صحافة دولية

في "بلدان السعادة".. الشباب يعانون من المشاكل النفسية

تزايد في مشاكل الصحة النفسية في البلدان المصنفة "سعيدة" - أرشيفية CC0
تزايد في مشاكل الصحة النفسية في البلدان المصنفة "سعيدة" - أرشيفية CC0

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا تطرقت فيه إلى الأزمات النفسية والعاطفية التي يعاني منها الشباب في الدول التي تصنف على أنها الأكثر سعادة على الإطلاق.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من ارتفاع المؤشرات المتعلقة بجودة الحياة والتعليم والرعاية الصحية، لا تزال الدول الأكثر سعادة عالميا عاجزة عن احتضان شبابها بشكل مثالي.

وتتصدر فنلندا والدول الاسكندنافية التي تقع شمال القارة الأوروبية، التصنيفات العالمية المتعلقة بنسب السعادة بناء على المؤشرات المرتبطة بجودة الحياة. وعلى الجانب الآخر من العالم، تمكنت نيوزيلندا وأستراليا من الانضمام إلى هذه اللائحة المقتضبة لأكثر دول العالم سعادة، والتي تشهد غياب الولايات المتحدة الأمريكية باستمرار.

 وذكرت الصحيفة أنه عندما أصدرت الأمم المتحدة تقريرها السنوي حول السعادة العالمية خلال السنة الماضية، وصلت دول مثل أستراليا وفنزويلا إلى المراتب العشرة الأولى مرة أخرى. لكن هذه الحقيقة دفعت العالم إلى النظر في نسب الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية في هذه الدول.

حيال هذه الشأن، توصلت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية خلال سنة 2017 إلى استنتاج مفاده أن الأستراليين أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب ممن يعيشون في أي مكان آخر في العالم، باستثناء سكان الولايات المتحدة وإستونيا وأوكرانيا. وشملت هذه اللائحة التي تعنى بالأشخاص المصابين بهذا الاعتلال النفسي كلا من نيوزيلندا وبعض الدول الاسكندنافية على غرار فنلندا والدنمارك.

 وأضافت الصحيفة أن الدراسات التي تتبع منهجية بحث مختلفة أشارت إلى وجود مشاكل صحية نفسية حادة في صفوف الأطفال الذين ينشأون في بلدان أكثر فقرا مثل الهند. ومن المحتمل أن تكون الأرقام التي تتوصل إليها هذه الدراسات، والمتعلقة بالصحة العقلية للأشخاص الذين يعيشون في البلدان النامية، أقل من الأرقام الفعلية على أرض الواقع.

وبينت الصحيفة أن الأزمات النفسية تؤثر بشكل متزايد على الشباب في البلدان الأكثر ثراء، وهو ما حير العلماء نظرا لعدم إمكانية تبرير ذلك بتفشي اللا مساواة أو الفقر. من جهتها، أعلنت أستراليا عن استعدادها لبذل المزيد من الجهود في سبيل حل هذه المشكلة المتنامية، حيث وعدت يوم الأربعاء الماضي بتمويل برنامج لرعاية الصحة العقلية للشباب مع تخصيص 34 مليون دولار إضافية في سبيل ذلك. وحيال هذا الشأن، قال وزير الصحة الأسترالي، غريغ هنت: "أريد أن يعلم شبابنا أنهم ليسوا وحدهم في رحلتهم".

وأوضحت الصحيفة أن هناك العديد من الدراسات التي تعنى بمعرفة سبب تفشي المشاكل النفسية في صفوف الشباب، ليظهر جليا أن الأسباب التي تجعل الشباب أكثر قلقاً أو اكتئاباً لا زالت غير مفهومة بعد. في المقابل، أوضحت بعض الدراسات الحديثة أن مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن عدم قدرة الشباب على الإيفاء بتطلعات رؤسائهم في العمل وعائلاتهم وشركاء حياتهم، تتسبب في هذه الاضطرابات النفسية.

 وتطرقت الصحيفة إلى بعض الإحصاءات التي جمعتها منظمة "مهمة أستراليا" الخيرية، والتي أظهرت ارتفاعا حادا في أعداد الشباب الذين يعانون من أمراض عقلية في أستراليا، حيث يعاني 23 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة من أمراض عقلية. وبينت دراسة حكومية أخرى أن ربع الأستراليين بين 16 و24 سنة يعانون من الأمراض العقلية كل سنة.

 ويعاني المجتمع السويدي من المعضلة ذاتها، حيث كان الشباب في سنة 2013 أكثر عرضة بنسبة 20 بالمائة لأن تُوصف لهم أدوية القلق مقارنة بسنة 2006. ومنذ ذلك الحين، لاحظ الباحثون قفزة نوعية في عدد الأطفال المصابين باضطرابات عقلية، ويرجع ذلك بالأساس إلى اتساع الفجوة بين الأجيال فيما يتعلق بالرضا عن الحياة.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجلس الوزراء الشمالي أصدر تقريرا يحمل عنوان "في ظل السعادة"، الذي جاء فيه أن "الناس في المنطقة الاسكندنافية بشكل عام أكثر سعادة ممن يعيشون في مناطق أخرى من العالم. وعلى الرغم من ذلك، يوجد أشخاص في الدنمارك وفنلندا وأيسلندا والنرويج والسويد يقولون إنهم يكافحون ويعانون". وفي حين أعرب 12.3 بالمائة من سكان دول المنطقة الشمالية أنهم يعانون أو يكافحون، كانت هذه النسبة أعلى بأكثر من نقطة مئوية في صفوف من تتراوح أعمارهم بين 18 و23 سنة.

وأفادت الصحيفة أن باحثين آخرين يحذرون من أن تزايد مشاكل الصحة العقلية بين الشباب لا يقتصر بالضرورة على سكان الدول التي تعتلي المراتب الأولى في المؤشرات العالمية، مثل أستراليا وفنلندا.

 

كما قال الباحثون إن من شملتهم الدراسات في بلدان مثل أستراليا والسويد وفنلندا، حيث الوصول إلى الرعاية الصحية سهل نسبيا، قد يكونون ببساطة أكثر استعدادا للإبلاغ الذاتي عن علامات المرض النفسي، وهو ما يقوّض إمكانية المقارنة بين تلك التصنيفات وقد يواري اتجاها أكثر عالمية.

التعليقات (0)