مقالات مختارة

ضاع الأمل في التمديد وبقي التهديد بالتأبيد

حبيب راشدين
1300x600
1300x600


انتهت اللعبة، ووضع الكتاب، وقضي الأمر الذي كانت فيه المعارضة والموالاة تستفتيان كل عرافة وقارئة في فنجان، لأن الاستحقاق الرئاسي لسنة 2019 سوف يقوم في موعده الدستوري في الخميس الثالث من أيريل القادم، وقد أضاع القوم شهورا كثيرة في مضاربات حمقاء حول أكثر من صيغة للتمديد كانت مستبعدة عند من يجيد إلقاء السمع وهو شهيد ولا يستشرف السياسة من “قزانات” على يوتوب.

فباستدعائه الجمعة لهيئة الناخبين وفق أحكام مواد قانون الانتخاب وفي الموعد الدستوري، يكون الرئيس قد حافظ على المكسب “الديمقراطي” الوحيد منذ الخروج من الفتنة، بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها، ولم يخضع للضغوط الهائلة من محيطه ومن كثير من شخوص المشهد السياسي العالق بتلابيبه، كانت تريد أن تحمله “فلتة” توقيف آخر للمسار الانتخابي كانت ستقيد في صحيفة المدنيين بعد أن قيد تعليق المسار في 92 في عنق المؤسسة العسكرية.

أغلب الظن عندي أن القوم في المشهد سوف يعلقون مرة أخرى في مضاربات خاطئة كاذبة، تنتقل من شجب ضبابية النظام حيال احترام الموعد الدستوري إلى ستر العورات خلف أوراق توت جاهزة، وترطن ألسنتهم باستحالة الانخراط في السباق حتى تمنحها السلطة صكا على بياض، بإعلان صريح من الرئيس يلتزم فيه بالامتناع عن الترشح.

ولأن النظام أدرى بشعابه من المشهد الذي صنعه ورعاه منذ ثلاثة عقود، فإنه سوف يؤجل الإفصاح عن نواياه حتى آخر يوم من المهلة الدستورية التي تسمح للمرشحين بإيداع ملفات الترشح 45 يوما قبل موعد الاقتراع، أي حتى نهاية شهر فبراير أو بداية شهر مارس، وليس لأحد ان يجبر الرئيس على حسم موقفه قبل 24 ساعة من نهاية الموعد، خاصة وأنه غير ملزم مثل منافسيه بجمع التوقيعات، ولن يحتاج لتجنيد قبلي للآلة الدعائية التي سوف تنوب عنه إن هو قرر المجازفة بعهدة خامسة ميسرة تقنيا حتى وإن كانت معوقة من أكثر من وجه.

فالقراءة الموضوعية تقول إن من اعترض بقوة ـ خلف الستار ـ على مسارات التمديد لن يجازف بعهدة خامسة تحمل الدولة العميقة ومؤسسات إدارة البلد وزر استمرار حالة الشغور في المنصب القيادي الأول في البلد، وأن الإعلان الرسمي لدعوة هيئة الناخبين ما كان ليصدر قبل تصنيع توافق حول تنظيم التداول الداخلي على الموقع.

إدارة الوقت التي نفذت بدهاء تكون قد خلقت حالة من الفراغ المريح، ونظفت الساحة من المفاجآت التي قد تشاغبها من داخل أروقة النظام كما في حاشيته، وثبطت عزيمة ثلة من الشخصيات الوطنية كانت تتطاول أعناقها للتزكية سواء من جهة مواقع صناعة القرار داخل الدولة العميقة أو من جهة المعارضة، من أمثال بن بيتور، شكيب خليل، وحتى مولود حمروش الذي يكون قد اجتهد خطأ في التوقيت لأول خرجة إعلامية له منذ 2016.

ولنفس الأسباب الموضوعية التي استندت إليها منذ شهور لاستبعاد مسار التمديد، فلن أجازف كثيرا باستشراف استحالة مقامرة النظام بعهدة خامسة، لم تعد الحاجة ماسة إليها كما كانت منذ خمس سنوات، حتى وإن كانت بحاجة إلى تمديد للسياسات التي اعتمدت في عهد الرئيس بوتفليقة، سوف يلزم بها المرشح القادم للدولة العميقة كائنا من كان.

عن صحيفة الشروق الجزائرية

0
التعليقات (0)