ملفات وتقارير

حفتر والسراج.. عام من المراوغة وفرص التقارب تتباعد

حفتر يصر على عدم الخضوع للمؤسسة السياسية التي يقودها السراج إلا بعد إجراء انتخابات عامة- أرشيفية
حفتر يصر على عدم الخضوع للمؤسسة السياسية التي يقودها السراج إلا بعد إجراء انتخابات عامة- أرشيفية

أجهض رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج على مدار العام الجاري، مساعي اللواء المتقاعد خليفة حفتر للوصول إلى منصب القائد العام للجيش، وفصل المؤسسة العسكرية والأمنية عن السياسية، حيث يسعى الجنرال الليبي إلى الانفراد بهما.

ويجمل تصريح رئيس أركان قوات حكومة الوفاق عبد الرحمن الطويل، إلى وكالة سبوتنيك الروسية الشهر الجاري، أصل الأزمة بين حفتر والسراج، والذي قال فيه "إن توحيد المؤسسة العسكرية يرتبط بتوحيد المؤسسة السياسية، وإنه ما دون توحيد القيادة السياسية لن يتم توحيد المؤسسة العسكرية، والمرتبطة بقيادة مدنية".

في الآونة الأخيرة اتفقت مواقف حفتر والسراج خاصة بعد مؤتمر باليرمو الذي عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فيما يتعلق برفضهما المبطن لقانون الاستفتاء على مشروع الدستور، وتعديل اتفاق الصخيرات فيما يخص تغيير المجلس الرئاسي من تسعة أعضاء إلى رئيس ونائبين، ومجلس وزراء منفصل عنه.

إلا أن موقف الرجلين تباعد بشكل ملحوظ من خلال إصرار حفتر على عدم الخضوع للمؤسسة السياسية التي يقودها السراج إلا بعد إجراء انتخابات عامة، يسّلم فيه حفتر بتبعية قواته للبرلمان والرئيس المنتخبين القادمين.

وفشلت كل محاولات القاهرة في الخروج بصيغة تمّكن حفتر من الانفراد بالمؤسسة العسكرية وخضوعها له، بدون أدنى تبعية لمجلس رئاسة حكومة الوفاق، وهو ما يرفضه السراج بشدة، متمسكا بنصوص اتفاق الصخيرات السياسي.

أطوار علاقة السراج بحفتر

ويؤكد الكاتب الليبي علي أبوزيد أن "علاقة حفتر بالسراج مرّت بعدة أطوار، تمثّل الطور الأول في غضّ الطرف عن حفتر والسكوت عنه في كثير من المواقف، وكان ذلك في بداية دخول السراج إلى طرابلس حيث كان ينتظر أن يقوم مجلس النواب بمهمة النقارب بينهما".


وأضاف أبوزيد لـ"عربي21" أنه "عندما أدرك السراج أن مجلس النواب لن يكون بوّابته إلى حفتر انتقل إلى طور آخر في العلاقة وهو طور الملاينة والتقارب الذي قد ينتج شراكة، وخاصة بعد لقائهما الأول في باريس وما صاحب ذلك من محاولات للتقارب من خلال عدة دول وأشخاص"، مؤكدا أن "تعّنت حفتر وإصراره على التفرد بالمشهد جعل من التقارب أمراً صعباً خاصة وأن هذا التقارب قد يكلف السراج الكثير وهو آنذاك يسيطر على طرابلس بيد مرتعشة وسلطة هشّة".

وأفاد الكاتب الليبي بأن "العلاقة بين الرجلين اتجهت إلى التباعد بعد أن بدأ الدعم الدولي للسراج في ارتفاع وزخمه يزداد، وخاصة بعد أن بدأت البعثة الأممية تركز على السلطة التنفيذية والإجراءات المتعلقة بها" وهذا "ما أشعر السراج بقوته في المعادلة السياسية، كما أن عجز مجلسي النواب والدولة على التوافق من أجل تغيير أو تعديل الرئاسي جعله هو الخيار الوحيد المتاح".

وفسّر أبوزيد تشبث السراج بالاتفاق السياسي بأنه "يمثل للسراج ضمانة لبقاء للدعم والاعتراف الدولي به، إضافة إلى ما يعطيه من قوة موقف إزاء حفتر كسلطة مدنية يجب أن يخضع لها الأخير وهذا ما جعل السراج يصر على موقفه من حوار القاهرة بخصوص المؤسسة العسكرية".

العلاقة لا يحددها حفتر أو السراج


في حين يرى الناشط السياسي أبوبكر بلال أن "العلاقة بين السراج وحفتر لا يحددها كل منهما، وأن ذلك من مهام ووظائف الداعمين الدوليين والإقليميين لهما"، مشيرا إلى أن "المتتبع لهذه العلاقة منذ بدء اتفاق الصخيرات وحتى الآن يدرك أنها تقوى حينا وتضعف أحيانا وهو ما يؤكد أن مقود هذه العلاقة ليس بيدي الرجلين".

 

اقرأ أيضا: الذكرى الثالثة للاتفاق السياسي الليبي.. ما الذي تحقق؟

وقال بلال لـ"عربي21" إن "تمنع حفتر ورفضه لاتفاق الصخيرات والخضوع له نابع من رغبة قوى إقليمية ودولية في ذلك؛ الأمر الذي يقابله السراج ومن يدعمه دوليا بالصدود والإعراض في وجه مشروع حفتر والكرامة وهو ما يفسر جمود هذا المشروع وعدم تقدمه".

ورفض الناشط السياسي ما يدعيه البعض من "توطئة طرابلس لحفتر من قبل السراج" معتقدا أن تلك "تخوفات ليست في محلها، فالسراج الذي جيء به ليقود الاتفاق لا شك أن له رغبة في الحكم والسلطة الأمر الذي يجعله متشبثا بكرسي الحكم ولا يعقل أن يتركه لحفتر المرفوض من قطاع ليبي عريض، كما يرفضه جزء من المجتمع الدولي فضلا عن بعض الدول الإقليمية".

ضد حفتر


من جانبه يعتقد مدير مركز اسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي، أن " مشروع حفتر لا يقتصر فقط على قيادة المؤسسة العسكرية، بل يسعى للسيطرة على كامل القطر الليبي، ويرى أن السراج واتفاق الصخيرات ومشروع الدستور كلها عوائق في وجه هدفه".

وذكر الراجحي لـ"عربي21" أن "السراج عقبة مؤقتة في طريق حفتر، الذي يسعى من خلال مفاوضات القاهرة على مدار العام الماضي للخروج بمنصب القائد العام للجيش، والذي إن حصل عليه، سيوسع من مشروعه لقيادة ليبيا".

وانتهى مدير مركز اسطرلاب إلى أنه لدى "السراج الطموح ذاته فيما لو جرت انتخابات رئاسية، وأن حفتر سيكون عقبة أمام هذا الطموح نحو الرئاسة، فمن هنا اتخذ السراج قراره بمعارضة ومناكفة حفتر وعدم منحه أي سلطة ولو بسيطة تمكنه من التفرد بليبيا".

الصراع الإقليمي


هذا ورفض الأكاديمي الليبي أحمد يونس التفسيرات السابقة لطبيعة العلاقة بين حفتر والسراج، مشيرا إلى أن "حقيقة الخلاف في أصله هو إقليمي، بين دول سعت لعسكرة المشهد السياسي في ليبيا، إبان موجة الثورات المضادة التي اجتاحت عدة دول".

 

اقرأ أيضا: 2018.. عام المؤتمرات والاشتباكات والانتخابات في ليبيا

وقال يونس لـ"عربي21" إن حفتر يمثل تيارا أعرض من الداخل الليبي، حيث سعت مصر والإمارات والسعودية إلى تمكين اللواء المتقاعد من حكم ليبيا، وإن فشلت في هذا المسعى، فلا أقل من إرباك ليبيا وإدخالها في دوامة حرب أهلية تمنعها من الاستقرار".

وأكد الأكاديمي أن "مصر والإمارات نجحتا في تقسيم ليبيا فعليا، إلى شطر شرقي يحكمه حفتر، وآخر غربي يسيطر عليه السراج نظريا بدعم دولي"، منوها إلى ضرورة "حل هذا الخلاف الإقليمي أولا حتى تستجيب الأطراف كلها لمباحثات السلام".

التعليقات (0)