صحافة دولية

كيف أحدثت أسعار النفط صدمة في صلب الاقتصاد العالمي؟

أدى الارتفاع المذهل لأسعار النفط في أشهر الربيع والصيف، إلى توازن معقد بين العرض والطلب من قبل المشترين- جيتي
أدى الارتفاع المذهل لأسعار النفط في أشهر الربيع والصيف، إلى توازن معقد بين العرض والطلب من قبل المشترين- جيتي

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن حالة الصدمة والاضطراب التي تسببت فيها أسعار النفط على مستوى الاقتصاد العالمي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدول الأعضاء في منظمة الأوبك في فيينا تبحث في حالة سوق النفط حيث كان يقترب سعر البرميل الواحد من 100 دولار قبل بضعة أشهر، ليبلغ الآن نحو 50 دولارا.

ويبدو أن البلدان الناشئة والبلدان الأوروبية، التي تعتمد على النفط، باتت لديها أسباب تدعو إلى الشعور بالارتياح، كما سيكون للبنوك المركزية فرصة لتأجيل الزيادات المعلنة على الفائدة.

 

وبالتالي، يعتبر تأثير النفط على الاقتصاد العالمي أمر لا شك فيه، فهو قادر على خلق حالة من الارتباك في الأسواق بسهولة ورسم الاتجاه الذي سيحدد سعر البرميل على المدى القصير.

وأوضحت الصحيفة أن الخبراء في القطاع قد أجمعوا على احتمال بلوغ سعر برميل النفط 100 دولار مجددا، الذي سينتهي به المطاف في حدود 80 دولارا، وفقا لرغبة المملكة العربية السعودية، أول منتج عالمي للنفط.

 

وفي حال أصبح سعر البرميل مؤلفا من ثلاثة أرقام، سيدخل الاقتصاد العالمي في حالة من الركود. في المقابل، يمكن أن يتراجع سعر البرميل إلى 50 دولارا.

وأضافت الصحيفة أن "السفينة الدوارة" التي ركبها المنتجون والمستوردون للنفط خلال الشهرين الماضيين تهدد بتحويل الوضع الذي رسمه الاقتصاد العالمي.

 

وقد سعت البلدان التي تعتمد بشكل كبير على هذا الوقود الأحفوري إلى ضمان نشاط صناعاتها والحفاظ عليه وتحفيز مستويات استهلاكها، كما هو الحال بالنسبة لدول البريكس، أي كل من الصين والهند وجنوب أفريقيا وبدرجة أقل البرازيل، أو بالنسبة للشركاء الأوروبيين.

 

اقرا أيضا : وزير خارجية قطر الأسبق يعيد نشر تصريحات قديمة بشأن أوبك

 

في المقابل، تقف روسيا، وهي خامس دول البريكس، إلى جانب المملكة العربية السعودية، باعتبارها حليفتها في استراتيجية زيادة عدد براميل النفط.

وأشارت الصحيفة إلى العوامل الجيوسياسية والآثار الاقتصادية التي تنطوي عليها الأسعار المتقلبة للنفط. في هذا السياق، أدى الارتفاع المذهل لأسعار النفط في أشهر الربيع والصيف، إلى توازن معقد بين العرض والطلب من قبل المشترين.

 

كما تسبب في انعدام اليقين في الحرب التجارية التي أطلقتها إدارة ترامب، والتي زعزعت استقرار تدفقات السلع والاستثمارات في جميع أنحاء العالم، كما زعزع قيمة الدولار، العملة التي تحدد سعر النفط.

الجدير بالذكر أن الشكوك طالت أيضا المملكة العربية السعودية، التي وجدت نفسها حائرة بين تلبية حاجات موسكو من الطاقة من جهة، لتتجاوز بذلك الحصص التي التزمت بها مع حلفائها في الأوبك، كما تفعل في كثير من الأحيان، أو الانضمام من جهة أخرى إلى صف الولايات المتحدة ومطالبة دونالد ترامب بالمساهمة بشكل حاسم في تحديد أسعار نفط رخيصة ومستقرة.

وأبرزت الصحيفة أنه على الجهة الغربية من العالم، عانت الاقتصادات ذات الدخل المرتفع من عجز كبير في الحساب الجاري خلال السنوات الأولى بعد الأزمة. ومن المفارقات، أنه خلال السنوات العجاف التي كافح فيها الكثيرون ضد الركود، تجاوز سعر النفط الخام سعر 140 دولارا.

 

ووفقا للتقديرات الأخيرة لمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية، فإنه مقابل كل انخفاض قدره 10 دولارات في سعر البرميل، سيزيد دخل الفرد في القوى الناشئة بين 0.5 و0.7 بالمائة، مما يؤدي إلى تدهور دخل الفرد في دول الخليج الفارسي، كما سيتسبب ذلك في طرح ما بين 1.5 و2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول المنتجة مثل روسيا أو نيجيريا أو الإمارات العربية المتحدة.

 

اقرأ أيضا :  السعودية "غير واثقة"من قدرة التوصل لاتفاق خفض إنتاج النفط


من ناحية أخرى، يعطي احتواء التضخم متنفسا للبنوك المركزية التي تخطط لزيادة سعر النقود. كما يعد ذلك بمثابة شريان حياة آخر للسلطات النقدية في الأسواق الناشئة التي تواجه مخاطر الصرف الأجنبي والديون.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهند وتركيا وحتى البرازيل، التي كانت بنوكها تستخدم مبالغ كبيرة من احتياطاتها للدفاع عن عملاتها وتجنب تعليق المدفوعات، قد تنفست الصعداء بفضل الهدنة التجارية.

 

أما في الدول الصناعية، فيمثل انخفاض أسعار النفط عاملا هاما لخفض قيمة الضرائب وحافزا للنمو. وبالنسبة لإسبانيا، عمل ذلك على التخفيف من العجز المالي المتزايد وتخفيض المدفوعات، خاصة التي تتعلق بالمعاشات التقاعدية.

وأضافت الصحيفة أن الأسباب الرئيسية لهذا الانخفاض غالبا ما تستجيب للقضايا الهيكلية والظرفية. وفي هذا الصدد، يبرز الشلل الإنتاجي للعراق، المدفوع بالتوترات السياسية الداخلية، على الرغم من أنها اكتسبت وزنا هاما داخل منظمة الأوبك وتجاوزت كندا، رابع أكبر منتج في العالم.

 

مع ذلك، فإن الأعمال العدائية المسلحة في البلاد تشكك في قدرتها على تعويض الإمدادات الإيرانية، خاصة بعد العقوبات الجديدة والأكثر قسوة التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران.

في السياق ذاته، انخفضت صادرات إيران النفطية إلى النصف تقريبا منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرض العقوبات عليها. كما تراجع مستوى إنتاجها للنفط إلى أقل من مليوني برميل منذ شهر آب/أغسطس.

وفي الختام، أوردت الصحيفة أنه بالنظر إلى هذا الوضع، يبدو التحكم في سعر النفط بيد كل من المملكة العربية السعودية وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

ومن المتوقع أن يقوم محمد بن سلمان وفلاديمير بوتين ودونالد ترامب بتحديد سعره في سنة 2019، وستكون قراراتهم هي الحاسمة بشأن عجز الإنتاج في منظمة الأوبك.

0
التعليقات (0)