ملفات وتقارير

5 سيناريوهات متوقعة بالسودان بظل الاحتجاجات.. تعرف عليها

السودانيون خرجوا في احتجاجات تنديدا بالأوضاع الاقتصادية وينادي البعض بإسقاط البشير- تويتر
السودانيون خرجوا في احتجاجات تنديدا بالأوضاع الاقتصادية وينادي البعض بإسقاط البشير- تويتر

تثير الاحتجاجات الواسعة في السودان، تساؤلات عدة عن السيناريوهات المتوقعة لمستقبل البلد الذي يعيش أوضاعا اقتصادية متردية.

ويأتي في مقدمة السيناريوهات، تكهنات حول مصير الرئيس السوداني عمر البشير، وإمكانية وقوع أحداث مفاجئة قد تطيح بحكمه، أو أن تذهب الأوضاع إلى تسوية ما بين المتظاهرين والقصر الرئاسي.

 

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن محللين سيناريوهين قالت إنهما مستبعدان، وثلاثة أخرى اعتبرت أنها واردة وأقرب للحدوث.


سيناريوهان مستبعدان حاليا: 


- أن يتنحى البشير، ويدفع محله بشخصية موالية له
- أن تنفذ قوى داخل النظام "انقلاب قصر"


سيناريوهات واردة:


- حدوث تسوية سياسية بين قيادات بالمعارضة والنظام 
- أن يطيح المحتجون بالبشير
- حدوث تدخل خارجي لدعم النظام أو المحتجين

ويشهد السودان احتجاجات منددة بتدهور الأوضاع الاقتصادية، شملت 13 ولاية من أصل 18، وسقط خلالها ثمانية قتلى، بحسب السلطات، بينما تزيد المعارضة الحصيلة إلى 22، إضافة إلى عشرات المصابين، في حين تتحدث منظمة العفو الدولية عن 38 قتيلا.

 

اقرأ أيضا: الأمن السوداني يقمع مظاهرة حاشدة قرب قصر البشير (شاهد)


وفي توضيح للسيناريوهات، نقلت الوكالة عن الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله رزق، قوله إنه مع عجز الحكومة عن إيجاد مخرج للأزمة، فمن المتوقع أن تستمر الاحتجاجات.

وأضاف وفق رؤيته: "ستتطور الاحتجاجات كيفا وكما، وتتعمق أكثر فأكثر، مع فشل النظام في معالجة الأزمة واستخدامه القوة المفرطة".

رئيس جديد

يرى مراقبون أن هناك سيناريو محتملا يتمثل في حدوث تغيير على مستوى الرئاسة فقط، عبر تنحي الرئيس البشير، الذي يتولى السلطة منذ انقلاب عام 1989 ، ويدفع محله بشخصية موالية له، وهو حل مؤقت يحتمل فشله، ما سيجدد الاحتجاجات.

ويقول هؤلاء إن هذا السيناريو سيضمن استمرار الدائرة المقربة من البشير من خلال وجه رئاسي جديد، لكنهم يستبعدون أن يقبل البشير أو أنصاره في الحزب الحاكم وفي باقي مفاصل الدولة أن يتنحى.

وتعليقا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي، محمد الفكي سليمان: "أستبعد فرضية أن يزيح الإسلاميون البشير كما أنه ما يحفز البشير على مواصلة خوض المعركة هو نجاته من هبات شعبية سابقة، لذلك يبدو الرجل واثقًا من أنه سيجتاز المواجهة رغم صعوبتها".

لكنه يشدد على أن "البشير لن يتناسى أن هذه المرة ليست كسابقتها، إذا امتدت الاحتجاجات في كل أنحاء السودان، وخرجت من مواقع يفترض فيها أنها مناصرة للنظام".

وانتخب البشير رئيسا في 2010، ثم أعيد انتخابه في 2015 لدورة رئاسية تنتهي في 2020، دون احتساب فترات حكمه منذ وصوله إلى السلطة في حزيران/ يونيو 1989.

ومرارا أعلن البشير عن زهده في السلطة، وعدم ترشحه في الانتخابات المقبلة، لكن أصواتا وقرارات من حزبه نادت خلال الفترة الماضية بإعادة ترشيحه.

انقلاب داخلي

وكان لافتا أن إعلان حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في آب/ أغسطس الماضي، إعادة ترشيح البشير لانتخابات الرئاسة 2020 جاء متأخرا عن تأييد أحزاب وجهات أخرى.

حتى إن بعض ولاة الولايات دشنوا حملات لترشيح البشير قبل الحزب الذي يترأسه، وهؤلاء يدينون للبشير بالولاء، فالرئيس هو من يرشحهم للمناصب.

هذا التأخير داخل حزب الرئيس اعتبره البعض دليلًا على وجود تباين بشأن إعادة ترشيح البشير للرئاسة، فيما رآه آخرون عكس ذلك وأنه كان خطوة تمهيدية محسوبة ومخططا لها.

 

اقرأ أيضا: قائد بالجيش السوداني يدعو لتوفير العيش الكريم للمواطنين


وفي الأونة الأخيرة عمد البشير إلى إصدار قرارات، ثم العودة إلى الحزب لاحقًا على عكس السابق، حيث كانت الكلمة أولًا للمكتب القيادي للحزب.

ولعل أوضح مثال على ذلك، بحسب محللين، هو إقالة بكري حسن صالح من رئاسة الوزراء، وتعيين معتز موسى، في أيلول/ سبتمبر الماضي، محله.

وترى أوساط سياسية أن ذلك يعكس خلافا "مكتوما" بين البشير وبعض قيادات حزبه، إلا أن ذلك لا ينفي، وفقا لمراقبين، أنهم قد يسعون إلى "انقلاب قصر"، بأن يطيحوا بالبشير.

ودفع ذلك الاحتمال الأمين العام للحركة الشعبية المتمردة، ياسر عرمان، إلى التحذير من سيناريو يُعد لقطع الطريق أمام الاحتجاجات الشعبية.

وقال عرمان، على "فيسبوك": "إن شيئا يدبر بليل ومشاروات تجرى في الدائرة الضيقة دون علم صاحب الدائرة (البشير)، ومع آخرين لقطع العمل أمام شعبنا المنتفض لأجل حريته".

ودعا عرمان، السبت الماضي، إلى "توحيد كل أصحاب المصلحة في التغيير لبذل جهدهم للوقوف ضد هذا التحرك".

وفي اليوم التالي، دخل الجيش السوداني على هذا الخط، بإعلان التفافه حول قيادته، حيث يتولى البشير منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما يجعل سيناريو الانقلاب الداخلي مستبعدا في الوقت الراهن.

غير أن المحلل السوداني رزق يرى على مدى أبعد أن "عدم وجود مخرج من الوضع المأزوم من شأنه أن يعمق الخلافات داخل النظام، ويترتب عليه صراعات متعددة".

وقال: "سيؤدي ذلك إلى فرز قوى موجودة وكامنة ترى في استمرار النظام بعجزه الراهن تهديدًا لمصالحها، ما يضعها أمام خيارين: القفز من المركب الغارقة أو الالتحاق بقطار الثورة لحجز مكان لها مستقبلًا".

وأضاف أن هذه القوى "يهمها حماية مصالحها بتنفيذ انقلاب قصر، وبعض أطراف النظام قد تنتهز الفرصة بتقديم نفسها كحكومة انتقالية محمولة على رماح انقلاب القصر".

تسوية سياسية

 

وتدور تكهنات عن تسوية سياسية واردة بين قيادات في المعارضة والنظام، ربما تدفع باتجاه تأجيل الخلافات وصولا إلى انتخابات 2020، وفق شروط بينها إطفاء النزاع في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.


وتُتهم أحزاب، على رأسها حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، بعقد صفقة مع الحكومة لإفشال الاحتجاجات.

والسبب، وفقا لمراقبين، هو أن الحراك الجماهيري غير المأمون العواقب يمكن أن يطيح بالكثيرين، حتى داخل المعارضة، والدفع بقوى سياسية وقيادات جديدة.

وهو ما قد يمثل تهديدًا لقيادات تاريخية، في مقدمتها رئيسا أكبر حزبين تقليدين، وهما: محمد عثمان الميرغني رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، والصادق المهدي رئيس حزب الأمة.

ويرجح مراقبون أن تحظى هذه التسوية بدعم من الاتحاد الإفريقي، وأن تجد أيضا دعما واسعا من كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

ورغم نفي الصادق المهدي وجود أي صفقة له مع الحكومة، إلا أن مراقبين يقولون إنه يتم الترتيب لها منذ قبل الاحتجاجات، وزاد اليقين أكثر بوجودها خلال الاحتجاجات.

ويرى خبراء أن ثمة دافع متوفر لدعم "التسوية السياسية" المحتملة لدى أنصار المعارضة، وهو تجنيب السودان التفتت، بدعوى أن المحتجين في الشارع لا تحركهم أحزاب سياسية، والانفلات هو الراجح جراء هذا الغضب العفوي.

الإطاحة بالرئيس

ويعد هذا السيناريو الأخطر، وتخشاه دول عديدة إقليمية ودولية، إذ إنه إن تمكن المحتجون من الإطاحة بالبشير وحكومته، فهذا يعني أن هذه الدول خسرت صديقا قادرا على تنفيذ مطالبها.

كما أن نجاح المحتجين غير مأمون النهايات، لكن محللين كثيرين يرون أن هذا الخيار وارد حدوثه.

ويقول المحلل والكاتب محمد الفكي سليمان، إن البشير "سيواجه حتى النهاية، وستتمكن الثورة من الإطاحة به لا ريب، بعد أن اجتازت يومها الخامس بنجاح، وأصبحت أكثر تنظيمًا".

تدخل خارجي

بالنظر إلى مؤشرات كثيرة، بحسب خبراء، من السهل تحديد أصحاب المصلحة في بقاء نظام البشير أو الإطاحة به.

فعلاقات السودان الخارجية ظلت في تناقض مستمر ومتقلبة حسب ما يراه النظام تارة في صالح السودان، وتارة أخرى حسب منطلقاته الأيدلوجية.

وطاف النظام في تحالفاته مع الأضداد الدوليين والإقليمين، متجولًا في مواقفه مع الولايات المتحدة الأمريكية تارة ومع روسيا تارة أخرى، مرورًا بإيران والسعودية.

وكذا الحال بالنسبة لدول الجوار الإفريقي، إذ شهدت علاقاته معها مدا وجزرا. لكل ذلك يرى متابعون أن التدخل الخارجي لدعم نظام البشير أو المحتجين هو أمر وارد.

ويتحدث مراقبون عن حالة الاتحاد الأوروبي المستفيد من أدوار حكومة البشير في إيقاف زحف المهاجرين غير النظاميين من شرق إفريقيا إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا.

وأعلن أمير دولة قطر، الأمير تميم بن حمد، دعمه للسودان، على خلفية الاحتجاجات.

على الجانب الآخر في الخليج العربي، فإن أي تغير في السلطة قد يؤدي إلى تغير في مواقف الخرطوم تجاه كل من السعودية والإمارات، خصوصا مشاركتها في حرب اليمن.

وخلص الكاتب السوداني عبد الله رزق، إلى أن "الأمر لا يتعلق بقوى النظام وحسب، لكن أيضا بقوى خارجية يهمها تأمين مصالحها وتجد نفسها مدفوعة للتدخل باسم تلك المصالح للمشاركة في تحديد مستقبل السودان".

التعليقات (0)