صحافة دولية

WSJ: كيف أثر تراجع دور ابن سلمان على التقارب مع إسرائيل؟

وول ستريت: إقامة علاقات وثيقة بين السعودية وإسرائيل تواجه نكسات- جيتي
وول ستريت: إقامة علاقات وثيقة بين السعودية وإسرائيل تواجه نكسات- جيتي

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الدور الضعيف لولي العهد السعودي في مرحلة ما بعد قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي أعاق الجهود السرية لعقد صلات بين السعودية وإسرائيل، التي كانت تهدف إلى إقامة علاقات أقرب ومقابلات مع القيادة السعودية العليا.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن مبادرة سرية تدعمها الولايات المتحدة لإقامة علاقات وثيقة بين السعودية وإسرائيل، تواجه نكسات بعد تورط ولي العهد السعودي، الذي قاد هذه الجهود، في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مع اثنين من مساعديه.

وترى الصحيفة أن المشكلة تتمثل في أن المساعدين البارزين، وهما الجنرال أحمد عسيري وسعود القحطاني، أديا دورا مهما في الجهود السرية بين البلدين، وفصلا بعد الجريمة من مناصبهما؛ لدورهما في التخطيط للعملية التي قادت إلى مقتل الصحافي. 

ويلفت التقرير إلى أن الضجة الدولية التي تبعت الجريمة، وعدم الارتياح داخل البلاط الملكي، قادا إلى الحد من مساحة المناورة لولي العهد أمام المنافسين المحتملين، وقللا من الشهية للقيام بمغامرات محفوفة بالمخاطر في الشؤون الخارجية، مثل التقارب مع إسرائيل التي تعد عدوا للسعودية. 

وتستند الصحيفة في تقريرها إلى شهادات أشخاص مطلعين على الأمر، حيث قال مسؤول بارز في الحكومة السعودية: "بالتأكيد فإن الجهود قد بردت بعد قتل خاشقجي"، وأضاف: "آخر ما تريده المملكة هو الكشف عن هذا الأمر والتسبب بردة فعل". 

 

وينوه التقرير إلى أن القحطاني وعسيري قاما بدور مهم في المحاولات السرية مع إسرائيل، بحسب ما قال أشخاص مطلعين على جهودهما مع الدولة التي لا تعترف المملكة بها رسميا، مشيرا إلى أن القحطاني أصدر بيانات من أجل تحسين صورة إسرائيل في المملكة، التي تعرف بالعدو الصهيوني، وشارك في شراء السعودية نظام تجسس متقدما من شركات تكنولوجية إسرائيلية، واستخدم النظام للتجسس على النقاد وتكميم المعارضة في السعودية، بما في ذلك التنصت على اتصالاتهم الإلكترونية. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن عدة أشخاص عارفين بالوضع، قولهم إن العسيري، التابع للقحطاني، سافر سرا إلى إسرائيل عدة مرات، بشكل يجعله من أكثر المسؤولين السعوديين الذين وطأت أقدامهم البلد، وركزت زياراته على بحث الإمكانيات التي تستفيد منها المملكة من أنظمة الرقابة المتقدمة التي طورتها الشركات الإسرائيلية. 

وتقول "وول ستريت جورنال" إنه لا العسيري أو القحطاني ردا على رسائل هاتفية للتعليق على ما ورد في التقرير، فيما لم يعلق المتحدثون باسم الحكومتين السعودية والإسرائيلية، إلا أن الصحيفة تعلق على أثر عزل كل من العسيري والقحطاني على الدور المتراجع لولي العهد في أعقاب مقتل خاشقجي. 

ويجد التقرير أن الملك سلمان بات يضطلع بدور فاعل في شؤون الحكم بعد الجريمة، ولديه تحفظات لعقد علاقات ودية مع إسرائيل أكثر من ابنه البالغ من العمر 33 عاما، مشيرا إلى أن الملك سلمان وصف القضية الفلسطينية بالمحورية في المنطقة. 

وتذهب الصحيفة إلى أن النكسة لا تتوقف عند علاقات دافئة بين البلدين، بل على عمليات إعادة الاصطفاف في المنطقة، التي يراها الرئيس دونالد ترامب مهمة لاستراتيجيته في الشرق الأوسط، بما فيها احتواء إيران، وحل النزاع الطويل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

ويستدرك التقرير بأنه مع ذلك فإن العلاقات السرية ستتواصل بين البلدين؛ نظرا للمصالح التجارية والأمنية بينهما، فتتعامل الشركات الإسرائيلية مع السعودية على أنها سوق مربحة للمنتجات في مجال الأمن الإلكتروني، وكانت تفكر في الاستثمار في مشروع ولي العهد "نيوم"، الذي قدمه على أنه مدينة المستقبل، فيما تفكر السعودية في استثمار 100 مليون دولار في عدة شركات تكنولوجيا في إسرائيل. 

 

وتقول الصحيفة إن النقاش أصبح باردا مع أن الاتصالات لم تعلق، بحسب أشخاص مطلعين، لافتة إلى أنه حدث دفء في العلاقات بين البلدين رغم المخاطر السياسية في المملكة من تقاربها مع عدو ممقوت في العالم العربي، وينظر إليه على أنه محتل لأراضي الفلسطينيين ويحرمهم من دولتهم. 

 

ويذكر التقرير أن القادة السعوديين أخفوا علاقاتهم السرية مع إسرائيل؛ خوفا من الثمن السياسي الذي سيدفعونه في حال كشف علاقات مفتوحة مع إسرائيل، مشيرا إلى أن مدير الموساد يوسي كوهين التقى مسؤولين سعوديين عدة مرات في العام الماضي، بما فيها لقاء عقد في حزيران/ يونيو العام الماضي مع مسؤولين سعوديين بارزين، تحت رعاية أمريكية، وحضره مسؤولون من الأردن ومصر وضباط أمن فلسطينيون. 

 

وتنقل الصحيفة عن أشخاص يعلمون بطبيعة العلاقات، قولهم إن السعودية والإمارات العربية وإسرائيل تتشارك في المعلومات الأمنية المتعلقة بالتهديدات المشتركة.

 

وبحسب التقرير، فإن التقارب السعودي الإسرائيلي بدأ في الأيام الأخيرة من إدارة أوباما، حيث تشارك الطرفان في الخوف من الاتفاقية النووية مع إيران، التي اعتقدت الحكومتان أنها تقوي من منافستهما الإيرانية، مشيرا إلى أن إسرائيل والسعودية انتهزتا الفرصة بعد وصول دونالد ترامب إلى السلطة عام 2016، للتعامل مع بيت أبيض ميال لهما، والدفع بالأهداف الإقليمية المشتركة من أجل الحد من تأثير إيران والجماعات الوكيلة لها في المنطقة، فيما زادت محاولات التقارب بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في عام 2017. 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن العلاقات القريبة نفعت الطرفين، فقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالدفاع عن السعودية ضد الهجمة الدولية التي أعقبت جريمة اغتيال خاشقجي، وجاء دفاعه رغم ما استنتجته وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" بشأن تورط ولي العهد بالجريمة، واعتقد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين ممن اطلعوا على تقييم "سي آي إيه" أن محمد بن سلمان هو من أمر بالجريمة. 

 

ويورد التقرير نقلا عن أشخاص مطلعين، قولهم إن السعودية منحت رجال الأعمال الإسرائيليين إعفاءات من أجل السفر إلى المملكة بناء وثائق خاصة، ومنحت الحكومة السعودية هذه الوثائق بحيث سمحت لهم بدخول البلاد دون إظهار جوازات سفرهم الإسرائيلية. 

 

وتكشف الصحيفة عن أن القحطاني رغب في شراء نظام تجسس أنتجته شركة "أن أس أو غروب"، وفرعها "كيو سايبر تكنولوجي"، التي بدأت  تقدم للمملكة النظام التجسسي العام الماضي، بعد توقيع عقد بـ55 مليون دولار، وقال مسؤول سعودي: "كان القحطاني لاعبا رئيسيا في هذا الأمر.. كان يريد الأفضل، وكان يعلم أن الشركات الإسرائيلية لديها الأفضل". 

 

وينقل التقرير عن شركة "أن أس أو غروب"، قولها إنها تقوم ببيع النظام لوكالات حفظ النظام لمكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن القحطاني لم يشتر الـ"سوفت وير" الذي تنتجه.

 

وتعتقد الصحيفة أن العلاقات لم تكن مجرد عقود، بل رسالة من السعودية للمنطقة بأنها جاهزة لرفع مستوى علاقاتها الثنائية مع إسرائيل ولو بحذر.  

 

وينقل التقرير عن النائب الديمقراطي السابق روبرت ويكسلر، ومدير مركز "أس دانيال أبرامز" للسلام في الشرق الأوسط، قوله: "يعد مستوى التعاون الأمني والعسكري والتشارك الاستخباراتي بين إسرائيل ودول الخليج متقدما سنوات ضوئية عما كان في السابق".

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول ويكسلر: "دون حل للموضوع الفلسطيني الإسرائيلي فإن هناك سقف زجاجي" للعلاقات.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)