قضايا وآراء

الحركة الإسلامية وآفاق التجديد.. السياسة والحكم والسلطة (3)

هاني الديب
1300x600
1300x600
أولاً: إن الوعي والعمل بالسياسة أمر مطلوب شرعا، وتأصيله يعود إلى مسلكين أساسيين:

- مسلك التأصيل بالنصوص الشرعية الداعية إلى العدل بين الناس وأداء الأمانات، ومنها أمانة الحكم العادل والسياسة النافعة.

- ومسلك التأصيل بالقواعد العامة كقاعدة "تصرف الحاكم على المحكوم منوط بالمصلحة"، وقاعدة "الضرر يُزال"، وقاعدة "يختار أهون الشرين". وكذلك مسلك التأصيل بالمقاصد التي هي جلب المصالح ودرء المفاسد، والوسائل التي لها أحكام المقاصد، واعتبار مآلات الأفعال وقصد المكلف.

وعموما، فإن مراعاة المقاصد في الحكم والسياسة يراد به نفع الناس وتحقيق ضرورياتهم وحاجياتهم وتحسيناتهم؛ بضوابط ما هو أولى وأصلح وأعدل، وبميزان العدل والإحسان وحسن النظر والتنزيل.

وعليه، فيكون من حق المسلمين في كل مكان أن يهتموا بالسياسة والحكم في إطار القانون والممكن والمصلحة، وبما يجعلهم إيجابيين؛ يعززون وجودهم الإسلامي وحقوقهم المشروعة، ويحترمون العهود والشروط التي يلتزمون بها بمقتضى الجنسية والمواطنة والنظام.

ومعلوم أن الحكم والسياسة أمر معقول المعنى؛ يرتبط بالتقدير المصلحي والاجتهاد الواقعي المبني على الأسس الشرعية المتعلقة بالنية والقصد والأصول والمقاصد الشرعية والقيم الأخلاقية، وحسن الجزاء من الله تعالى. كما يعد الحكم أحد قضايا الحكم الشرعي التكليفي الذي يتنزل في الحكم الشرعي الوضعي؛ الذي يعتني بإطار الزمان والمكان والحال والمآل والقدرة والمانع والكيفيات والمقادير، وسائر ما يتحقق به الحكم التكليفي في الواقع بصيغ محددة وإجراءات ومعادلات.

ثانيا: الهدف من "الحكم والتمكين" هو وسيلة لتبليغ الرسالة، وسياسة الحياة، وصبغها بمنهج الله تعالى، من منطلق المواطنة واليسر والاستطاعة في مسالك العمل البرلماني والبلدي وغيره.

ثالثا: يقوم الحكم على ثبات المبادئ والغايات، والمرونة في الوسائل والآليات، والاستفادة من المنجز الحضاري الإنساني. ويسعى المسلم لإيجاد الحكم الصالح القائم على الكفاءة في مستوياته المتعددة، مثل الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالتعاون مع الجميع.

رابعا: الوسائل التي يقرها الإسلام في اختيار الحاكم تأخذ حكم مقاصدها، وتتأسس شرعية الحاكم على الاختيار الرضائي الحر، وعلى أن الشعب هو مصدر السلطة.

خامسا: "الوصول للحكم" بمفهومه الواسع والمتجدد وفي إطار القانون والدساتير، يمثل حقا من حقوق المواطنة. وينبغي للمسلمين الاهتمام به واستثماره في ازدهار أقطارهم، وتنميتها واستقرارها، على أساس القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، والأولوية في هذا السياق تعزيز المشاركة السياسية عبر الأدوات القانونية المختلفة.

التوصيات:

1- تأسيس الوعي الدقيق بتأصيل "السياسة والحكم"، والإفادة به عبر التكوين والتدريب والخطاب والإفتاء والتربية والبحث والدرس.

2- وصل العلم السياسي الشرعي بالوعي القانوني والعلمي في مجال العلوم السياسية والاجتماعية والإنسانية وغيرها.

3- بحث قضية "توليف المرجعية الإسلامية من المرجعية الدستورية والكونية"، وإقامة ندوات في الموضوع؛ يحضره شرعيون وقانونيون ودستوريون.

4- بحث تجارب سياسية بمرجعية دينية غير إسلامية، وعقد ندوات في ذلك، مع استحضار دراسات مقارنة في هذا الصدد.

5- إقامة الأطر العلمية والتطبيقية والفنية، لتحويل القيم الإسلامية إلى نظم وأدوات ومشروعات ومعايير ومؤشرات.

6- تنظيم حلقات علمية تكوينية في موضوعات الندوة الفكرية التي انعقدت في ميلانو، للفاعلين في مجال الدعوة والفكر والمجتمع والسياسة في أوروبا.
التعليقات (1)
مصري جدا
الأربعاء، 09-01-2019 01:12 م
هو حضرتك بتكتب لمين ،،، للشعوب والنخب العربية ،،، أكيد لأنك كاتب المقال باللغة العربية والمصادفة انه في موقع اسمه عربي 21 ،،، يا دكتور غالبية الشعوب والنخب التي تكتب لها غير مسموح لها الكلام او التنقل او التعلم او التدريب ،،، أي اجتماع يصنف تآمر لقلب نظام الحكم ،،، وفي احسن الاحوال يعتقل ويسجن ويعذب ،،، والعادي هو التصفية والقتل خارج القانون ،،، اتصور ان المخلصين امثالك بحاجة لعمل ورش عمل مع بعضهم البعض لتحديد المشكلة العربية الحالية بدقة ،،، ولا مانع أن تكون حملة نشر الوعي وتصحيح المفاهيم وتحديد الوسائل الممكنة والإجراءات المتاحة ،، منها ما هو موجه لأنظمة الحكم المستبدة من باب النصح ،، ومنها ما هو موجه للنخب او بقايا المعارضة شريكة الكوارث ،، ومنها ما هو موجه للقيادات الوسيطة في بقايا التجمعات والأحزاب والجماعات ،، وهذا هو الأهم لتكوين منصات قيادة بديلة لمنصات الاخفاق والفشل ،،، بالله عليكم لا تجعلونا نعيش الحسرة مرات ومرات ،، مرة بسبب الإخفاق والفشل واهدار الفرص ،، ومرة أنكم حتى الآن تتحدثون إلى شعوب غيرنا لا أدري أين هي ،،، شكرا لجهودكم ،،