حقوق وحريات

نجل العودة: السعودية تريد إعدام والدي وتقرب المتشددين

طالب الادعاء العام السعودي بالإعدام للعودة - أرشيفية
طالب الادعاء العام السعودي بالإعدام للعودة - أرشيفية

قال عبدالله العودة، نجل الداعية السعودي سلمان العودة، والباحث القانوتي في جامعة جورج تان الأمريكية، إن والده يواجه عقوبة الإعدام في المملكة، وإن المؤسسة الدينية المتشددة هناك تقوم بإسكات أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف.

ويحذر عبدالله العودة في مقاله، الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وترجمته "عربي21"، وجاء تحت عنوان "والدي يواجه حكم الإعدام، هذه هي العدالة السعودية"، من المصير الذي ينتظر والده،

 

ويقول العودة إن السعودية لا تقوم بالحد من دور المؤسسة الدينية المتشددة، كما يزعم الأمير محمد بن سلمان ومن يعاونه، بل تقوم بالحد من الأصوات المعتدلة، التي كانت تاريخيا تقاتل  التطرف وتواجهه، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الناشطين السعوديين والباحثين والمفكرين الذي دعوا للإصلاح، وواجهوا قوى التطرف والمجتمع الذكوري تم اعتقالهم.

 

ويفيد نجل الداعية إلى أن هناك الكثيرين منهم يواجهون حكم الإعدام، ومنهم "والدي سلمان العودة (61 عاما)، الباحث في القانون الإسلامي في السعودية، والإصلاحي الذي طالب باحترام واسع لحقوق الإنسان ضمن الشريعة والنظام القانوني الإسلامي القائم على القرآن، وكان صوته مسموعا وبشكل واسع، وذلك بسبب شعبيته، بالإضافة إلى وجود 14 مليون متابع له على (تويتر)" .

 

ويضيف الكاتب أن والده عبر عن قلقه في 10 من أيلول/ سبتمبر 2017، من التوتر الإقليمي، بعدما قامت السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر بفرض حصار على دولة قطر، وتحدث بطريقة غير مباشرة عن النزاع، وعبر عن رغبته بالتصالح، وقال: "أدعو الله أن يصلح قلوبهم لصالح شعوبهم"، هذا ما كتبه على "توتير"، مشيرا إلى أنه "بعد ساعات من تغريدته حضرت مجموعة من قوات الأمن إلى البيت في الرياض، وفتشته وصادرت أجهزة الحاسوب الشخصية وأخذت والدي".

 

ويعلق العودة قائلا إن "الحكومة السعودية كانت غاضبة من التغريدة على ما يبدو، واعتبرتها خرقا للقانون، وأخبر المحققون والدي أن موقفه المحايد في أزمة السعودية- قطر، والفشل في الوقوف مع الحكومة السعودية يعدان جريمة".

 

ويشير الكاتب إلى أن والده معتقل الآن في سجن انفرادي في سجن الذهبان في جدة، وهو مقيد ومكبل اليدين في داخل الزنزانة، ومنذ شهور، ويحرم من النوم والدواء، وحقق معه بشكل متكرر في الليل والنهار. وتم تجاهل حالته الصحية المتدهورة -ضغط الدم المرتفع والكوليسترول الذي أصيب بهما وهو في السجن- حتى اضطر إلى دخول المستشفى، وحرم من المساعدة القانونية بعد عام من اعتقاله.

 

ويفيد العودة بأن محكمة جنائية خاصة اجتمعت في الرياض في 4 أيلول/ سبتمبر، وبعيدا عن الأضواء، للنظر في الاتهامات العديدة التي وجهت لوالده، ومنها: إثارة الشقاق العام، والتحريض على الحاكم، والدعوة لتغيير الحكومة، ودعم الثورات العربية من خلال التركيز على الاعتقالات التعسفية لدعاة حرية التعبير، وحيازة كتب ممنوعة، ووصف الحكومة السعودية بالمستبدة، لافتا إلى أن النائب العام السعودي طالب بحكم الإعدام عليه.

 

ويرى الكاتب أن "السعودية استغلت لا أبالية الغرب تجاه السياسة المحلية، وقدمت حملات الملاحقة ضد الإصلاحيين، مثل والدي، على أنها حملات ضد المحافظين الدينيين، والواقع أبعد من هذا الزعم"،


ويقول العودة: "والدي يحبه الشعب السعودي؛ نظرا لمرجعيته وشرعيته بصفته عالما في الدين الإسلامي يختلف عن العلماء الذين تعينهم الدولة، ودعم معتمدا على المبادئ الإسلامية الحريات المدنية والمشاركة السياسية والفصل في السلطات واستقلالية القضاء".

 

ويلفت الكاتب إلى أن العودة قاد على مدى عقدين من الزمان حملة ضد الإرهاب في السعودية، ودعا إلى تجديد الخطاب الديني، وإلى الاعتدال الإسلامي، و"أتساءل عما إذا كان اعتقاله لشعبيته ولمواقفه التقدمية، أم لأنه ومنذ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة لم يسمح بالنظر لأحد على أنه مصلح". 

 

ويستدرك العودة قائلا: "في الوقت الذي يقبع فيه المصلحون مثل والدي في السجن، فإن السعودية تبنت متشددين، مثل الشيخ المتشدد خالد الفوزان، الذي يلقى الدعم من الدولة، وهو عضو هيئة كبار العلماء، وهو نفسه الذي قام عام 2003 بمعارضة مستقبل تقود فيه المرأة سيارتها، واعتبر الشيعة وبقية المسلمين الذين لا يؤمنون بالتعاليم الوهابية كفرة، وعد أي شخص لا يتفق مع التفسير الوهابي كافرا. واعتبر البوفيهات المفتوحة في المطاعم حراما؛ لأنها تشبه القمار المحرم في الإسلام".

 

وينوه الكاتب إلى مكانة الفوزان في دولة الملك سلمان وابنه محمد، فيقول: "في آب/ أغسطس جلس الفوزان بين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد في الديوان الملكي؛ للإشارة إلى مرجعيته وأهميته، وقبل عدة أشهر وخلال لقاء معه قال ولي العهد للفوزان: (أنت مثل والدي)، وفي أيلول/ سبتمبر أصدر الفوزان فتوى حث فيها الدولة على قتل المعارضين الذين يدعون للخروج على الحاكم، وبعد شهر اغتيل صديقي جمال خاشقجي".


ويرى العودة أنه "في مناخ خوف مثل هذا فإن هناك أملا قليلا بالعدالة، فقد تم تجريد القضاء من أي مظهر لحكم القانون والإجراءات القانونية، وبعض قضاة المحكمة الجنائية الخاصة التي تحاكم والدي سجنوا بعدما رفضوا إصدار أحكام قاسية أوصى بها النائب العام في قضايا معينة، وأخبرني قاض أن القضاة الذين عينوا في المحكمة الجنائية الخاصة يعيشون في خوف".

 

ويؤكد الكاتب أنه "مع ذلك فإن هناك قضاة في السعودية رفضوا الانصياع الكامل لسيطرة العائلة المالكة، ففي عام 2003 وقع 200 قاض على عريضة دعوا فيها لإصلاح قضائي حقيقي، وشجبوا (القمع الشامل والاضطهاد الممارس ضد الأصوات الوطنية الحقيقية)، وطالبوا باستقلال القضاء".

 

ويذكر العودة أن رد الحكومة على القضاة كان من خلال استفزازهم، فيما أحيل بعضهم للتحقيق في وزارة العدل، ووعد وزير العدل محمد العيسى بـ"حملة تصحيحية"، تخلص النظام القضائي من "القضاة الفاسدين"، وتم طرد قاضيين، فيما استأنف البقية عملهم بهدوء.

 

ويشير الكاتب إلى أن الحكومة السعودية أجلت محاكمة سلمان العودة في الثالث من شباط/ فبراير، وللمرة الثالثة، ودون توضيح، فيما واصلت سجنه، لافتا إلى التحرشات والمضايقات المستمرة التي تتعرض لها عائلته من اعتقال والده، 17 فردا من العائلة ممنوعون من السفر، بمن فيهم الأطفال، "وتم تفتيش مكتبتي الخاصة دون إذن، واعتقل عمي بعد تغريدة عن الحادث، وتم تجميد أرصدتي دون مبرر".

 

ويختم العودة مقاله بالقول: "لقد كشفت جريمة قتل جمال خاشقجي القناع عن ولي العهد السعودي المصلح الذي يحكم السعودية، لكن على العالم رفع صوته لدعم الأصوات التي تقاتل حقيقة من أجل الإصلاح، أشخاص مثل والدي سلمان العودة الذي طالب النائب العام بإعدامه".

 

 لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)