سياسة عربية

لوبوان: تساؤلات أساسية لفهم تدخل الجيش في الجزائر

أيدت شخصيات كبيرة في حزب بوتلفيقة طلب صالح باعتبار الرئيس عاجزا عن القيام بمهامه - (صفحة الجيش على فيسبوك)
أيدت شخصيات كبيرة في حزب بوتلفيقة طلب صالح باعتبار الرئيس عاجزا عن القيام بمهامه - (صفحة الجيش على فيسبوك)

نشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية تقريرا تطرقت فيه إلى مفاتيح فهم المعنى الحقيقي لدعوة الجنرال أحمد قايد صالح لتطبيق المادة 102 من الدستور، التي تنص على أن وجود "عائق" بسبب "مرض خطير ومزمن" يمنع رئيس الدولة من مزاولة مهامه.

 

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السؤال الأول يتمحور حول السبب الكامن وراء الأهمية التي تحظى بها تصريحات قايد صالح. نظريا، وبصفته رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، يرتبط أحمد قايد صالح برئيس الجمهورية الذي ما زال قائد القوات المسلحة. ولكن رئيس الأركان، الذي لطالما كرر أن المؤسسة العسكرية لا تمارس السياسة، قد تجاوز صلاحياته.

أما عمليا، يعد الجيش تاريخيا أحد أهم صناع القرار في البلاد، وقد جعل عبد العزيز بوتفليقة الجنرال أحمد قايد صالح أحد أقوى الرجال الذي اعتبر، منذ إصابة رئيس الدولة بجلطة، حَكَم الخلافة الرئاسية.

 

اقرأ أيضا: الحزب الحاكم في الجزائر يؤيد موقف الجيش من بوتفليقة

وأوضحت المجلة أنه منذ بداية التعبئة الشعبية في 22 شباط/ فبراير، تم تحليل خُطب قايد صالح على أنها مقياس القرار السياسي. ففي البداية، حذر الجنرال قايد صالح من الانزلاقات التي قد تثيرها المظاهرات، ولكنه فيما بعد حيّا تدريجيا مدنية وسلمية المسيرات، قبل أن يعلن يوم 18 آذار/ مارس أنه "بفضل روح المسؤولية، من الممكن إيجاد حلول في أقصر وقت ممكن". وعلى هذا النحو، دفع تطور خطاب قايد صالح إلى تصور تدخل وشيك لمحاولة وضع حد للأزمة السياسية.

وأضافت المجلة أن السؤال الثاني يتمثل في سبب اختيار قايد صالح التحدث في هذا الوقت تحديدا. وفي الواقع، يعود هذا الخيار إلى وصول الأزمة السياسية إلى طريق مسدود، فقد دخل الشارع في منطق "المطالبة بالرحيل"، بينما لا تزال الدائرة الرئاسية "تعاند". ومن خلال الدعوة إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، وضع أحمد قايد صالح حدا للوضع الراهن الذي كان من الممكن أن يستمر إلى حدود 28 نيسان/ أبريل، أي التاريخ الرسمي لانتهاء ولاية الرئيس.

ويشكل هذا التاريخ خطرا مزدوجا، يتمثل في اتساع رقعة المظاهرات وفراغ دستوري ومؤسسي في حال انتهاء ولاية الرئيس دون التوصل إلى حل. وربما يرتبط التوقيت بالسياق أيضًا، ذلك أنه منذ بداية الشهر الجاري تعددت الانشقاقات، بما في ذلك داخل الإدارة وبين صفوف الأطراف الداعمة بطريقة غير مشروطة حتى الآن للرئيس، الذي وجد نفسه معزولًا.

وأوردت المجلة أن السؤال الثالث يتعلق بردود الفعل حول الإعلان الأخير لقايد صالح. ويأسف ناشط سياسي من المعارضة قدم مؤخرًا خارطة طريق تمتد على ستة أشهر من أنه "قيل لنا إن الجيش لا يتدخل في السياسة وها هو يدعو إلى الإطاحة بالرئيس. ويسمح تطبيق المادة 102 لصناع القرار بالحصول على مساحة زمنية مريحة لإدارة ما بعد بوتفليقة، بالتزامن مع محاولة تهدئة الشارع الذي سيُسوق له الاستبعاد الطبي للرئيس كما لو كان 'انتصارا له'. وكل ما نخشاه أن يُدير النظام عينُه مرحلة الانتقال".

وعموما، بدت المعارضة شديدة الحذر. وفي تغريدة له، تساءل عثمان معزوز، عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، مستنكرا: "من سيُصدق قايد صالح الذي يستمر في ادعاء الحياد؟ هل سيُطيع المجلس الدستوري أوامره؟". وفي بيانه، أشار حزب حركة مجتمع السلم الإسلامي إلى أن "الاكتفاء بالمادة 102 لا يضمن تحقيق إصلاحات ولا يسمح بالانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة".

وأفادت المجلة بأنه في أوساط المجتمع المدني، كانت ردود الفعل أشد حذرا. وبالنسبة لمصطفى بوشاشي، وهو محامي وناشط في مجال حقوق الإنسان وشخصية يُؤيدها الشارع في "حكومة انتقالية جديدة"، "تم تجاوز" تطبيق المادة 102. فقد صرح بوشاشي بأن "الجزائريين لن يقبلوا بأن تدير حكومة أو رموز هذا النظام الفترة الانتقالية".

ولعل هذا ما نشرته صحيفة "الخبر" اليومية، التي تصدر باللغة العربية، والتي أعطت الكلمة لنشطاء ورجال القانون لشرح أن مبادرة رئيس الأركان "متأخرة جدًا" وأن الحركة الشعبية "قد تجاوزت" المادة 102. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتُقد تصريح رئيس الأركان بشدة، ورأى العديد من رواد الإنترنت أنه "لا يجدر بالجيش أن يتدخل"، وأن ما يقوم به قايد صالح هو "انقلاب".

وفيما يتعلق بالأحداث التي ستجد في الأيام القادمة، تطرقت المجلة إلى أن ولاية الرئيس تنتهي رسميا يوم 28 نيسان/ أبريل. لكن من المرجح أن تصريحات رئيس أركان الجيش ستُعجل برحيله. ووفقا لمصادر مقربة من دائرة الاستعلام والأمن السابقة، قد يكون المجلس الدستوري بصدد تشكيل لجنة من الأطباء من أجل إعلان أن الرئيس بوتفليقة "عاجز".

وبينت المجلة أنه بموجب المادة 102، سيقترح المجلس الدستوري على غرفتي البرلمان إعلان حالة المانع الذي يعيق الرئيس عن ممارسة مهامه. بعد ذلك، سيُكلف رئيس مجلس الأمة لمدة 45 يومًا برئاسة الدولة بالنيابة.

 

وفي حال استمرار المانع بعد انقضاء 45 يومًا، سيواصل رئيس هذا المجلس نيابته خلال فترة انتقالية تدوم 90 يومًا جديدة يتم خلالها تنظيم الانتخابات الرئاسية، وذلك وفقًا للمادة 104 من طرف "الحكومة القائمة إبان حصول المانع"، وهي الحكومة الحالية لنور الدين بدوي.

التعليقات (0)