حقوق وحريات

مختصون: 2018 شهد أكبر موجة قمع لحقوق الإنسان في مصر

عام 2018 شهد اعتقال محامين وحقوقيين وإخفاء بعضهم وتعليق بعض المنظمات الحقوقية وإغلاق أخرى- جيتي
عام 2018 شهد اعتقال محامين وحقوقيين وإخفاء بعضهم وتعليق بعض المنظمات الحقوقية وإغلاق أخرى- جيتي

قال حقوقيون مصريون لـ "عربي21"، إن تبرئة جميع المتهمين في "قضية التمويل الأجنبي" المتهم فيها أكثر من أربعين شخصا بعضهم من جنسيات أجنبية، مقابل اعتقال الحقوقيين المصريين بالداخل وإخفائهم قسريا، لخص العلاقة بين نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، والمنظمات الحقوقية المحلية والأجنبية.


وبرأ القضاء المصري في 20 كانون الأول/ ديسمبر الجاري جميع المتهمين الـ 43 الذين سبق وصدر بحقهم أحكام في يوليو 2013 في إعادة المحاكمة في القضية رقم 173 لسنة 2011، المعروفة بـ "منظمات المجتمع المدني".

وشهد عام 2018 اعتقال محامين وحقوقيين وإخفاء بعضهم، وتعليق بعض المنظمات الحقوقية عملها، وإغلاق البعض الآخر، في أسوأ موجة تشهدها المنظمات الحقوقية في مصر منذ الانقلاب في تموز/ يوليو 2013، وانتقادات واسعه محليا ودوليا.

 

وأثار اعتقال الأجهزة الأمنية المصرية 18 حقوقيا، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي من بينهم 9 سيدات، إحداهن الحقوقية هدى عبد المنعم التي تجاوزت الستين من عمرها، انتقادات كبيرة، ومطالب بضرورة الإفراج عنهم.

وفي نفس الشهر، أعلنت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تعليق عملها الحقوقي بمصر لحين إشعار آخر، احتجاجا على ما وصفته بالإجراءات القمعية الأخيرة ضد العاملين بحقوق الإنسان.

 

اقرأ أيضا: منظمات حقوقية تطالب باطلاق جميع الحقوقيين المعتقلين بمصر

انتقادات دولية

وفي كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أقر البرلمان الأوروبي، عددا من التوصيات المتعلقة بالأوضاع الحقوقية في مصر، داعيا الدول الأوروبية إلى وقف تصدير الأجهزة التي يستخدمها نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في تعذيب أو مراقبة معارضيه.

وفي الشهر ذاته، وجه نحو خمسين نائبا أمريكيا من  الحزبين الجمهوري والديمقراطي، رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، قالوا فيها إنهم "لا يستطيعون تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في مصر"، وأشاروا إلى قضية علا ابنة الشيخ يوسف القرضاوي المعتقلة هي وزوجها حسام خلف منذ حزيران/يونيو 2017 دون محاكمة.

في حين أكدت منظمة العفو الدولية أن انتهاكات حقوق الإنسان تحت حكم السيسي استمرت بلا هوادة في عام 2018، متهمة السلطات باستخدام التعذيب والإخفاء القسري ضد المئات من السياسيين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني.

طوارئ السيسي

واستهجن مدير مركز هشام مبارك للقانون مصطفى أبو الحسن، الأسلوب الأمني للسلطات المصرية في مواجهة المعارضين أو المخالفين، قائلا: "إغلاق كل منافذ التعبير عن الرأي بسبب الخلاف في الرأي أمر غير مقبول، والتعامل الأمني مع العمال أو الحقوقيين أو الصحفيين انتهاك واضح".

وفي حديثه لـ"عربي21" عن أوضاع الحقوق والحريات، تساءل: "لماذا لا تسمح السلطات للمصريين بممارسة المعارضة أو التعبير عن الرأي عبر الصحف أو الإعلام أو حتى التظاهر السلمي الذي كفله دستور 2014".

 

اقرأ أيضا: لجنة مصرية جديدة لحقوق الإنسان.. هل يستفيد منها المعتقلون؟

ولكنه استبعد قدرة النظام على الاستمرار في الاعتماد على الأسلوب الأمني، قائلا: "زيادة حجم المشاكل الاجتماعية تكبر في مصر ككرة الثلج، وإذا لم يفتح المجال أمام التعبير عن الرأي والحريات سيكون الانفجار وشيكا وكبيرا وغير محتمل".

كما انتقد استمرار فرض حالة الطوارئ في البلاد في عام 2018، مؤكدا أن "تمديد حالة الطوارئ المستمر مخالف للدستور، وينتهك حقوق المصريين، لكن يبدو أن المراد من التمديد هو إحكام القبضة الأمنية، وتوغل عمل السلطات الأمنية في كل شيء".

أشكال القمع

من جهته؛ قال مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبدالمنصف، لـ"عربي21" إن واقع المنظمات الحقوقية في مصر في ظل النظام القمعي هو واقع مزر لأنه يخشى من منظمات المجتمع المدني بشكل عام، والمنظمات الحقوقية بشكل خاص؛ لأنها الناقل الحقيقي لواقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أي دولة؛ وبالتالي توعية المجتمع المحلي والدولي بحقيقة الأمور يخيف تلك الأنظمة لما فيه من كشف أو فضح للحالة المتردية في تلك الملفات".

وتوقع أن تستمر حالة التضييق الأمني، قائلا: "ستبقى منظمات المجتمع المدني من صحافة وإعلام حر، والمنظمات الحقوقية المدافعة عن الحقوق والحريات من أكثر المنظمات اضطهادا وملاحقة في مصر بسبب الانتهاكات التي ترتكب بشكل مستمر في انتهاك لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية".

وأضاف أن "أشكال الانتهاكات متعددة من بينها الاعتقال التعسفي، والحبس الاحتياطي، والمنع من السفر، والتحفظ على الأموال والممتلكات ومصادرتها، وإغلاق المكتبات، ومكاتب المنظمات، والتعامل الفظ مع الحقوقيين، والتضييق على عملهم، وكلها متعمدة".

واعتبر أن عام 2018 "شهد أكبر قمع مباشر للمواطنين بشكل عام، والحقوقيين بشكل خاص، وأخطر أنواع القمع هو القانون الذي ظهر بخصوص منظمات المجتمع المدني والأهلية، لما يشكله من القضاء على عمل تلك المنظمات، وجعلها تحت السيطرة الأمنية".

 

التعليقات (0)