قضايا وآراء

الأحزاب العراقية ... قراءة في الاستراتيجيات: بين المالكي والعبادي (3)

ناظم الخزرجي
1300x600
1300x600

الدعوة الحائر بين دولة "المالكي "ونصر "العبادي"

 

على الرغم من أن حزب الدعوة حكم العراق 13 عاماً، إلا أن شؤم الرقم 13 أحاط به وجعله في موقف لا يحسد عليه، إذ يحمّله المراقبون فشل التيار الإسلامي في تجربة الحكم في العراق رغم ظروف قوية كانت لصالحه.

ربما كان الدعوة من أكثر الأحزاب تعرضا للانشقاقات في صفوفه، ورغم المكانة القوية التي وصل إليها داخل العراق، فإن ما تعرض له من تصفيات واعتقالات وهروب خارج العراق جعلت رصيده يتراجع لصالح التيار الصدري، مع أن كلا التيارين ينتميان إلى مدرسة الصدر، وما الصدر الثاني إلا امتداد للصدر الأول.

فراغ الساحة السياسية والمشاركة في مجلس الحكم وعودة العديد من عناصر الدعوة المهاجرة إلى العراق؛ أوجد كل ذلك للدعوة مكانة في الساحة السياسية الشيعية أوصلت إبراهيم الجعفري إلى رئاسة الوزراء، ليبتعد عن الدعوة وطائفة من أنصاره بعدما سيطر المالكي على رئاسة الوزراء ومن خلالها على قيادة الدعوة، ولم يستطع أحد مزاحمته على موقعه.

لكن التحدي الخطير الذي واجه الدعوة كان عندما عارضت القوى السياسية صعود المالكي إلى رئاسة الوزراء في ولاية ثالثة، وفُرض عليه أن يقبل بالعبادي رئيسا للوزراء. وعلى الرغم من أن العبادي حرص على أن يحتفظ الدعوة بكل مكاسبه السابقة، إلا أنه ميّز موقفه عن أمينه العام، بل وانتقده بشكل غير مباشر أكثر من مرة.. نجح العراق بقيادة الدعوة في تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي ونجح في تحريره من داعش، ولكنه مقابل ذلك فشل في تحقيق النهوض المطلوب للعراق، وحمل قادته وأنصاره المسؤولية الأولى عن كل الإخفاقات، وعن انتشار الفساد وتراجع مكانة القوى الإسلامية.. إلى اخر ذلك من اتهامات.

 

التحدي الخطير الذي واجه الدعوة كان عندما عارضت القوى السياسية صعود المالكي إلى رئاسة الوزراء في ولاية ثالثة

ولكن المأزق الأخطر الذي جعل موقف الدعوة يتراجع؛ هو الخلاف الشديد بين كل من العبادي والمالكي، فكتلتا "النصر" التي تجاوزت الأربعين نائبا و"دولة القانون" التي تجاوزت العشرين؛ كان بإمكانهما في حال اتحادهما تشكيل كتلة تتجاوز في عددها الكتل الأخرى، وبإمكانها أن تفرض إرادتها، ولكن الفشل في الوحدة جعل كل من الكتلتين في موقع التابع لآخرين، في الوقت الذي كان بإمكانهما أن تجعلا الآخرين تبعا لهما.

حاول الدعوة لمّ صفه بعد الانتخابات كما كان الاتفاق قبلها، ولكن ذلك لم يتحقق، وكانت الضربة التي تلقاها العبادي من عنصر حزب الدعوة القديم، فالح الفياض الذي خرج لا لينحاز إلى المالكي ولكن ليجعل من نفسه قطباً بموازاة المالكي في كتلة البناء، مستعينا بحلفائه السنة، وترك العبادي يستشعر مرارة الهزائم السياسية بعدما كان يتغنى بانتصاراته العسكرية.

 

كانت الضربة التي تلقاها العبادي من عنصر حزب الدعوة القديم، فالح الفياض الذي خرج لا لينحاز إلى المالكي ولكن ليجعل من نفسه قطباً بموازاة المالكي في كتلة البناء

الدعوة منقسم بين كتلتين انحازت كل منهما لكتلة أكبر وارتضتا أن يكون دورهما ثانويا في كلا الكتلتين، وعندما نراجع نتائج الانتخابات نجد أن الانتصارات الانتخابية لكتلتي النصر ودولة القانون لم تكن لعناصر الدعوة، بل لحلفائهم فيها بالمقام الأول.

غالب الاتهامات التي تنصب على النظام السياسي في العراق موجهة لحزب الدعوة في المقام الأول، فهل يستطيع الدعوة الخروج باستراتيجية عمل جديدة مستفيدا من نفوذه الواسع في أجهزة الدولة ليعزز مكانته في المجتمع من جديد؟

قد يبدو الأمر في غاية الصعوبة: 

فالدكتور عادل عبد المهدي، وبعنوان إصلاح الواقع، سوف يعمل على معالجة الحرمان الذي عاشه في ظل حكومات الدعوة، وسيسترضي الآخرين بإعطائهم الميزات والمواقع التي كانت للدعوة.

اليوم قيادات الدعوة ستخرج صفر اليدين من المواقع الحكومية لصالح منافسين لها، متحالفين معها أو متخاصمين .

 

لا تلوح في الأفق بلورة لسياسة جديدة أو رؤية للمستقبل إلا ما نشر عن دعوة وجهتها بعض قيادات الدعوة لعقد مؤتمر عام لمراجعة واقع الدعوة

إلى الآن لا تلوح في الأفق بلورة لسياسة جديدة أو رؤية للمستقبل إلا ما نشر عن دعوة وجهتها بعض قيادات الدعوة لعقد مؤتمر عام لمراجعة واقع الدعوة، فهل سيتقبل المتحكمون في مقاليد الدعوة إيجاد صلح داخلي ينطلقون منه لمزيد نصرة وتأييد؟

لا يبدو أن قيادات الدعوة ستكون قادرة على إيجاد وضع جديد فيه أمل لمستقبل هذا الحزب، ولا يبدو أنها قادرة على الخروج من صندوق ضيق من التصورات المسبقة الذي حشرت نفسها فيه، بينما الانطلاق يحتاج إلى خروج من هذا الصندوق.

التعليقات (0)

خبر عاجل