ملفات وتقارير

تنسيق فرنسي تشادي بالجنوب الليبي.. هل يتجه لدعم حفتر؟

حفتر يقود عملية عسكرية في الجنوب الليبي أثارت أزمة سياسية- جيتي
حفتر يقود عملية عسكرية في الجنوب الليبي أثارت أزمة سياسية- جيتي

طرح إعلان الجيش التشادي اعتقاله مجموعة من القادة المتمردين قادمين من حدود ليبيا عبر عملية ساندتها فرنسا، تساؤلات عن دلالة ذلك في ظل المعارك الدائرة في الجنوب الليبي، وما إذا كانت الدولتان سيتدخلان إلى ليبيا لمساندة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأعلنت قيادة أركان الجيش التشادي في بيان لها أسر أكثر من 250 "إرهابيا" بينهم أربعة من القادة" إثر دخول قافلة من المسلحين إلى تشاد من الأراضي الليبية في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي.

دعم فرنسي

وقال الرئيس التشادي، إدريس ديبي خلال اجتماعه في مجلس الوزراء إن "الجيش دمر بالكامل قافلة "المرتزقة" القادمين من ليبيا في عملية ساندتها فرنسا".

وذكر بيان الجيش أن "أكثر من أربعين سيارة دمرت، كما صودرت مئات من الأسلحة، وأن عمليات التمشيط تتواصل في منطقة "إينيدي" في شمال شرق تشاد على مقربة من الحدود مع ليبيا والسودان"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

 

اقرأ أيضا: "الأعلى الليبي" يدعو المجلس الرئاسي لحماية جنوب البلاد


ودافعت فرنسا في وقت سابق عن المعارك التي يخوضها اللواء الليبي، خليفة حفتر في جنوب البلاد واعتبرتها ناجحة في القضاء على أهداف "إرهابية" هامة، وأن هذه العمليات قد تعيق على نحو مستدام أنشطة مهربي المهاجرين الذين ينتشرون في منطقة ما بين الساحل والبحر الأبيض المتوسط".

شكوى دولية

في سياق آخر، قدم مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، المهدي المجربي "التباع لحكومة الوفاق" شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد قوات "حفتر" ومعاركها في الجنوب بعد قصفها لطائرة مدنية في أحد المهابط في حقل الفيل النفطي، مطالبا بإجراءات عاجلة لمنع هذه الأعمال التي تعرض مؤسسات الدولة للخطر"، كما قال.

وأثار التنسيق بين فرنسا وتشاد بالقرب من حدود ليبيا في ظل اندلاع معارك هناك بقيادة حفتر تكهنات حول إمكانية دعم ومساندة الدولتين لحليفهما العسكري هناك (حفتر) من أجل بسط سيطرته على الجنوب، فهل سيتدخلان فعليا؟

مصالح مشتركة

من جهته، أكد وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "من مصلحة "ادريس ديبي القضاء على المعارضة التشادية، وقادة هذه المعارضة متواجدون داخل ليبيا، أما فرنسا فهي دائما حليفة لحكومات "تشاد" وقد ساندتها فى الماضي ضد ليبيا، عندما سيطرت على العاصمة انجامينا واحتلت تشاد"، وفق قوله.

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "نحن الليبيون ليست لنا مصلحة فى وجود المعارضة التشادية فى ليبيا كون ممارساتهم ضد المواطنين غير انسانية، كما أن دولة "تشاد" تدفع بالمرتزقة إلى ليبيا كسياسة للعمل ضد المعارضة باعتبارهم جميعا "تشاديين"، بحسب معلوماته وتصريحاته.

لابد من قرار أممي

وأشار رئيس اللجنة التسييرية للتجمع الوطني التباوي، حسين شكي، إلى أن "تشاد لن تغامر بالتدخل في ليبيا بطلب من فرنسا وحدها أو بطلب من حفتر، لعلم حكومة تشاد ورئيسها بأن الحدود مفتوحة مع ليبيا، وأن الحركة التجارية ستتضرر حال تدخلها مما يؤدي إلى احتجاجات داخلية ضد الحكم هناك".

وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "أغلب المعارضة التشادية المسلحة هم من المناطق الحدودية، أما بخصوص فرنسا فهي ليست من الدول ذات السياسات العبثية، وتعلم جيدا أن قرار التحركات العسكرية والتدخل في ليبيا لا يمكن أن تتخذه وحدها دون قرار أممي أو من حلف "الناتو"، بحسب قوله.

علاقة حفتر بالتشاد وفرنسا

 
لكن الطبيب العسكري الليبي، محمد الطويل أكد أن "هناك تنسيقا كبيرا بين فرنسا وتشاد منذ زمن، كما أن علاقة حفتر بفرنسا جيدة جدا، وهذا يؤكد وجود تنسيق بين كل من فرنسا وتشاد وحفتر، بخصوص الجنوب الليبي"، وفق قوله.

 

ولكنه وصفها في حديثه لـ"عربي21"، بأنها "مؤامرة باتت واضحة من أجل تمكين حفتر من الجنوب، ومن ثم تسليمه لفرنسا".

لكنه استدرك قائلا: "لكن بالطبع توجد حركات متمردة تشادية تعيث فسادا في الجنوب الليبي منذ فترة، لهذا أصبح التخلص من هذه العصابات أمرا ملحا لكل من تشاد وليبيا، ومايقوم به حفتر من محاربة هذه العصابات أمر جيد إن كان يراد به تحرير الجنوب وليس من أجل سيطرته على الحقول النفطية".

أين حكومة الوفاق؟

من جهتها، قالت الناشطة الليبية، هدى الكوافي، إن "غياب الدولة المتمثل في حكومة الوفاق وكذلك غياب أبناء الجنوب من منتسبي المؤسسة العسكرية والشرطية وترك الجنوب وخصوصا مدينة "سبها" لمجموعة من المجرمين وقطاع الطرق هو ما سمح بالتدخل التشادي بدعم فرنسي وبيد ليبية".

 

اقرأ أيضا: غضب جنوب ليبيا من قوات حفتر واتهامها بـ"النهب والسرقة"


وأضافت لـ"عربي21": "الجنوب أصبح ورقة هامة للوصول إلى كرسي الحكم في ليبيا، وتأمين المنطقة الجنوبية لايحتاج إلى كل هذه "الأرتال" العسكرية كونها قد تخلق صراعا قبليا تكون نتائجه دمار كبير والرابح هو: دولتي تشاد وفرنسا، والراغبين في الوصول إلى الكرسي من الليبيين"، بحسب قولها.

"طائرات تجسس"

وأكد الناشط من الجنوب الليبي، إسماعيل بازنكة، أن "فرنسا وتشاد تحاولان تهيئة الرأي العام والدولي عبر تقارير إعلامية مزيفة وملفقة عن الجنوب حتى تتمكن من التدخل العسكري العلني في جنوب ليبيا ودعم حليفهما خليفة حفتر، وسط صمت دولي ومحلي"، كما رأى.

وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "العملية المشتركة الأخيرة بين فرنسا وتشاد بالقرب من الجنوب هي مجرد تصريحات إعلامية لتحقيق أغراض سياسية معينة، وقاعدة تمنهنت في الجنوب، يوجد فيها ضباط فرنسيون وطائرات تجسس فرنسية تقوم بدعم حفتر لوجستيا"، وفق معلوماته .

وقال الناشط السياسي الليبي، أسامة كعبار، إن "حفتر هو مشروع فرنسا فى ليبيا بأدوات إقليمية داعمة وانضمت تشاد الآن إلى قائمة الداعمين، خاصة مع وجود توافق وتطابق في المصالح بين فرنسا وتشاد في الجنوب الليبي"، بحسب قوله.

وأضاف لـ"عربي21" أن ما أسماها "المؤامرة ضد ليبيا" كبيرة، و"خاصة مع تطور العلاقات التشادية-الإسرائيلية الأخير وهو ما يشير إلى أن هناك أياد إسرائيلية تدخلت أيضا ولصالح حفتر".

"خصوصية الجنوب"


وبدوره، أشار الباحث والمحلل السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي، إلى أن "حفتر لم يستطع تحقيق أي مكسب سياسي من كل هذه الحروب، كما أن حكومة الوفاق فهي بعيدة عن التوافق ولا تمتلك أي مشروع سياسي حقيقي في الجنوب الليبي".

وتابع بأن "الجنوب الليبي له خصوصية مختلفة عن أي منطقة أخرى، فلن يستطيع أي طرف السيطرة عليه مهما كانت قوته والدول الداعمة له، والكل يعرف أنها مغامرة خاسرة سياسيا، والحل يكمن في تغليب لغة العقل والتحاور وصولا إلى سلطة تنفيذية واحدة يمكنها حلحلة مشكلات الجنوب المتشابكة"، بحسب رأيه.

التعليقات (0)