صحافة دولية

ناشونال إنترست: هذا كابوس أمريكا الأبرز بصراع القوى العظمى

ناشونال إنترست: التوافق الصيني الروسي هو كابوس أمريكا- جيتي
ناشونال إنترست: التوافق الصيني الروسي هو كابوس أمريكا- جيتي

نشر موقع "ناشونال إنترست" مقالا لمساعد مدير مركز "ناشونال إنترست" جون فان أودينارن، يشير فيه إلى التحدي الاستراتيجي الكبير لأمريكا، الذي إن ترك دون تصد فإن نتائجه ستكون وخيمة.

 

ويشير أودينارن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن التعاون المتزايد بين الصين وروسيا يشكل تحديا استراتيجيا كبيرا لأمريكا، الذي إن ترك دون تصد ستكون نتائجه وخيمة، كما حذر غراهام أليسون وديمتري سايمز في حوار مؤخرا لمركز "ناشونال إنترست". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن الخبيرين يحذران من أن واشنطن تقترف خطأ كبيرا بعدم قيامها بتعديلات استراتيجية لإحباط المزيد من التقارب بين البلدين اللذين كانا متنافسين شديدين، مشيرا إلى أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد أليسون، ورئيس مركز "ناشونال إنترست" سايمز، ناقشا موضوع الغلاف لهذا العدد من مجلة "ناشونال إنترست"، وأدار النقاش محرر المجلة جاكوب هيلبرن، وحضرته شخصيات بارزة، وعلماء في الشأنين الصيني والروسي، ودبلوماسيون أجانب بمن فيهم السفير الصيني ومسؤولون من الإدارة.

 

ويفيد أودينارن بأن السنوات الأخيرة شهدت تقاربا متزايدا بين روسيا والصين، فخسرت أمريكا موقفا كان يعد لصالحها خلال النصف الثاني من فترة الحرب الباردة، حيث كانت علاقتها أفضل مع موسكو ثم بكين، وكانت أفضل من علاقة العاصمتين ببعضهما، مشيرا إلى أن أليسون تذكر أن بريزنسكبي، الذي عمل مع الصين عن كثب لمواجهة الخطر السوفييتي خلال عمله مستشار أمن قومي لدى الرئيس الأسبق جيمي كارتر، قال قبل وفاته بفترة قصيرة عام 2017، بأنه "بتحليل التهديدات للمصالح الأمريكية فإن أخطر ما يكون هو تحالف قوي بين الصين وروسيا، لا يوحده الفكر بل الحاجة للتكامل".

 

وينقل الموقع عن أليسون، قوله إن هذا المقال يهدف للإجابة على السؤال: "هل ندرك كابوس بريزنسكي؟"، وحذر من أن أمريكا هي أقرب إلى مواجهة "تحالف قوي بين روسيا الصين"، مما كان يتصور عندما بدأ البحث في هذا الشأن.

 

ويبين الكاتب أنه لعدم وجود إطار يمكن من خلاله تحليل مدى قوة التحالف الروسي الصيني، فإن أليسون قام بتطوير نموذجه الخاص، الذي يتابع 8 محاور: "إدراك التهديد، والعلاقة بين القيادات، والتعريف الرسمي لكل منهما، والتعاون العسكري والأمني، والعلاقات الاقتصادية، والتنسيق الدبلوماسي، وتوجهات النخبة". 

 

وينوه أودينارن إلى أنه بالنسبة للعنصر الأول، فإن أليسون لاحظ أنه "عندما تفكر القيادتان الصينية والروسية في التهديدات الراهنة، فإن الشبح الذي يرونه هو الولايات المتحدة، حيث يتخيلون حكومة أمريكية تسعى إلى تقويض نظاميهما، أو حتى الإطاحة بهما"، وقارن بين لهجة أمريكا تجاه بكين وموسكو، وإهانات باراك أوباما لفلاديمير بوتين، وخطاب دونالد ترامب الذي قال فيه إن "الصين تغتصب أمريكا"، مع اللغة الحميمية بين الرئيسين بوتين وشي.

 

ويشير الكاتب إلى أن سايمز لاحظ أن الخبراء الرسميين الروس يحاولون رسم العلاقة بين روسيا والصين على أنها تحالف مع غياب الاسم فقط، لكنه قال إنه بالرغم من التعاون المتنامي، إلا أن العلاقة لا تصل إلى مستوى تحالف أمر واقع، وبأن تحالفا رسميا بين القوتين غير متوقع، لافتا إلى أن الصين تتجنب مثل هذه الالتزامات، وستكون قلقة من أن أي تحالف رسمي مع روسيا سيؤثر على العلاقات الاقتصادية المهمة والهشة مع أمريكا، فمثلا بالرغم من إيجابية الصين في التعاون الاقتصادي مع روسيا بشكل عام، إلا أن بكين رفضت توسلات روسيا لاتخاذ إجراءات تخفف من أثر الضغط الغربي عليها، مثل إجراء معاملات مالية بالعملة المحلية لتجنب استخدام الدولار، بالإضافة إلى أن البنوك الصينية رفضت بشكل عام تقديم القروض للكيانات الروسية التي تفرض عليها عقوبات أمريكية؛ خوفا من التداعيات التي ستؤثر على تعاملاتها مع الشركات الأمريكية.

 

ويجد أودينارن أن "الأهمية التي توليها بكين للعلاقة مع أمريكا، وترددها في الميل كثيرا نحو موسكو، كانا واضحين في حديث السفير الصيني لأمريكا كوي تيانكاي خلال فقرة الأسئلة في الندوة، تعليقا على موضوع غلاف مجلة (ناشيونال إنترست)، الذي حمل صورة بوتين وشي مبتسمين يتصافحان، فعلق كوي قائلا، إنه (من الجميل لو رأينا وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبتسما معهما)، وهذا يؤكد أن الصين حريصة للعمل مع روسيا وغيرها للتسريع في الوصول إلى عالم متعدد الأقطاب لتجاوز عالم القطب الواحد، وليس رغبة في التورط في صراع ثنائي القطب مع أمريكا إلى جانب روسيا".

 

ويذكر الكاتب أن سايمز يشير إلى أنه بالرغم من التعاون الاقتصادي المقيد، وغياب تحالف رسمي، إلا أن لذلك التعاون أهمية استراتيجية لروسيا، "فالشعور في موسكو هو أن الخيار الصيني يوفر لهم التشجيع الكافي ليتعاملوا بشدة أكبر.. وأن يأملوا في العيش دون تعاون يذكر من أمريكا".

 

وبحسب الموقع، فإن سايمز يلفت إلى عدد من التطورات التي تساعد في إعطاء روسيا هذا التصميم تجاه أمريكا، فأولا لم تعد روسيا ترى أن الصين تشكل تهديدا عسكريا، "الأمر الذي كان صحيحا حتى نهاية تسعينيات القرن الماضي"، والخلافات الحدودية تم حلها، والهجرة الجماعية التي كان من المتوقع أن يقوم بها الصينيون إلى أقصى شرق روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي لم تقع، وتعمق التعاون العسكري العسكري بين البلدين، بالإضافة إلى أن مصنعي السلاح الروس لم يعودوا يترددون في بيع منتجاتهم للصين، بعد أن كانوا يخشون من قيام الصينيين بتقليد تلك الأسلحة في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية.

 

ويقول أودينارن إن "المحللين الأمريكيين يتشككون من إمكانية تعمق التعاون الروسي الصيني بسبب المصالح المتضاربة للبلدين على المدى الطويل، والتنافس التاريخي بينهما، وعدم وجود قيم مشتركة، لكن سايمز يرى أنه عندما يتعلق الأمر بالقضايا الجيوسياسية، فإن هناك مصالح مشتركة وإدراك للتهديد المشترك الآتي من ترامب، واستشهد على ذلك بالعلاقة بين الإمبراطورية الروسية والديمقراطيتين في فرنسا وبريطانيا، كونهما حالتين من الاصطفاف الاستراتيجي بين شركاء يحملون قيما مختلفة، وكيف غيرت تلك التحالفات مجرى التاريخ".

 

ويشير الكاتب إلى أن السؤال المتكرر من الجمهور كان: لماذا أهملت أمريكا أو قللت من شأن التعاون الروسي الصيني المتنامي.. بل لماذا اتخذت إجراءات دفعتهما ليكونا أقرب؟ ويرى سايمز أن السبب البسيط لذلك هو أن "الموضوع ليس سائغا.. فإن ناقشت موضوع (الاصطفاف الروسي الصيني) فإن عليك أن تفكر في النتائج غير المقصودة، ويجب عليك أن تناقش كيف يمكن تجنب ذلك"، وأشار إلى أن أمريكا قد تضطر إلى ممارسة المزيد من ضبط النفس في السياسة الخارجية عند التعامل مع روسيا والصين.

 

ويلفت أودينارن إلى أنه بالنسبة لأليسون، فإن السؤال حول ما يجب أن تفعله أمريكا تجاه تنامي العلاقة بين الصين وروسيا، هو السؤال الأصعب، وقال إن على أمريكا أن تكون واقعية أكثر حول الأسباب والنتائج، وفي الوقت الذي تحب فيه أمريكا الحديث عن أهدافها الاستراتيجية، إلا أن السياسة العالمية تتعلق بالنتائج أكثر من تعلقها بالنوايا، وأضاف أليسون أنه في ظل إدارة كل من أوباما وترامب فإن أهداف أمريكا كانت غير واقعية وغير مقبولة بالنسبة لكل من روسيا والصين.

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بالنسبة لروسيا، فإن أمريكا تريد من بوتين أن يلتزم بالخطة التي حددتها لروسيا بعد انتهاء الحرب الباردة، وبالنسبة للصين، فإن إدارة ترامب اعتبرتها عدوا استراتيجيا، وتريد منها أن تستجيب لما تمليه عليها أمريكا إن أرادت أن تدخل في ناديها".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)

خبر عاجل