ملفات وتقارير

هل استفاد الإخوان المسلمون من ثورة 1919 وخسروا في 2011؟

حشمت: مشروع الإخوان كان يتصادم مع المشروعات الاستعمارية، ثم مع المشروع الصهيوني
حشمت: مشروع الإخوان كان يتصادم مع المشروعات الاستعمارية، ثم مع المشروع الصهيوني

لم تمض عشر سنوات على قيام ثورة 1919، حتى أعلن الشيخ حسن البنا تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، حيث تأسست الجماعة بعد 9 سنوات على قيام الثورة، وبعد عام واحد من رحيل سعد زغلول.


ويرى المختصون الذين تناولوا علاقة الإخوان بثورة 1919، أن الجماعة لم تكن بديلا أو منافسة لحزب الوفد، ذي الشعبية الطاغية، كما أن الوفد لم ينظر للجماعة في البداية بريبة أو شك، حتى قرر البنا خوض الإخوان للانتخابات النيابية، ما أزعج الإنجليز والوفد وباقي الأحزاب القائمة.

 

ويشير المختصون الذين تحدثوا لـ"عربي21" إلى أن ثورة 1919، التي يتم الاحتفال بمئويتها الأولى خلال شهر آذار/ مارس الجاري، رسخت القيم الليبرالية، بما أتاح حرية الحركة السياسية لجميع الاتجاهات، طالما كانت في إطار عدم تكرار تجربة الخلافة الإسلامية، في ظل اعتماد الاحتلال على سياسة "فرق تسد".

 

ويشير المختصون إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، التي لقت ترحيبا في الشارع المصري خلال وقت قياسي، لم تتناغم أهدافها وحركتها مع ثورة 1919، حيث اتخذت الجماعة مسارات مختلفة عن مسارات الثورة الليبرالية، سواء في منظورها للدعوة الإسلامية والدينية، أو في رؤيتها السياسية، وطريق التحرر من الاحتلال، الذي اتخذ أشكالا سياسية وعسكرية متعددة.

 

تضارب المشروعات

 

وحسب الخبير بعلم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي، فإن الاتجاهات الدينية التي كانت موجودة مطلع القرن العشرين، في أثناء حدوث ثورة 1919، لم تخرج عن الحركات الصوفية، والجمعية الشرعية، حركة مصر الفتاة، وهي التوجهات التي خالفتها جماعة الإخوان المسلمين، من خلال أهدافها وأساليب دعوتها، ومشروعها الأساسي لإحياء الشريعة الإسلامية مرة أخرى.

 

ويضيف المرصفاوي لـ"عربي21" أن هذا التصور الذي طرحته جماعة الإخوان تزامن مع حدوث انشقاقات داخل حزب الوفد، ما جعل المعادلة لصالح الإخوان، التي استطاعت في سنوات قليلة أن تكون قبلة للمثقفين والعلماء والقضاة وأساتذة الجامعات، والعمال والموظفين، بالإضافة للشعبية والقبول الذي كان يتمتع به الشيخ حسن البنا مرشد الجماعة الأول.

 

وعن العداء بين الوفد والإخوان، يرى المرصفاوي أن شخصية البنا وزعامته الشعبية أزعجت أكبر زعامة شعبية كانت موجودة وقتها، وهي شخصية مصطفى النحاس باشا، الذي تفاجأ بأن الإخوان ليست فقط الجماعة الدينية التي نشأت في محافظة الإسماعيلية، أو هي الجماعة التي كان قائدها يسير على رأس فرق الكشافة الخاصة بها في الاحتفالات الدينية والوطنية.

 

ويضيف المرصفاوي قائلا: "في الوقت الذي كان يعاني فيه النحاس باشا من الانشقاقات داخل حزب الوفد، كان الشيخ البنا يكتسب كل يوم أرضا جديدة وسط مختلف قطاعات الشعب المصري، وأصبح الإخوان في أقل من عشر سنوات رقما في الحياة السياسية، لا يمكن للقصر أو الإنجليز أو الأحزاب الحاكمة أن تتجاوزه".

 

ووفقا للخبير السياسي، فإن الإخوان استفادت من المناخ الذي فرضته ثورة 1919، مثل حرية التعبير، وإصدار الصحف، وعقد الاجتماعات، والوعي الثقافي للمصريين، ولكن هذا لا يعني أن الحرية أصبح لها حدّ عندما أزعجت الاحتلال والمشروع الصهيوني الذي بدأ في وضع أقدامه بالمنطقة العربية.

 

ليس صداما

 

وحسب رؤية عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، محمد جمال حشمت، فإن الجماعة استفادت من النتائج التي حققتها ثورة 1919، ولكنها في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011 كانت أحد صناع هذه الثورة، وفي كلتا الثورتين فإن الأطراف الأخرى كانت لها مواقف عدائية من الجماعة لأسباب متعددة.

 

ويؤكد حشمت لـ"عربي21" أن الإخوان كانوا وقودا لإشعال ثورة يناير، وقدموا في طريق ذلك آلاف المعتقلين، ومئات القضايا العسكرية، ومئات الشهداء، طوال أكثر من 70 عاما منذ قيام حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952، كما أنهم تصدوا للمشروع الصهيوني منذ اليوم الأول لوجوده، وطرحوا مشروعا إسلاميا لقي قبولا من مختلف الشعوب العربية والإسلامية.

 

ويضيف القيادي الإخواني قائلا: "المنهج الإصلاحي الذي تبنته الجماعة أزعج الأطراف الأخرى، الذين كانوا يتعاملون مع الإخوان على أنهم إما وسيلة للحشد، أو ورقة يتم استخدامها في يد البعض للحصول على مكاسب من الأطراف الأخرى، ولذلك عندما قامت ثورة يناير، فإن محاولات تكرار السيناريو ذاته مع الإخوان لم يعد مقبولا، نتيجة الثقة التي حصلت عليها الجماعة في خمسة استحقاقات شعبية بأقل من عامين".

 

ويشير حشمت إلى أن الإخوان لم تكن في عداء مع ثورة 1919، ولم تكن في صدام مع حزب الوفد، لكنها كانت تبحث عن حرية مصر ونهضتها، وفق المشروع الإسلامي، باعتباره مقدمة لنهضة الأمة الإسلامية، وهو المشروع الذي كان يتصادم مع المشروعات الاستعمارية، ثم مع المشروع الصهيوني.

 

وحسب حشمت، فإن ثورة 19 كانت نتائجها المباشرة داخل القطر المصري، بينما أشعلت ثورة يناير 2011 الأمل في تغيير الأنظمة المستبدة، وأصبح نجاح المصريين دليلا لغيرهم من الشعوب العربية المحيطة، وهو ما كان سببا مباشرا في محاربة الثورة، والقضاء على أهم محرك فيها وهي جماعة الإخوان المسلمين.

التعليقات (0)