سياسة عربية

كيف فضحت أمم أفريقيا 2019 الوضع الأمني والاقتصادي بمصر؟

عبد الغني أكد أن رفض الاتحاد لاستضافة نهائيات بطولة الأمم الإفريقية 2019 جاء لأسباب أمنية واقتصادية- جيتي
عبد الغني أكد أن رفض الاتحاد لاستضافة نهائيات بطولة الأمم الإفريقية 2019 جاء لأسباب أمنية واقتصادية- جيتي

فجرت تصريحات عضو مجلس إدارة اتحاد كرة القدم المصري مجدي عبد الغني، التي أكد فيها رفض الاتحاد استضافة نهائيات بطولة الأمم الأفريقية عام 2019 التي تم سحبها من الكاميرون، لأسباب أمنية واقتصادية، موجة انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والرياضية والاقتصادية بمصر.


وأكد الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن تصريحات عبد الغني بأن قرار عدم تنظيم البطولة يرجع لرغبة الدولة، ولدواع أمنية واقتصادية، تمثل اعترافا رسميا بفشل الاستقرار الأمني الذي يروج له نظام الانقلاب بمصر، كما أنه يعكس تأزم الوضع الاقتصادي للحكومة، على خلاف التقارير التي تخرج عن النظام بالمؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري.


وكان مسؤولون باتحاد الكرة المصري، صرحوا قبل أيام بأنهم سوف يتقدمون بطلب لاستضافة البطولة القارية، إذا قرر الاتحاد الأفريقي "كاف" سحبها من دولة الكاميرون، إلا أنه وفور قرار الكاف، اجتمع مجلس اتحاد الكرة المصري، ليعلن عدم مشاركته في المنافسة على تنظيم البطولة التي من المقرر أن تجري في حزيران وتموز/ يونيو ويوليو المقلبين.

 

اقرأ أيضا: الغموض يلف استضافة ثلاث نسخ مقبلة من كأس أفريقيا

من جانبه، برر المتحدث باسم الاتحاد المصري أحمد مجاهد في تصريحات صحفية أن قرار الاتحاد لا يتعلق بعدم جاهزية الملاعب أو الفنادق، وإنما يرجع لرغبة الدولة المصرية في عدم منافسة دولة المغرب التي تقدمت لتنظيم البطولة من جهة، ولأن رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، لا يريد وجود مشاكل مع الدول الأفريقية خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي في الدورة الحالية من جهة أخرى. 


وفي تعليقه على تصريحات مسؤولي اتحاد الكرة يؤكد الناقد الرياضي جمال عشيري لـ"عربي21" أن قرار الاتحاد يعكس الوضع المتردي الذي تعيش فيها الرياضة المصرية نتيجة التدخلات الأمنية في مختلف شؤونها، خاصة وأن تنظيم المسابقة كان يمكن أن يحقق لمصر العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية والسياحية.


وأضاف عشيري أن الاتحاد المصري تعامل مع الموضوع في البداية بغرور وعنجهية، بأنه قادر على استضافة النهائيات الأفريقية، إلا أن الأوامر الأمنية جاءت عكس ذلك، وهو الرفض الذي كان له العديد من المؤشرات نتيجة تخوف الأمن المصري من أية تجمعات رياضية سواء كانت محلية أو أفريقية أو دولية.


وطبقا للناقد الرياضي، فإن الدولة التي تخاف حتى الآن من العودة الكاملة للجماهير لحضور المباريات، ومازالت ترفض إقامة مباريات نادي المصري البورسعيدي في محافظة بورسعيد تخوفا من أية تحركات جماهيرية يمكن أن تمثل أزمة للنظام، فإنها لا يمكن أن تستطيع تنظيم بطولة قارية بحجم كأس الأمم الإفريقية التي يتابعها العالم كله.


وحول الوضع الاقتصادي الذي أشار إليه عضو مجلس اتحاد الكرة المصري، أكد الخبير الاقتصادي كامل المتناوي لـ"عربي21" أن أي بطولة تمثل مكسبا اقتصاديا في حد ذاتها، لأنها تمثل انتعاشة كبيرة للسياحة، وحركة الاقتصاد والفنادق والمواصلات والاتصالات.


وأضاف المتناوي أن كرة القدم تمثل صناعة متكاملة، يتم استغلالها عالميا في تحقيق مكاسب اقتصادية، وعلى سبيل المثال ما حققته روسيا من مكاسب نتيجة تنظيم كأس العالم قبل أشهر، حيث زادت نسبة السياحة 60% عن معدلها الطبيعي، نتيجة توافد 3 ملايين سائح من بينهم 700 ألف خلال المباريات النهائية فقط، وهو ما حقق طفرة شرائية غير مسبوقة للمتاجر الروسية.


وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه من المفترض أن مصر بها بنية تحتية قوية تتمثل في الفنادق ذات الخمس والسبع نجوم، وكذلك شبكة مواصلات ليست سيئة، وملاعب واستادات منتشرة في معظم المحافظات المصرية، وهو ما كان يُمَكِن مصر من جني ثمار اقتصادية قوية إذا قامت بتنظيم البطولة، وإلا فما هو سبب صراعات الدول على تنظيم مثل هذه البطولات، وغيرها من كؤوس السوبر المحلية كما تقوم به أبو ظبي على سبيل المثال.

 

اقرأ أيضا: مصر تحسم قرارها بشأن الترشح لتعويض الكاميرون لاستضافة الكان

من جانبه، رأى الباحث السياسي أسامة أمجد لـ"عربي21" أن سبب الاعتذار يرجع لأسباب سياسية، حيث يسيطر على النظام المصري فكرة أن أية تجمعات سوف تؤدي لتظاهرات، يمكن أن تطيح به أو تمثل له قلقا سياسيا، ولذلك فليس لديه مشكلة في أن يفضح نفسه أمام العالم بأنه غير قادر أمنيا أو اقتصاديا على تنظيم مثل هذه البطولة، طالما كان ذلك يمثل تأمينا لنظامه.


وأشار أمجد إلى أن نظام السيسي سقط في أول اختبار حقيقي، خاصة وأن البطولات الأخرى التي يتم تنظيمها لا تحظى بنفس شعبية كأس الأمم الأفريقية للكبار، ولذلك فإن الحديث عن عدم التقدم لتنظيم البطولة لدواع أمنية، يؤكد أن النظام لم يستطع السيطرة الكاملة على الأوضاع الداخلية، رغم الإرهاب الذي يقوم به على المستوى السياسي والأمني.


ولفت الباحث السياسي إلى أن الموقف الأخير يشير إلى أن فلسفة الدعاية السياسية التي يعتمد عليها نظام السيسي لا تقوم على أسس متينة، وأن هاجس الجماهير مازال يمثل له قلقا، سواء كانت هذه الجماهير في احتفالية شعبية لا تخضع لإرادته، أو كانت هذه الجماهير في مباريات لكرة القدم.

التعليقات (0)