السياسية في كل من فرنسا وإيطاليا. فقد برز أصحاب "السترات الصفراء" في الوقت الذي تحكم فيه البلاد طبقة سياسية مشابهة تماما لتلك الطبقة الإيطالية التي يتصدرها ماتيو رينزي. ويُذكر وضع كل من حزب الجمهورية إلى الأمام وإيمانويل ماكرون بالحزب الديمقراطي لهذا السياسي الإيطالي، قبل انهياره.


أما بالنسبة للأحزاب اليمينية التي كانت خلفا لساركوزي، فتشهد هي الأخرى انهيارا مماثلا تماما لذاك الذي عرفه حزب فورزا إيطاليا لسيلفيو برلسكوني. وفي كلا البلدين، تغرق الأحزاب الحاكمة في حالة ركود قاسية، في الوقت الذي تتوسع فيه دائرة الاحتجاجات الديمقراطية والاقتصادية والردود الشعبوية.

 

اقرأ أيضا: "الستر الصفراء" يتوعدون ماكرون بحشد احتجاجي ثالث


وبينت المجلة أن أصحاب "السترات الصفراء" هم مناضلو فرنسا التي لم تعرف حتى الآن "حركتها الاجتماعية". وتندرج هذه الحركة ضمن فترة "اقتصادية-شغلية"، تعرض الشكاوى والمطالب المادية لجزء بارز من الشعب، الذي اكتشف أنه متضامن مع بعضه البعض على الرغم من عدم تطوير جهاز سياسي إيديولوجي متماسك.


مع ذلك، تنشر هذا الحركة خطابا مشتركا واسعا حول الاحتجاج على عدم تطبيق الديمقراطية وتطرح تساؤلات حول شرعية الحكام المتعاقبين على البلاد منذ ثلاثة عقود على الأقل. تجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر يعكس حركة هشة ولكنها في الحقيقة تسير نحو تسييس المطالب. ومن الواضح أن هذا الاحتجاج يفتقر لأداة حزبية وجهاز أيديولوجي متطور. كما لا تمت هذه الحركة بصلة للمجموعات الاجتماعية الأخرى، مثل تلك التي تزعمت حركة "ليلة وقوف"، والتي قد تلعب دورا قياديا.


وفي الختام، ذكرت المجلة أنه على غرار حركة النجوم الخمسة، تعتبر حركة "السترات الصفراء" دليلا على الأزمة التي تمر بها أوروبا. فهي تضم تكتلا من الأطراف المتضررة من النظام الاقتصادي والتي فقدت ثقتها في الأحزاب والأنظمة السياسية، التي تتحمل مسؤولية تداعيات هذه الأزمة. وحول الدوارات المرورية الفرنسية، تعصف أزمة مماثلة لأزمة سنة 2008 بالبلاد.

التعليقات (0)