صحافة دولية

فورين بوليسي: لماذا لا يلاحق العرب مجرمي الحرب قانونيا؟

فورين بوليسي: عار على العرب تطبيع العلاقات مع الأسد- جيتي
فورين بوليسي: عار على العرب تطبيع العلاقات مع الأسد- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لمفوض المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة نواف عبيد، تحت عنوان "العار على العرب"، يشير فيه إلى ما أسماه إفلاس الحكام العرب من خلال استئناف علاقاتهم مع النظام السوري المتهم بارتكاب جرائم الحرب

ويقول عبيد في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن المفوضية الدولية للعدالة والمحاسبة، وهي منظمة غير ربحية، مكرسة لإجراء تحقيقات جنائية في أثناء الحروب، وعندما لا تكون هناك نية أو قدرة على المشاركة في مؤسسات التحقيقات العامة القائمة، ستقوم في آذار/ مارس بالانتهاء من تحقيقها النهائي المفصل في جرائم الحرب لنظام الديكتاتور السوري بشار الأسد

ويشير الكاتب إلى أن التحقيق يستند إلى ما توفر للمفوضية من 800 ألف برقية لأجهزة الاستخبارات السورية الأربعة، التي حصلت عليها المفوضية من خلال التنسيق مع منظمات حقوق الإنسان في البلد. 

ويعلق عبيد قائلا إن هذه المؤسسات مسؤولة عن عدد من المذابح التي أدت إلى مقتل نصف مليون سوري في أثناء العمليات العسكرية للنظام وأنصاره من المليشيات الأجنبية وإيران وروسيا، مشيرا إلى أن المفوضية ستكون جاهزة بعد استكمال التحقيق للتقدم بعشر دعاوى قانونية ضد نظام الأسد، بالإضافة إلى ست دعاوى أخرى ضد تنظيم الدولة. 

ويستدرك الكاتب قائلا: "رغم جرائم الحرب الفظيعة، إلا أن الدول العربية أعلنت في الفترة الأخيرة عن (تطبيع) العلاقات مع دمشق، بعدما قطعوها في عام 2011، حيث أصبح القتل الجماعي والقمع السمة المميزة للحرب الأهلية، فأعلنت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين في نهاية كانون الاول/ ديسمبر 2018 عن إعادة فتح السفارات في دمشق، بالإضافة إلى مصر والعراق، وحتى تونس التي كانت نموذجا للثورات العربية".

 

ويلفت عبيد إلى أن الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، المتهم بجرائم حرب، زار دمشق مؤخرا، واستقبله زميله الأسد، المتهم بجرائم الحرب، في مطار دمشق، وقاده إلى القصر الجمهوري، مشيرا إلى أن وكالة الأنباء السورية ذكرت أن المحادثات تركزت على استئناف العلاقات بين البلدين لما كانت عليه قبل الحرب. 

ويقول الكاتب إن "السعودية ذات التأثبر في السياق العربي لا تستطيع استئناف علاقاتها مع النظام؛ نظرا للعلاقات التاريخية والدينية والصلات القبلية مع القبائل المهمة في سوريا". 

ويعتقد عبيد أن "النهج العربي بإعادة العلاقات الأخيرة مع الأسد يجسد حالة من الإفلاس الأخلاقي والعجز للعديد من الحكام العرب الحاليين، إن جذر هذا المرض كامن في تحطم البوصلة الأخلاقية التي ظلت تمنع العرب من الانحراف".

 

ويجد الكاتب أن "المقارنة بين الرد الأوروبي والعربي على جرائم الحرب تقدم درسا مقنعا، فقد لاحق الأوروبيون وبحماس شديد رادوفان كراديتش وراتكو ميلاديتش بعد نهاية الحرب اليوغسلافية، ورحلوهما مع جزاري صربيا والبوسنة، وحاكموهما في محكمة جرائم الحرب؛ لقتلهما مسلمي البوسنة والكروات المسيحيين". 

 

وينوه عبيد إلى أنه "بالمقارنة فإن العرب ردوا على قتل إخوانهم العرب المسلمين بلا إبالية، حيث ظهر الأسد والبشير وهما يتبسمان أمام الكاميرات، وبرر العرب، بطريقة منحرفة، التقارب مع الأسد على أنه محاولة لإبعاده عن إيران، والحد من تأثيرها الخبيث في المنطقة".

ويفيد الكاتب بأن "الدول العربية تبحث عن طرق لبناء جدار يحجز إيران عن العالم العربي، في ظل سياسات إيران المزعزعة للاستقرار، من خلال استخدام الجماعات الوكيلة التابعة لها، فهذه الجماعات التي تدعمها إيران تعيث الفساد ومنذ عقود في سوريا والبحرين واليمن والعراق ولبنان وأماكن أخرى، وأصبحت هذه الجماعات في مركز جهود الدول العربية، بعدما تم التخلص من تنظيم الدولة وخطره". 

 

ويجد عبيد أن "تجربة لبنان تظهر عبث المحاولة العربية للحد من تأثير إيران، فقد ضخت الدول الغربية والخليجية المساعدات، في محاولة خيالية لهزيمة إيران دون جدوى، واعتقد العرب والأوربيون في أعقاب حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، أن بناء الجيش اللبناني قد يضعف الحزب، ويؤدي إلى حله، لكن العكس هو الذي حصل، فحزب الله أقوى مما كان عليه، وصار الجيش اللبناني ينسق عملياته معه، وزاد تأثير إيران في لبنان". 

 

ويرى الكاتب أن "المستنقع اللبناني هو تجسيد حديث للأسطورة العظيمة التي حاول تحقيقها التقرير الاستعماري الذي أعده كامبل بانرمان، فلعدة عقود وضع القادة والمثقفون العرب أرضهم وشعوبهم في ظل فرضوه على أنفسهم من الرواية التي تعود إلى المؤتمر الاستعماري الذي عقده في لندن عام 1907، واستضافه رئيس الوزراء في حينه سير هنري كامبل بانرمان، فقد أصبح المؤتمر حالة كلاسيكية يلقي فيها العرب مأساتهم على الآخرين، مبررا لعدم التصدي لمشكلاتهم الرئيسية". 

ويشير عبيد إلى أن الأسطورة التي انبنى عليها مؤتمر لندن تقول إن الشعوب العربية التي تعيش في الفلك البريطاني تسيطر على مناطق واسعة غنية بالمصادر، ولو اتحدت هذه الشعوب فإنها ستقرر مصير العالم، وستعزل أوروبا عن بقية العالم، ولهذا قرر المؤتمر محاربة أي نزعة وحدوية عربية، وإنشاء دول مصطنعة تحت سيطرة الاستعمار، وتشكيل دولة عازلة في فلسطين بحضور أجنبي قوي، تكون معادية لجيرانها، وصديقة للدول الغربية ومصالحها، مستدركا بأن الباحثين يعلمون، بفضل الباحث التاريخي في جامعة أوكسفورد يوجين روغان، أن تقرير بانرمان- كامبل لم يكتب أبدا.

ويستدرك الكاتب بأن "القادة العرب الذين لم يستطيعوا فصل الواقع عن الخيال، وظلوا يعيشون في ظل هذه الأسطورة لمدة قرن، ويبدو أنهم استثمروا في فكرة الانقسام العربي، وضعف الجامعة العربية، وخلافات الدول الأعضاء فيها وبشكل دائم، ولا يزال الكثيرون يلومون، ودون وعي، الاستعماريين من كامبل- بانرمان وحلفائه، مثل لورد كيرزون وهنري ماكماهون؛ لدورهم في إضعاف العرب". 

 

ويعلق عبيد قائلا إن هذا التركيز على الدور الاستعماري هو جزء من مشكلة أكبر، فمعظم الدول العربية لم تنشأ بناء على أهداف واضحة، لكن لمقاومة التحديات التي تظهر أمامها، مشيرا إلى غياب شامل في التقدم على جبهة الأمن، ولهذا فشلت الجهود كلها لبناء تحالف دفاعي عربي، بشكل جعل العالم العربي تحت رحمة التأثير الإيراني أو التركي. 

ويلفت الكاتب إلى أن هناك عجزا في محاربة الفقر والتخلف والتطرف، أو القدرة على بناء نمو اقتصاد متنوع، بشكل يسمح للعالم العربي بالتنافس في الأسواق العالمية أبعد من المصادر الطبيعية والسياحة. 

ويقول عبيد: "بدلا من العيش في الماضي فإن على العرب العيش في الحاضر، وعليهم حل خلافاتهم لتنشأ مجتمعات دائمة قادرة على فعل موحد، ويجب عليهم العمل للترابط وتحسين اقتصادياتهم وتنويعها، ومع الوحدة يجب أن تكون هناك محاسبة وازدهار، بحيث يستطيع العرب التصدي لمن يرونهم الاستعماريين الجدد في المنطقة- تركيا وإيران". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "إسرائيل التي ظل العرب يلقون عليها لوم تقسيمهم جعلتهم يتبنون عقلية الهزيمة، وتم ارتكاب جرائم فظيعة في سوريا، وطالما لم يستفق العرب من نومهم وكوابيسهم، وما لم يستعيدوا القدرة على محاكمة من ارتكبوها أمام المحاكم الإقليمية والدولية، فإنهم سيظلون ينحدرون عميقا نحو العجز والانقسام".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (2)
جورج شاكر
السبت، 23-01-2021 11:49 م
ماذا سيقول اوباما لاولاده ، يبكي نهارا على الاطفال وليلا يقصفهم ، كان من الافضل للامريكان ان يرسلوه ليحكم كينيا لانها على مستواه الاخلاقي، وقولوا لبايدان الذي قتل 2 مليون انسان ان لايضحك على أطفال سوريا لأنه دعم مجرمي حرب لنسف ارواح الاطفال .
تحسين
السبت، 23-01-2021 11:42 م
السقوط الأخلاقي للغرب و دعمه لمجرمي الحرب من اجل أموال مسروقة بحمايتهم ودعم تهريب البترول وتجارة المخدرات وحمايتها . ماذا يمكنهم أن يفتخروا امام اولادهم بعدم قتل الاطفال بالحرب الكيماوية . انهم سخفاء ولايحترمون احلام الاطفال من اجل المال المسروق من دماء الشعوب . واصبحوا يحتقرون ابناءهم وشعوبهم بالكذب عليهم .