حول العالم

ما المعادلة الصحيحة بين العمل والترفيه لضمان سعادتنا؟

وقت الترفيه هو وقت مخصص للذات لتجديد طاقاتنا البدنية والنفسية فضلا عن تطوير التبادلات الاجتماعية خارج إطار العمل
وقت الترفيه هو وقت مخصص للذات لتجديد طاقاتنا البدنية والنفسية فضلا عن تطوير التبادلات الاجتماعية خارج إطار العمل
نشر موقع "أتلنتيكو" الفرنسي حوارا مع الأخصائية النفسية ماريا قيرسي، تطرقت فيه إلى كيفية الموازنة بين وقت العمل ووقت الترفيه؛ من أجل ضمان سعادتنا الشخصية، وتجنب ضغوط العمل.

وقال الموقع، في حواره الذي ترجمته "عربي21"، إنه حسب دراسة أمريكية شملت 37575 أمريكيا، تبين أن هناك علاقة شديدة الوضوح بين تقدير المرء لجودة حياته والوقت المخصص "للترفيه". وفي أيامنا هذه، يشتكي الكثير من الأشخاص من عدم تخصيص وقت لأنفسهم.

وفي سؤال الموقع عن أهمية تخصيص وقت للترفيه، أجابت المختصة النفسية أن "وقت الفراغ يشير إلى التقسيم بين "وقت العمل" و"الوقت خارج العمل" والمدة "ما بين الفترتين"، التي تجمع بين الأنشطة غير الروتينية. ولكن حتى يضمن الفرد هذا التوازن، يحتاج الجسد والعقل إلى بُعد رابع يتمثل في "وقت الفراغ"، الذي يمكننا ملؤه بالشكل الذي نراه مناسبا. ويعدّ هذا الوقت ضروريا وأساسيا بالنسبة للجسم، حتى ينجح المرء في استعادة نشاطه الجسدي والعقلي".

وفي حديثها عن الآثار السلبية لحياة لا يخصص فيها المرء سوى القليل من الوقت للترفيه، بيّنت قيرسي أن "وقت الترفيه هو وقت مخصص للذات لتجديد طاقاتنا البدنية والنفسية، فضلا عن تطوير التبادلات الاجتماعية خارج إطار العمل، وتوضيح تجربة العمل. ويعدّ وقت الترفيه أو الفراغ الفرصة المناسبة للتفكير. في هذه اللحظات من "التوافر النفسي" يمكن أن نطرح أسئلة يتم تناولها بطريقة أخرى. وفي تلك الأوقات التي لا نتلقى فيها العديد من الأوامر يبرز الإبداع".

وأضافت الأخصائية النفسية أنه "حين يشعر المرء بالملل، يبحث العقل عن أمر محفز للخروج من هذه الحالة السلبية. في هذا الوضع، تظهر العديد من الأفكار المبتكرة. وحين تتقلص المدة المخصصة للترفيه بشكل كبير، فإن الشخص يعول على موارده الخاصة. وفي بعض الأحيان، يكون هذا الوضع مؤقتا، ويمكن للجسم أن يعود تدريجيا إلى توازنه المعتاد. وفي أحيان أخرى، يستمر غياب وقت الفراغ في ظل وجود خطر بارتفاع حساسية الشخص، مع انعكاس ذلك على صحته".

أما فيما يتعلق بالعلاقة القائمة بين تقدير المرء لجودة حياته والوقت المخصص "للترفيه"، أشارت قيرسي إلى أنه "من المفارقات أن التمتع بالمزيد من وقت الفراغ لا يعني بالضرورة مزيدا من الرضا في الحياة. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي الكثير من وقت الفراغ إلى فقدان التوازن في حياتك اليومية".

وأكدت الأخصائية النفسية أن "تمتع الشخص ببعض وقت الفراغ ضمن إطار معين يُشعره بالاطمئنان، ويساهم في منحه إحساسا بالرفاه. وفي إطار نشاطاتي في المكتب، أدركت أن وقت الفراغ ينبغي أن يكون موجها نحو هدف معين حتى يكون ذا أهمية، وبذلك سوف يشعر الشخص أنه استثمر هذا الوقت بطريقة إيجابية".

وتعليقا عما إذا كان مكان العمل قادرا على التحول إلى مكان لتطوير "أوقات الفراغ"، أوضحت قيرسي أنه "منذ سنوات قليلة وداخل الشركات، تم تشجيع التأثيرات البناءة والمفيدة للنقاشات الرسمية وغير الرسمية؛ للحد من التوتر، وتعزيز تماسك الفريق. ورتبت الشركات أماكن للاسترخاء والحوارات غير الرسمية لزيادة الشعور بالرفاهية في العمل".

وأوردت الأخصائية النفسية أن "معظم الشركات استوحت هذا النموذج من الشركات الناشئة في كاليفورنيا لابتكار أماكن لاستقبال الضيوف تكون حول طاولات كرة القدم وكرة الطاولة. كما أعيد تصميم مساحات المطاعم الجماعية بالكامل لخلق جو يساعد على تقليل الضغط الذي يمكن للبيئة المهنية أن تسببه. وحتى تكون أكثر فاعلية، يجب استكمال هذا الاتجاه بتكريس تبادل جماعي حقيقي حول العمل".

وأضافت المختصة أن "الأمر يتعلق بتكوين مجموعات نقاش حول الممارسات المهنية التي تسمح للمشاركين بالتحدث عن أعمالهم، والتفكير في ممارساتهم، وعرض نجاحاتهم، ونقل تحدياتهم، وتجاوز الحواجز، وإيجاد الحلول، وإقامة علاقات في الآن ذاته".

أما فيما يتعلق بمقدار الوقت الذي يجب تخصيصه لأوقات الفراغ أسبوعيا حتى نتجنب الإجهاد أو التعرض لمتلازمة الاحتراق النفسي، ذكرت قيرسي أن "فكرة "المقدار" هي فكرة ذاتية؛ لأن لكل شخص عتبة التنبيه الخاصة به. ومع ذلك، توجد علامات تحذيرية ينبغي عدم إهمال أهميتها، على غرار الإرهاق الجسدي والفكري، والحالة الانفعالية المتفاقمة، وتراجع التركيز، وصعوبة في اتخاذ القرارات، وتراجع التحفيز، والانغلاق على الذات".
0
التعليقات (0)

خبر عاجل