سياسة عربية

تغييب الجمعيات الخيرية يلقي بظلاله على "موتى البرد" بمصر

صورة  لسيدة قال نشطاء إنها توفيت نتيجة البرد في مصر- تويتر
صورة لسيدة قال نشطاء إنها توفيت نتيجة البرد في مصر- تويتر
ألقى سياسيون ونشطاء باللوم على الحكومة المصرية في وفاة أكثر من شخص في الشوارع بسبب موجة البرد القارس التي تجتاح البلاد منذ عدة أيام.

ففي المنيا جنوب مصر، عثر أهالي مدينة ملوي، قبل يومين، على جثة مسن، بلا مأوى، ملقى على أحد أرصفة المدينة، وكان سبب الوفاة التجمد نتيجة البرد.

وفي مدينة المحلة الكبرى بدلتا مصر، توفيت سيدة، قبل أيام؛ بسبب البرد القارص، أمام  مبنى مجلس المدينة الذي حاولت الاحتماء به من شدة البرد بعد رفض العاملين دخولها المبنى.

وقد أثارت واقعة وفاة بعض المشردين والفقراء على قارعة الطرقات غضب الشارع المصري؛ نتيجة عجز المسؤولين عن توفير الحماية لهم بعد إغلاق آلاف الجمعيات الأهلية والخيرية، واتهموا السلطات بالتقصير واللامبالاة.

وأطلقت العديد من الجمعيات الخيرية منذ مطلع فصل الشتاء حملة لجمع تبرعات من أجل شراء بطانيات وتوزيعها على الفقراء، إلا أن غياب عدد كبير من الجمعيات الأهلية والمدنية التي كانت توفر مساعدات للمشردين والفقراء أثر على حجم المساعدات.

وكانت السلطات المصرية أممت وأغلقت آلاف الجمعيات الخيرية منذ تموز/ يوليو 2013 معظمها يعود للتيار الإسلامي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين بدعوى دعم الإرهاب.

فصل آخر من الموت

وقال رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، إسلام الغمري، لـ"عربي21": "تعددت الأسباب وأصبح إزهاق أرواح المصريين عمداً أو إهمالا هو السائد؛ لإن سلطة الانقلاب لا ترى لأرواح المواطنين قدراً أو قيمة، فأصبح القتل بالرصاص أو بالقضاء المسيس أو بالجوع أو بالأمراض أو بالإهمال الطبي أو بالمواد المسرطنة أو بالانتحار، أسباب للموت".

وأضاف الغمري: "ورأينا أخيراً وليس آخراً فصلاً آخر وهو الموت نتيجة البرد القارس، وعدم وجود ما يدفع الموت عن هؤلاء من غطاء أو إيواء، وكأن لسان حال سلطة الانقلاب يقول المواطن الميت هو المواطن الصالح، ورأينا من الأمور المثيرة للسخرية أن شركة مصر للطيران قامت بتخفيض قيمة نقل جثث الموتي للنصف بينما ضاعفت سلطة الانقلاب الأسعار للأحياء مرات ومرات".

وألقى باللوم على نظام السيسي في إغلاق آلاف الجمعيات قائلا: "هذه السلطة القاتلة لم ترحم ولم تترك الجمعيات الخيرية التي كانت تغيث الغلابة والمحتاجين تفعل، وما أكثر الفقراء والمساكين في مصر والذين تتجاوز أعدادهم عشرات الملايين، فقامت سلطة الانقلاب بغلق أكثر هذه الجمعيات في مذبحة كبرى للعمل الخيري وقامت بمصادرة أموالها بل ومحاكمة كثير من القائمين عليها".

تركهم لمصيرهم

بدوره، قال محمود عطية، أستاذ التاريخ الإسلامي، وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، سابقا، لـ"عربي21": إن "الجمعيات الخيرية كانت تقوم بدور كبير في سد عجز الحكومة التي لا تفي بسد متطلبات المحتاجين والمعوزين".

وأكد أن "تأميم الجمعيات الخيرية أظهر العجز الحقيقي لدور الدولة في سده، وخاصة أن القائمين ليسوا أمناء على أموال الشعب؛ والذي تأثر بشكل واضح هو الفقير المحتاج، فقد كانت الجمعيات ترصد بالكشوف والأسماء والعناوين أعداد وأماكن وأسماء المحتاجين ،مع تجديد وتحديث البيانات كل عام، ومع تأميم هذه الجمعيات ظهرت هذه الثغرة الكبيرة التي دفع ثمنها المواطن الفقير".

سرقة أموال الجمعيات

بدوره، قال الناشط السياسي، أحمد البقري، لـ"عربي21": "في البداية لم يكتف النظام العسكري بسرقة أموال الشعب بل سرق أموال من كان يتكفل بالبسطاء، ويمثل بالنسبة لهم متنفسا وحيدا من خلاله يتم توفير احتياجاتهم، أما الآن فالسلطة الحالية تقوم رؤيتها على نهب جيوب الفقراء والبسطاء".

وأكد أن "نظام السيسي فاشل في كل شيء؛ لم ينجح حتى في توفير واحده من أهم وعوده الانتخابية وهي توفير عربيات خضار للشباب في سوق العبور، فكيف سيقوم على توفير حياة كريمة لملايين المصريين الذين يعانون نتيجة فشل حكم عسكري مستبد طوال 60 سنة".

واختتم حديثه بالقول إن "الجميع الآن يدفع الثمن، حتى الطبقة المتوسطة قاربت على الاختفاء، فما بالك بمن هم لا يجدون قوت يومهم، وهذا كله يعود لنتيجة التخبط والفشل الذريع لهذا النظام".
التعليقات (1)
فاظل
الخميس، 17-01-2019 09:38 م
رحم الله الاخوان المسلمين وجمعياتهم الخيرية التي كانت بمثابة العمود الفقري للفراء والمحتاجين. موت هؤلاء في رقبة كل من انقلب أو ساعد في الانقلاب عليهم.