ملفات وتقارير

في اليوم العالمي لـ"العربية".. كيف نحميها بالتواصل الاجتماعي؟

اللغة العربية
اللغة العربية

في اليوم العالمي للغة "الضاد" والذي يحل الثلاثاء 18 كانون الأول/ديسمبر، تعيش اللغة العربية واقعا صعبا بين تهميش بالمدارس والجامعات ووسائل الإعلام، وبين كتابتها بشكل غير صحيح في زمن الإنترنت، ما يدعو للتساؤل حول كيفية إنعاش اللغة العربية عبر مواقع التواصل كونها الأكثر انتشارا.


وإلى جانب الأخطاء اللغوية فقد اختفت حروف وتم استبدال حروف بأخرى عبر تدوينات الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي، فلم يعد أحد يكتب الهمزة أيا كان وضعها من الألف، وتم استبدال حرف الهاء بالتاء المربوطة لتكتب تاء مفتوحة أحيانا، مع استخدام الحروف اللاتينية بدلا من العربية "الفرانكوأراب"، ما دفع الصحفي الجزائري الفضيل بن سعيد، للتطوع بتصحيح أخطاء المدونين عبر مواقع التواصل.

 


ومنذ اعتمادها كلغة رسمية بالأمم المتحدة في مثل هذا اليوم من عام 1973، تقرر الاحتفال بهذ التاريخ كيوم عالمي للغة العربية.


 لمن لا يعرفون؟

 

وهنأ الباحث والإعلامي أحمد رشدي، لغتنا العربية بيومها الذي يجهله الكثيرون، بقوله: "كثيرون لا يعلمون أن لغة الضاد أم اللغات القديمة، والمخطوطة الأقدم على الإطلاق بعمر المخطوطات بالعالم عثر عليها كانت ببلاد الضاد وبلغة الضاد، وهي الأكثر انتشارا بالعالم عبر اقتباس سائر اللغات الحية منها، ما دفع بعض البلدان لاعتمادها لغة ثانية مثل كوريا".

 

وأكد رشدي لـ"عربي21" أن "الحديث عن العربية والحرب المشرعة عليها يأخذنا لأبعاد أخرى؛ حيث مثلت الحرب عليها حربا على الهوية الجامعة لشعث العالم الإسلامي، فتحويل العربية من لغة تخاطب مع القرآن وتفاهم مع الشريعة أتقنها البخاري ومسلم وصلاح الدين وقطز وغيرهم من رموز الإسلام على مدار التاريخ من غير أبناء المنطقة العربية فصارت إلى عرقية وقومية ولغة محلية"، مضيفا أنه "لا يزال الحديث عن الحرب ضد اللغة كأحد نواتج الاحتلال لبلاد المسلمين".


كيف نعيد كرامتها؟


وحدد الباحث المصري، لهذا الهدف عدة نقاط، أولها "معرفة أسباب الانهيار حتى نعالجها"، واستخدامها بـ"العلوم والتقنية كونها ميزان اللغة وكون التقدم العلمي حينما كان مسلما كانت لغة العلم العربية"، والاستفادة بـ"ما تشهده الساحات العربية والعالمية من ثورة ضد موروث استبدادي يمكن توظيفها بإعادة إحياء اللغة بدفع المتخصصين لتبسيط قواعدها لعامة العرب وتطوير سبل شرحها لغير الناطقين بها".

 

وقال إنه "يمكن للاجئين أن يكون لهم دور بإحياء الفصحى كلغة تخاطب بينهم بعيدا عن لهجات كل قطر"، مشيرا لدور "نشطاء التواصل الاجتماعي باعتماد الفصحى البسيطة بكتاباتهم بعيدا عن اللهجات العامية".


وأضاف أنه "أصبح الآن من المتيسر عقد الدورات والندوات واللقاء عبر القاعات الافتراضية ما ييسر دعوة المختصين لعقد ورش عمل لبحث الأمر بينهم وعقد دورات اللغة"، مبينا أنه "يجب أن نقر بأن أبناءنا بخطر شديد إذا غُيبوا عن لغتهم أو غابت عنهم وعلينا أن نجتهد لوقف الخطر".


"لا خوف مع القرآن والسنة"


من جهته، يرى الباحث المصري عبدالله النجار، أن اللغة العربية "تعرضت دوما لمحاولات هدم"، موضحا أنه "كانت هناك دعوات دوما للتخلي عنها واعتماد العامية ولكنها دعوات لا تصمد؛ فالعربية لغة القرآن والسنة النبوية وتراثنا الإسلامي والتخلي عن الفصحى قد يحمل ببعض معانيه التخلي عن بعض الإسلام".


وقال النجار لـ"عربي21"، إن "اللغات تتطور -كما أثبت علماء اللغات- بمعدلات شبه ثابتة فالإنجليزية التي كتبها شكسبير تختلف عن المعاصرة ومعدل تغيرها ثابت لدرجة أنه لو كان لدينا نص إنجليزي يمكن للخبراء معرفة تاريخه من معرفة مقدار تغيره عن نص ثابت تاريخه".


وتابع: "نعود للعربية فنجدها استثناء من كل لغات العالم فهي لغة العبادة والنص الديني وبالتالي تتطور زمنيا كباقي اللغات ولكن وجود القرآن والسنة يجذبانها للأصل الفصيح".


ووصف واقع العربية بأنه "أليم؛ فتجد أستاذا جامعيا لا يجيد الكتابة بالفصحى فيلجأ للعامية، بل إن المشكلة تعدت الفصحى ومن يكتب بالعامية لا يجيدها أيضا وتجد تندرا وسخرية من كتابات بمواقع التواصل".


وأضاف: "لو جلس المشاهد العربي من المحيط للخليج يستمع لنشرة الأخبار فلن يجد صعوبة بفهمها؛ أما لو كان الحوار بالعامية فلن يفهم العربي المشرقي لهجة المغربي والعكس"، مشيرا إلى وجود "أصدقاء بشبكات التواصل من المغرب العربي يكتبون بعاميتهم فلا أفهم، وربما العامية المصرية وحدها تفهم بكل البلاد العربية لتأثير السينما والمسلسلات المصرية".


"في الانترنت المصيبة أعظم"

 
إلى ذلك، دعا الإعلامي والأديب مسعود حامد، من ينتهكون قواعد اللغة من العاملين بالإعلام إلى احترام اللغة، قائلا: "يؤلمني أن أرى اللغة تنتهك بالمؤسسات الإعلامية"، موضحا أن "الحرص على سلامة نطقها وكتابتها احترام لعقيدتك ولما تدعو إليه"، مضيفا أنه "إذا جعلت الفاعل مفعولا والمجرور منصوبا فأنت تهدّ بنيان بيتك وتخرب مسجدك أو دار عبادتك".


وتابع مسعود لـ"عربي21": "لا أطالب بأن تتحدث بقواعد اللغة الفصيحة طوال الوقت، وإن كان ذلك مكرمة دعا إليها دينك، فقط بالوقت الذي تتعامل بالفصحى على شاشتك لا تجرح مشاعري اللغوية بجهلك"، مبينا أن "أثر ذلك سيظهر حينما تربي جيلا على أن المهم هو المعنى العام بغض النظر عن الأخطاء فأنت تبعده عن المصحف وكتب التراث والأجداد".


وختم بالقول: "أما على الانترنت فالمصيبة أعظم، حيث لا رقيب ولا مقيم ولا معيارية بكتابة، سواء بالعامية أو بالفصحى، أو بالمزج بين اللغات أو باختراع لغة مستحدثة لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء، ما يعني أن المصيبة أعظم  والطامة كبرى".


التعليقات (0)

خبر عاجل