قضايا وآراء

قُل خيراً أو لتَصْمُت ...

حسن العالول
1300x600
1300x600

حالة من الهَرج والمَرج والانفلات تسود المنابر الإعلامية بأنواعها وأشكالها المُختلفة بعد ظهور ما يُسمى الناطق الإعلامي أو المُتحدث الرسمي باسم المؤسسات أو التنظيمات، يتصدرون المشهد الإعلامي ويتنقلون بين القنوات والفضائيات كالمُهرجين، يلهثون وراء الكاميرات، ويسيل لُعابهم عند رؤية الأضواء.

والحقيقة هذا المنصب لا غُبار عليه، ولا نُشكك فيه وفي أهميته وحساسيته في إعطاء المعلومة الدقيقة والصحيحة فلا يحدث لبس ولا تباين في الخطاب الإعلامي داخل المؤسسة الواحدة، لكن في فلسطين شيء آخر، فهذا المنصب أخذ أبعادا أُخرى، وفي كثير من الأحيان تجاوز الحُدود وتخطى كل الخُطوط الحُمر، ويبدو أن هذا المنصب أصبح للترضية وشغل الفراغ، يكفي صاحبه أن يكون أنيقاً يتحدث العربية الفُصحى بطلاقة ليتبوأ هذا المنصب دون العلم بمبادئ المهنة وأدبياتها ودون اطلاعه على بواطن الأمور وافتقاره للثقافة وعدم الفهم الجيد بالعلوم السياسية، لهذا ومن أجل استمراره في المشهد يُبادر من تِلقاء نفسه بالتغريد خارج السرب عبر شبكات التواصل وبالظهور عبر الفضائيات التي تستضيفه خصيصاً لكي تُحقق أهدافها المرسومة سلفاً وتصطاد في الماء العكر، يشتم ويتهم يُمنةً ويُسرة غير مُكترث بالنتائج إطلاقاً، ما يهمه فقط إرضاء مُشغليه، يعيش في ترقب دائم لمنافسيه لينطلق بسرعة الصاروخ في الرد والهجوم المضاد دون وعي وإدراك بالتداعيات الخطيرة التي يُسببها لنا بجهله، يختصر كل مهامه في تعكير الأجواء وتوتير الجماهير المُتعطشة لبصيص من الأمل. هؤلاء الغربان يتلذذون على الخلاف، وحالة الانقسام بيئة مناسبة لأمثالهم.

لا نفهم لماذا لا يُكلف مكتب إعلامي متخصص تصدر عنه البيانات؟ ويكون هناك ناطق إعلامي يتحدث فيما يصدر عن هذا المكتب دون زيادة أو نقصان، فهناك بيانات عبارة عن رسائل موجهة أو قرارات أو وجهة نظر من قضية ما والمطلوب معلومة مبنية على موقف عام وليس موقف المتحدث وتحليلاته السخيفة التي لا تستند للعقل والمنطق، لا سيما وإن كان هذا الناطق سطحي ولديه أحقاد دفينة.

كل مشاكلنا أساسها غياب لغة الحوار البناء الهادئ البعيد عن العصبية والاتهام والتخوين دون مبرر، لا نسمع إلا أنفسنا ولا نثق بأحد ونشكك في نوايا الآخرين.

ينتابنا الألم ونشعر بالحسرة والمرارة من الخطاب الإعلامي الرديء، فكل إناء بما فيه ينضح، يظن بعضهم أنه ذكي جداً ونحن أغبياء، يكذب ويكذب حتى يُصدق نفسه، لا يعلم أنه مكشوف والحقيقة لا يمكن تغطيتها بكلمات مُنمقة، على أرض الواقع وفي الميدان تتكشف زيف شعاراتهم مهما كانت براقة، فنحن نؤمن بالأفعال لا الأقوال.

ارحمونا قليلاً واستتروا بعيداً وراجعوا أنفسكم، المُلك زائل والمنصب لا يدوم لأحد، كونوا معاول بناء ولا تكونوا معاول هدم.


العاقل إذا أخطأ يتأسف والأحمق إذا أخطأ يتفلسف.

0
التعليقات (0)