صحافة دولية

توقعات "ستراتفور" لـ2019: ماذا عن ابن سلمان وإيران وسوريا؟

ستراتفور: استمرار القلق من ابن سلمان ومحاولات احتواء إيران وقلق في سوريا- جيتي
ستراتفور: استمرار القلق من ابن سلمان ومحاولات احتواء إيران وقلق في سوريا- جيتي

نشر موقع معهد "ستراتفور" الأمريكي تقريرا، يقدم فيه توقعاته لعام 2019.

 

وقال المعهد إن العام 2019 سيشهد مواجهة بين الولايات المتحدة والصين من ناحية فرض العقوبات والتعرفات الضريبية على البضائع الصينية، ودعم أكبر لتايوان، وحضور قوي في بحر الصين الجنوبي. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الأمر ذاته سيحصل على معاهدات الحد من التسلح، حيث سيشهد العام تنافسا بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة آخرى، فيما قد تستفيد الدول الواقعة على الحدود، مثل بولندا وتايوان، إلا أن الدول التي تحاول الحفاظ على الحياد، مثل تركيا والهند وفيتنام، ستعيش صداعا. 

 

ويرجح الموقع أن يشهد العام مخاطر للتجارة، خاصة في محاولات الولايات المتحدة الضغط على أوروبا وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان وأستراليا؛ من أجل بناء حواجز كبيرة امام الاستثمار الصيني، مشيرا إلى أن العام سيشهد محاولات لحل المشكلات التجارية بطريقة ثنائية بعد محاولات الولايات المتحدة عرقلة عمل منظمة التجارة العالمية. 

 

ويلفت التقرير إلى أن المكسيك وكندا واليابان وكوريا الشمالية لها حظ من النجاح أفضل من مفاوضات أمريكية مع الاتحاد الأوروبي المحكوم عليها بالفشل. 

 

ويستدرك الموقع بأنه رغم زيادة أمريكا التعرفة الجمركية على الصين، إلا أن الأثر النهائي على مجمل التجارة العالمية من أمريكا لن يكون مهما، لافتا إلى تهديد إيطاليا الشعبوية على منطقة اليورو، بالإضافة إلى الحملة الأمريكية ضد إيران. 

 

ويجد التقرير أنه مع وجود عقوبات ثانوية جاهزة للتفعيل، فإن واشنطن ستحاول عزل ظهران إقليميا، وإضعافها داخليا، ما يقلل من أي أمل للمحادثات المحتملة بينهما، مشيرا إلى أن هذه السياسات ستعمل على حماية السعودية وحلفاء أمريكا، رغم التذمر الغربي من تورط ولي العهد السعودي في جريمة مقتل جمال خاشقجي. 

 

ويبين الموقع أنه بالنسبة لسوق الطاقة فإن السعودية وروسيا ستحاولان إدارة سوق النفط حتى لا تنخفض أسعاره، في وقت تراقبان فيه ما تبقى لإيران من قدرات إنتاج وتصدير، فيماهناك إمكانية لزيادة إنتاج النفط العراقي والليبي، مشيرا إلى أن بالنسبة لسوق الغاز الطبيعي المسال فإن السوق ستهتز مع دخول الولايات المتحدة إليها عام 2019، كونها واحدة من أكبر دول مصدرة للغاز الطبيعي.

 

وينوه التقرير إلى أن السياسات في أمريكا اللاتينية ستتأثر مع محاولات الحكومة البرازيلية اليمينية احتواء الأزمات القادمة من فنزويلا مع كولومببيا، مشيرا إلى أنه في منطقة القرن الأفريقي ستكون إثيوبيا الدافعة للتغيير، من خلال اجتذاب الاستثمارات الخارجية، إلا أن التحديات الداخلية والنزاعات الإثنية قد تكون تحديا للأجندة التي تسعى إليها الحكومة. 

 

ويقول الموقع إنه مع زيادة النزاع مع القوى العظمى، الصين وروسيا وأمريكا، إلا أن محاولات الأخيرة عزل الصين ستبدو محدوديتها في عام 2019، وسيؤدي التطور المتزايد في صناعة الأسلجة وتدهور المعاهدات الدولية إلى سباق تسلح بين أمريكا والصين وروسيا.

 

إيران

 

ويرجح التقرير أن "العقوبات الأمريكية على إيران لن تنجح في أن تقود إلى انهيار النظام، رغم أنها ستضعفه، فرغم التناحر السياسي بين الأطراف الحاكمة، إلا أنها عادة ما تتحد للحفاظ على استقرار النظام، بل خلافا لذلك، فإن العقوبات عززت من قوة التيار المحافظ ضد التيار الإصلاحي الذي يمثله الرئيس حسن روحاني". 

 

ويؤكد الموقع أن محاولات إدارة دونالد ترامب زيادة العقوبات على إيران؛ وسيلة لعودتها إلى طاولة المفاوضات، والرضا بما تريده أمريكا لن تنجح، مشيرا إلى أن المؤسسة الأمنية ستجد المبرر لتعميق استراتيجية الدفاع الإيرانية لمواجهة الضغوط المكثفة.

 

ويبين التقرير أن "طهران ستحاول الانتقام بطريقة لا تؤدي إلى اندلاع حرب تقليدية، وقد تحاول الانتقام من خلال التحرش بسفن حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج، وإجراء اختبارات للصواريخ الباليستية، أو استئناف تجاربها النووية عندما تقتضي الضرورة، وستكون طهران مستعدة لشن حرب إلكترونية سرية، أو تفعيل وكلائها قي المنطقة والرد على الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج. لكنها تريد تجنب الهجمات العسكرية ضدها، ومع تراجع الدعم الأوروبي لها عام 2019، وتحوله إلى مجرد كلام، فإن إيران ستكون مستعدة لعمليات انتقامية دون أن تؤدي إلى حرب تقليدية".

 

وبحسب المعهد، فإن "الولايات المتحدة تقوم بتقوية حلفائها الإقليميين من خلال استراتيجية قائمة على إضعاف إيران، فيما ستعتمد واشنطن على مجموعتين من الحلفاء تتفق أهدافهم معها؛ المجموعة  الأولى تضم الحلفاء القلقين من إيران ولديهم استعداد لتبني سياسات الولايات المتحدة بالكامل، وهم السعودية والإمارات العربية وإسرائيل، فقد تجاوزت هذه الدول عقودا من عدم الثقة، وتقوم بالتنسيق معا في الحروب الإلكترونية وفرض الحصار وحتى التعاون العسكري، أما المجموعة الثانية من الحلفاء فتضم كلا من قطر وعمان والكويت، التي تتحالف بطريقة معينة مع أهداف السياسة الأمريكية، لكنها أقل استعدادا لاتخاذ مواقف متشددة مثل المجموعة الأولى، إلا أنها تمنح الولايات المتحدة مساعدة دبلوماسية استراتيجية وقيمة اقتصادية لنزاعات أخرى في المنطقة، وتقوية الاصطفاف بينها قد تخفف من كثاقة الحصار على قطر، إلا أن الخلافات القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي ستستمر".

 

السعودية

 

ويقول التقرير إن "السعودية عليها التعامل مع مظاهر القلق المتزايدة من ولي العهد محمد بن سلمان وطوال العام المقبل، ففي أعقاب مقتل الصحافي المنفي جمال خاشقجي فإن تصرفات ولي العهد ستكون محلا للتدقيق الدولي، ومع أن موقعه قوي داخل المملكة العربية السعودية، إلا وضعه المتسيد للسياسة السعودية يعتمد بالضرورة على دعم والده الملك سلمان، وستظل هناك مقاومة هادئة داخل العائلة المالكة تتراكم، وسيخفض بعض حلفاء الرياض الرئيسيين من دعمهم العسكري والاستثمارات الاجنبية المباشرة، إلا أن العلاقات الحيوية لن تتغير، فيما ستظل وصمة قتل الصحافي خاشقجي تلاحق آل سعود طوال عام 2019". 

 

ويضيف الموقع أن "الرياض ستواصل متابعة أهداف رؤية 2030  في العام المقبل، وستخفف من إجراءات التقشف بناء على التغيرات الاقتصادية الجيدة، مثل ارتفاع أسعار النفط، ومحاولة الاستفادة من تراجع التصدير النفطي الإيراني وعوائد القطاع غير النفطي، وهذا يعني أن المملكة قد تتجنب تغييرات لبينة قطاع العمالة، وستضطر الدولة لاستخدام محفظتها المليئة بالمال من أجل تخفيف الشكوى من عدم توفر السكن وتدني الرواتب ومستويات الحياة".

 

سوريا

 

ويتوقع معهد "ستراتفور" أن يخرج النزاع السوري الذي دخل مراحله الأخيرة  عن محيطه، ففي الحرب الأهلية السورية تتصارع خمس قوى، وهي تركيا وروسيا والولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وتدعم موسكو وطهران نظام بشار الأسد في دمشق، ولا تختلفان في مستوى الدعم الذي تقدمانه للنظام، لكن في مجمل الأهداف التي تريد كل دولة تحقيقها، فاستخدمت روسيا النزاع السوري نقطة انطلاق لتوسيع تأثيرها في المنطقة، وهي تريد الحفاظ على ما أنجزته، ولا ترغب في هذه الحالة بفتح مواجهة مع أي من القوى المتنازعة، سواء كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل أو تركيا. 

 

ويشير الموقع إلى أنه في المقابل، فإن إيران تسعى إلى تقديم دعم أوسع لدمشق، خاصة ضد أنقرة وواشنطن، لافتا إلى أن طهران ستواصل بناء قواتها داخل سوريا؛ قوة ردع ضد إسرائيل، ووسيلة لتوفير المعدات لحزب الله في لبنان، فيما ستعمل إسرائيل على إحباط الخطط الإيرانية، لكنها تخشى من إشعال حرب غير مقصودة مع روسيا. 

 

ويفيد التقرير بأن تركيا والولايات المتحدة لا تزالان متوافقتين على معارضتهما لنظام الأسد، إلا أن كل واحدة منهما تسعى لتحقيق أجندة مختلفة، مع أنهما دولتان فاعلتان في حلف الناتو.

 

ويلفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة تركز على تدمير بقايا تنظيم الدولة في سوريا، مشيرا إلى أنه مع أنها تحاول عزل إيران، والحد من تأثيرها في سوريا، إلا أن تحديها لطهران هناك ربما أدى إلى خلق توتر مع روسيا التي لا تستطيع ولن تقوم بإجبار إيران على مغادرة سوريا. 

 

ويستدرك التقرير بأنه رغم محاولات تجنب الصدام في الفضاء الجوي السوري، إلا أن إمكانية وقوع نزاع غير مقصود بين أرصدة أمريكية وروسية تظل قائمة، ومن هنا تظل فرص مواجهات بين الدول الكبرى المشاركة في النزاع السوري قائمة عام 2019.

 

تركيا

 

ويرجح الموقع أن تواصل تركيا التركيز على القوات الكردية في سوريا، ما يعد مشكلة للولايات المتحدة، التي تستخدم قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر عليها قوات حماية الشعب الكردية، التي تنظر إليها تركيا على أنها قوات إرهابية، مثل قوة ضد تنظيم الدولة وقوات وكيلة ضد إيران. 

 

ويبين التقرير أن تركيا قد تواجه أزمة في شمال غرب البلاد، خاصة عقب تعهدها بحماية إدلب التي يحاول النظام استعادتها، ومن هنا فإن المحافظة، التي تعد آخر معاقل المعارضة السورية، قد تتحول إلى نقطة توتر في عام 2019، لافتا إلى أن المواجهة ستكون بين الجماعات المؤيدة لإيران وتلك المدعومة من تركيا وروسيا، وربما تحولت إلى نزاع على مستوى دولة ضد أخرى.

 

ويذهب الموقع إلى أن التحدي الأكبر لتركيا يظل هو معالجة اقتصادها الهش في عام 2019، ومعالجة المستوى العالي من التضخم، فيما قد يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه مجبرا على القبول بفاتورة دين تعادل ربع الناتج المحلي، وفي الوقت ذاته تجنب أزمة جديدة لليرة. 

 

وبحسب التقرير، فإن أردوغان سيحاول توسيع قاعدته الشعبية قبل الانتخابات المحلية في الربيع، ويتقرب من الأتراك القلقين بشأن الوضع الاقتصادي من الطيف الانتخابي كله، مشيرا إلى أن ما أضعف وضع تركيا الاقتصادي علاقاتها مع الغرب، فيما تعاني العلاقة مع الولايات المتحدة من التقلب؛ وذلك بسبب علاقات أنقرة مع موسكو، ودعم واشنطن لقوات حماية الشعب. 

 

ويقول الموقع إن أردوغان سيحاول التركيز على استقرار الاقتصاد، ونظرا لتعرض تركيا لضغوط من أمريكا، فإنها ستحاول جذب الاستثمارات، والحفاظ على علاقات اقتصادية مستقرة مع أوروبا. 

 

ويختم "ستراتفور" تقريره بالإشارة إلى أنه بالإضافة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، فإن أنقرة ستواصل تحقيق أهدافها الأخرى من ناحية التأثير على شمال غرب سوريا، واحتواء الجيب الكردي في شمال شرق سوريا، وضرب وحدات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)