مقالات مختارة

الإنجاز القطري والرأي العام العربي

حسن البراري
1300x600
1300x600

شكلت ردود فعل الجماهير العربية التي شعرت بزهو بالغ بعد أن تمكن المنتخب القطري لكرة القدم من الانتصار بكأس آسيا استفتاء واضحا على مكانة قطر عند الشعوب أولا، وعلى إفلاس سياسة الحصار والتضييق التي تمارسها دول مجاورة لقطر ثانيا. فالإمارات والسعودية ومصر شنت حملة إعلامية شعواء حاولت التقليل من شأن المنتخب القطري، ووصل إحباط هذه الإعلام إلى حد وصف فريق قطر الوطني بأنه ليس عربيا، بل أحد الإعلاميين المصريين قالها بوضوح، إنه لم يصل أي فريق عربي للنهائي على اعتبار أن قطر ليست دولة عربية.


كان من الممكن أن تكون مجرد مسابقة رياضية عادية يمكن لأي منتخب أن يفوز بها أو يخسرها، وكان من الممكن أن تصطف جماهير العرب قاطبة بجانب أي فريق عربي يصل للنهائي، فهكذا دأبت الجماهير العربية في تشجيع كل الفرق العربية في كأس العالم على سبيل المثال، إلا أن أنظمة عربية بعينها أقامت الدنيا ولم تقعدها في شيطنة الفريق القطري، الذي قدم أفضل أداء في البطولة وتحلى لاعبوه بالروح الرياضية العالية، وأكثر من ذلك، لم يخش الفريق القطري الذي لعب في ظروف عدائية إلى حد كبير أي منافس، وتمكن باقتدار من إزاحة منافسيه ابتداء بالسعودية ومرورا بالإمارات وأخير اليابان.


لن أدخل في تحليل المباراة وكيف لعب كل فريق، هناك من الخبراء الرياضيين من هم أقدر على القيام بذلك، لكن ما استرعى انتباهي كيف تفاعلت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج مع الانتصار القطري الذي جاء نتيجة لتخطيط محكم. وهنا قدمت قطر أنموذجا في الإعداد والتخطيط، وتمكنت من بناء منتخب سيشكل نواة فريقها الوطني في كأس العالم المزمع عقدها بعد ثلاث سنوات في قطر. ففرحة الجماهير العربية بالإنجاز القطري، هي من عزلت الأنظمة التي حاصرت قطر سياسيا واقتصاديا.


كعرب، كنا نأمل أن تشكل هذه البطولة نقطة تحول عند الدول المحاصرة لقطر، وكنا نأمل بأن يشكل انتصار قطر أو حتى انتصار أي دولة عربية أخرى حافزا للجميع لتكرار مثل هذا الإنجاز، بدلا من الانقضاض عليه في معركة دونكيشوتية لا تسمن ولا تغنى من جوع. ففي نهاية المطاف فازت قطر باسم العرب وللعرب، وهي وإعلامها وقيادتها قدمت الانتصار بهذا السياق، لذلك عزّ علينا كعرب أن نشاهد كيف جنّد الإعلام المحاصر لقطر كل إمكانياته للنيل من الفريق القطري ومن الدولة القطرية.


وإذا لم يتعلم محاصرو قطر الدرس من الإنجاز القطري فمتى سيتعلمون؟! فهذه قطر التي أرادوا أن تستسلم لهم وتتنازل عن سيادتها تشق طريقها باقتدار وبشهادة العالم، في حين ما زالت الدول المحاصرة تتخبط في وحل فشلها على الصعد كافة. فلا قطر استسلمت ولا فريقها الوطني شعر ولو للحظة واحدة بالوهن والضعف، بل العكس هو ما حصل، فالدول المحاصرة أصبحت مادة تندر من الطراز الرفيع، وهي تلعق خساراتها الواحدة تلو الأخرى.


كنت أرغب في كتابة مقال يبارك للإمارات أو السعودية أو عمان أو الأردن أو العراق مثلا لو فازت أي دولة منها بهذه البطولة، لكن الفوز كان من نصيب الأجدر وكان علينا كعرب أن نرى بأن هذا الإنجاز لنا جميعا وليس فقط لقطر. باختصار، بعد أن كتب الفريق القطري فصلا جديدا ومشرقا للكرة العربية، يسجل التاريخ كيف أن بعضا من الأشقاء الذي يدعي بأنه يدافع عن كل ما هو عربي، كيف استل سيفه ليطعن ومن الخلف فريقا عربيا، لا ذنب له سوى أنه أنجز ما عجزوا عنه.

 

عن صحيفة الشرق القطرية

0
التعليقات (0)