سياسة عربية

هكذا اخترقت السفارة الإسرائيلية النخب المصرية طوال 39 عاما

السيسي   عاموس يدلين   تويتر
السيسي عاموس يدلين تويتر

افتتحت إسرائيل في الثامن عشر من شباط/ فبراير 1980 سفارتها بالقاهرة، كأول سفارة لها بالوطن العربي، وقد لعبت السفارة على مدار 39 عاما أدوارا متعددة، من أجل تحقيق حلم التطبيع الشعبي مع المصريين، وحسب الخبراء الذين رصدوا هذه الأدوار، فإنها شهدت صعودا وهبوطا من فترة لأخرى، ولكنها أصبحت تتمتع بحرية أكبر في عهد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

الخبراء والمختصون أكدوا لـ"عربي21" أن السفارة الإسرائيلية في إطار تحقيق حلم التطبيع الشعبي، استطاعت أن تخترق العديد من النخب السياسية والاقتصادية والإعلامية، وهو ما كشفه الاحتفال السنوي للسفارة في ذكرى احتلال فلسطين، صيف 2018.

الباحث المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي سمير الطوخي يؤكد لـ "عربي21" عن وجود طابور خامس يعمل بعدة مؤسسات صحفية واقتصادية وسياسية لصالح إسرائيل، يمثلون مجهود مجموعة "جمعية القاهرة للسلام" التي شكلتها مجموعة كوبنهاجن عام 1997، برئاسة الكاتب اليساري لطفي الخولي، والتي ضمت صحفيين ومثقفين مصريين للتحاور مع نظرائهم الإسرائيليين.

ويضيف الطوخي، أن هناك شخصيات مصرية لعبت لصالح الترويج لإسرائيل على الصعيدين الثقافي والإعلامي مقابل شيطنة المقاومة الفلسطينية، ومن أبرزهم رئيس مجلس إدارة المصري اليوم حاليا، عبد المنعم سعيد، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام حاليا مكرم محمد أحمد، ورئيسة تحرير مجلة الديمقراطية السابقة وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني هالة مصطفى، والمخرج الشهير علي سالم، ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية سعد الدين إبراهيم، والسفير المصري الأسبق بإسرائيل صلاح بسيوني، والسياسي المقرب من السيسي أسامة الغزالي حرب.

 

اقرأ أيضا: السيسي يلتقي جنرالا إسرائيليا طالب بإبادة غزة

 
ووفقا للطوخي، فإن إسرائيل استطاعت اختراق عدد من المراكز البحثية الهامة، لصناعة أصدقاء لها بالقاهرة، كانوا رأس الحربة في الترويج للتطبيع، منها مركز دراسات الشرق الأوسط التابع للمخابرات المصرية، والذي يضم مجموعة من العسكريين والباحثين المدنيين من أبرزهم طارق فهمي وطه المجدوب، والأخير كان عضوا بجماعة كوبنهاجن، وكذلك مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام والذي كان أعضاؤه القوام الأساسي لجمعية القاهرة للسلام مع إسرائيل.

وحسب الطوخي فإن هناك شخصيات اقتصادية وسياسية لعبت دورا هاما في الترويج للتطبيع باستخدام الإعلام مثل صلاح دياب مؤسس جريدة المصري اليوم، والقيادي بحزب التجمع اليساري رضا محرم، موضحا أن هذه المجموعات لم يكن لها تأثير علي أرض الواقع، حتى انقلاب تموز/ يوليو 2013، نتيجة الرفض الشعبي وقوائم العار التي أصدرتها لجان مقاومة التطبيع، إلا أن حصاد جهدها ظهر بعد ذلك بسنوات وتحديدا بعهد السيسي الذي منحهم الحرية والحصانة للترويج عن مشروعهم التطبيعي مع إسرائيل.

المطبعون في الخفاء

من جانبه يؤكد عضو مجلس الشعب السابق عزب مصطفى لـ "عربي21"، أن السفارة الإسرائيلية ظلت معزولة على الجانب الشعبي بمختلف مستوياته، سواء الجماهيري أو على صعيد النخب السياسية والإعلامية وكان من نتائج ذلك، اقتحام ثوار يناير للسفارة في أيلول/ سبتمبر 2011، أي بعد قيام الثورة بعدة أشهر.

ويضيف مصطفى أن الأمور اختلفت بعد سنوات من التاريخ السابق، حيث أعادت إسرائيل العمل بالسفارة مرة أخرى في سبتمبر 2015، ولكنها عودة كانت مختلفة، حيث تحركت السفارة ومعها قوة دفع كبيرة من نظام الانقلاب الذي فتح لها الأبواب للانطلاق والتوغل داخل الأوساط المصرية، دون تحفظ أو رقيب كما كان يحدث بالماضي.

ووفقا للنائب البرلماني الذي شكل مع عدد من النواب تجمع "برلمانيون ضد التطبيع"، فإن النظام السياسي خلال فترة حكم مبارك وحتى في الفترة التي حكم فيها المجلس العسكري بعد ثورة يناير، كان يضع محاذير لتحركات السفارة داخل الأوساط المختلفة، لوجود شخصيات وهيئات مصرية وطنية تتصدى للتطبيع بمختلف صوره، ما جعله قاصرا على الجانب السياسي بشكل كبير.

وحسب مصطفى فإن بداية التطبيع الاقتصادي كانت من خلال توقيع اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل عام 2005، والذي اتضح أنه كان أحد شروط الإدارة الأمريكية لاستمرار حسني مبارك بالحكم، ثم توقيع اتفاقية الكويز بين مصر وإسرائيل عام 2007، التي شهدت حالة رفض شعبي عارم.

ويشير مصطفى إلى أنه بالرغم من خطوات التطبيع الاقتصادية، إلا أنها ظلت قاصرة على شخصيات وهيئات حددها النظام الحاكم وقتها، وما دعم ذلك أن نهاية 2007، شهد الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ما أشعل غضب المصريين ضد إسرائيل، وبالتالي لم تحقق "الكويز" هدفها في صناعة بيئة للتطبيع الشعبي، كما تم تدمير خط الغاز الطبيعي الذي يصل لإسرائيل أكثر من مرة، وألغى القضاء المصري الاتفاقية من الأساس عام 2009.

ويرى مصطفى أن الميزة الوحيدة للانقلاب العسكري الذي جري في 3 تموز/ يوليو 2013، أنه فضح المطبعين الذين كانوا يتحركون في الخفاء، وتفننوا في توجيه الطعنات لظهور المصريين قبل الانقلاب، لوجود حركة قوية ضد التطبيع، ولكن الانقلاب شجعهم على الظهور والتفاخر بعلاقاتهم مع إسرائيل، ودعوتهم علانية للمزيد من التطبيع.

التعليقات (0)