ملفات وتقارير

السيسي يكلف المخابرات باختبار الولاء السياسي للمرشحين للنيابة

مستشار قضائي: القضاة يدفعون الآن ثمن تأييدهم لعبد الفتاح السيسي
مستشار قضائي: القضاة يدفعون الآن ثمن تأييدهم لعبد الفتاح السيسي
أكد قضاة وقانونيون أن تكليف المخابرات العامة بعقد مقابلات شخصية مع المتقدمين لوظائف قضائية، ومنح المخابرات حق قبول أو رفض أي من المرشحين، بعد إخضاعهم لاختبارات تكشف الولاء السياسي والجنسي للمرشح، والانتماء الفكري والديني له ولأسرته، يمثل ضربة موجعة لاستقلال القضاء.

وحسب معلومات حصلت عليها "عربي21"، فإن تكليف جهاز المخابرات يمثل قيدا جديدا يضاف لتكليف هيئة الرقابة الإدارية وقطاع الأمن الوطني بإجراء التحريات اللازمة للمتقدمين لشغل وظيفة معاون نيابة عامة، أو معاون بهيئة الرقابة الإدارية، أو مستشار بمجلس الدولة.

وتشير المعلومات إلى أن الدفعات التي تقدمت لوظائف في سلك القضاء والنيابة من كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة دفعات 2014 و2015 و2016 و2017، لم يتم قبول إلا أعداد قليلة للغاية منهم، معظمهم من ضباط الشرطة الذين حولوا مسارهم الوظيفي من الشرطي للقضائي.

وتؤكد المعلومات أن المجلس الأعلى للقضاء ومجالس إدارة نوادي القضاة بالمحافظات، والجمعية العمومية لمجلس الدولة، تلقوا شكاوى من قضاة عاملين بهذه الهيئات، اعترضوا فيها على عدم قبول أبنائهم في الوظائف القضائية المتاحة، على عكس ما كان يحدث في الماضي، وتفضيل ضباط الشرطة دون غيرهم من المتقدمين لوظائف بالسلك القضائي.

كما تؤكد المعلومات أن المجلس الأعلى للقضاء أخطر القضاة الغاضبين بشكل ودي بأن التعيينات أصبحت فعليا بيد الأجهزة الأمنية، وأن مهمة المجلس هو تلقي الأوراق ومطابقتها بالشروط القانونية، وإرسال المستوفي منها لرئاسة الجمهورية التي تقوم باتخاذ باقي الإجراءات الأمنية، ووعد أعضاء المجلس القضاة الغاضبين بإيصال صوتهم لرئاسة الجمهورية، واستثناء أبنائهم من الشروط الأمنية المفروضة على التعيينات.

من جانبه، يؤكد المستشار القضائي حمدي المجدلاوي، لـ"عربي21"، أن القضاة يدفعون الآن ثمن تأييدهم لعبد الفتاح السيسي وانقلابهم على الرئيس المنتخب محمد مرسي، موضحا أن السيسي اتخذ عدة إجراءات للسيطرة على السلك القضائي، بما يضمن المزيد من تحكمه بمنصات القضاء ودواوين النيابة العامة.

ويشير المجدولاي إلى أن توريث مناصب القضاء كان بمثابة العرف المتوافق عليه داخل الهيئات القضائية، ولكن ما يجري منذ ثلاثة أعوام، بوقف التعيينات، وقصر معظمها على ضباط الشرطة الذين يتقدمون لوظائف النيابة العامة، بالإضافة لسيطرة هيئة الرقابة الإدارية وقبلها المخابرات على التعيينات، قلل من وجود هذا العرف.

ووفقا للمستشار القضائي، فإن "فرملة توريث أبناء القضاة لم يكن لصالح باقي فئات الشعب، وإنما كان من أجل تضييق الدائرة لصالح خدم نظام السيسي فقط، وهو ما يبرر إلزام السيسي المرشحين للوظائف القضائية بالخضوع لاختبارات الأكاديمية الوطنية للشباب التي تشرف عليها هيئة الرقابة الإدارية، رغم أن وزارة العدل فيها معهد بحوث القضاء والتدريب، والذي كان يقوم بمهام إعداد وكلاء النيابة الجدد".

وفيما يتعلق بمنح المخابرات العامة سلطة تحديد من يتم تعيينهم ممن يتم رفضهم، يؤكد المجدولاي أن الظاهر أنها المخابرات العامة باعتبارها مؤسسة أمنية غير عسكرية، بينما الواقع أن التقييم في يد المخابرات الحربية التي أصبحت تتحكم في مفاصل المخابرات العامة منذ تولي السيسي مسؤولية الحكم، والهدف في النهاية هو إحكام السيطرة على إحدى السلطات الرئيسية في الدولة، وهي القضاء، بعد أن سيطر على الإعلام والبرلمان.

ويتفق المستشار القانوني أسامة العاصي مع رأي المجدولاي، مؤكدا أن السيسي عندما أنشأ دوائر خاصة للإرهاب لنظر القضايا الخاصة بخصومه من جماعة الإخوان وغيرها، فإنه قسم القضاء بين الموالين له وعدم الموالين له، وفيما يتعلق بالفئة الأولي فإنها لا تتجاوز 30 قاضيا، يتمتعون بحماية أمنية وامتيازات مادية ووظيفية ليس لها مثيل، باعتبارهم صمام الأمان القضائي للسيسي ضد خصومه.

وحسب رأي العاصي لـ"عربي21"، فإن باقي القضاة متساوون أمام نظام السيسي، ومن هنا كان تقليص المميزات التي يحصلون عليها، والتعامل معهم بالأسلوب ذاته المتبع مع باقي الهيئات والمؤسسات والفئات، وهي فرض السيطرة الكاملة وخضوع المؤسسة القضائية لرقابة أمنية من جهات متعددة، نظرا لحساسيتها وخطورتها على خلاف باقي المؤسسات.

ويتوقع الخبير القانوني أن يؤجل السيسي صدامه المباشر مع القضاة لما بعد خطته المتعلقة بالتعديلات الدستورية، ولما بعد انتخابات البرلمان المقرر لها نهاية عام 2019، التي تعتمد على القضاة بشكل كبير. وفي حال الصدام الكامل معهم، فإن إشرافهم على الاستفتاء الخاص بالتعديلات، أو الانتخابات البرلمانية، سيكون محل شك، حتى في ظل وجود هيئة وطنية للانتخابات يمكن لها الاستعانة بغير القضاة في الإشراف على الانتخابات والاستفتاءات.

وفيما يتعلق بالتوسع في تعيين ضباط الشرطة بسلك النيابة، يؤكد العاصي أنه ليس توجها جديدا، ولكن يشهد توسعا في الفترة الأخيرة، خاصة أنه في  كثير من الأحيان يكون تعيين ضباط الشرطة بالقضاء مكافأة على ما قدموه للنظام، موضحا أن معظم قضاة ووكلاء نيابة أمن الدولة العليا كانوا ضباطا بالشرطة، وهو وفر على السلطة كثيرا من الوقت والجهد في اختبارات الولاء السياسي.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل