مقالات مختارة

توليفة الحل المتوازن مُمكِنة…

سليم قلالة
1300x600
1300x600

غريب أمرنا، إما أن نعيش السلم خاضعين في ظل الفساد والحُكم الفردي، أو نعيش الديمقراطية في ظل التظاهرات والخوف من المستقبل. أبدا لم نستطع العثور على المعادلة المتوازنة، وعلى توليفة الحل المتوازن لهذا الأمر! أي أن نعرف السِّلم، وفي الوقت ذاته الديمقراطية والحكم الراشد. أين يَكمُن الخلل وما الحل؟


لقد عشنا بالفعل هذه الحالة في العشرين سنة الماضية، عرفنا السلم الاجتماعي حقيقة، ولكننا في الوقت ذاته عرفنا كل أشكال الفوضى في التسيير والفساد والحكم شبه الفردي، وتقبَّل المجتمع هذه الوضعية على مضض، إلى أن زاد الأمر على حدّه فانقلب إلى ضد. وتحول ذلك السكون الرهيب الذي عرفته البلاد في السنوات الأخيرة، إلى غضب شامل سطع في لحظة، كانت بالفعل من لحظات القدر. وقال الناس جميعا كفى العيش في ظل سلم زائف وديمقراطية غائبة.


وكانت ومازالت المسيرات الضخمة. وكانت ومازالت الشعارات، في تجدد مستمر.
فإلى أين نحن سائرون: هل بالسلمية إلى السلم والديمقراطية؟ أم بالسلمية إلى غيرها من السيناريوهات؟


يبدو لي أنه علينا أن نضع هذه المعادلة الصعبة بين أعيننا في كل لحظة، وأن نتوقف مليا عند الحلول المقترحة دون الاستهانة بأي منها؟


الاحتكام إلى الدستور وإن كان في ذلك بعض النقص!؟ الاحتكام إلى الشرعية الشعبية وإن بدت متعدّدة المطالب غير واضحة التمثيل!؟ الاحتكام إلى الجيش وإن قُلنا إنه ينبغي ألا يتدخل في السياسة!؟ الاحتكام إلى التوازنات الدولية وإن رفعنا شعار لا لليد الأجنبية!؟


ماذا نفعل؟


يبدو لي أنه علينا إيجاد توليفة بين العناصر الأربعة المذكورة آنفا، لأننا إذا تخلَّينا عن الدستور مهما كان ناقصا، نكون قد فتحنا المجال لكل احتمالات التشريع الفردي أو التصرف خارج القانون، وإذا ما تخلَّينا عن الشرعية الشعبية، نكون قد أفرغنا كل هذه المسيرات من محتواها، وإذا ما تخلينا عن دور الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن المختلفة، نكون قد فقدنا الضامن الأكبر لسلمية مظاهراتنا واحتجاجنا. وإذا ما أسقطنا تماما المصالح الأجنبية من حساباتنا، نكون قد تَصرَّفنا خارج نطاق عالم متضارب وعولمة لا تسمح بأن يعيش أحد بمعزل عن الآخر.


إذن الحل في تقديري هو في القدرة على إيجاد هذه التوليفة وعدم التنكر لأي من مكوناتها، لأن الانطلاق من الشرعية الشعبية وحدها، سيؤدي بنا إلى فتح نقاشات لا حدود لها حول كل المسائل المتفق بشأنها وغير المتفق بشأنها، والانطلاق من دور الجيش ومصالح الأمن سيؤدي إلى تحميلهما أعباء لا قِبَلَ لهما بهما. أماالسَّمَاع فقط إلى تلك الحلول التي ترجع الكلمة الأخيرة فقط للعوامل الخارجية، فسيوقعنا في التدويل الذي لا مخرج سليما بعده.


لذلك، فإني لا أرى أفضل من أن يكون الدستور الحالي ضامنا لحد أدنى من الاتفاق حول العمل بهذه التوليفة، في انتظار تجديده في السنوات القادمة بما يخدم مستقبل المواطن والدولة بجميع أركانها.. ولنا في ذلك كل الأمل.

 

عن صحيفة الشروق الجزائرية

2
التعليقات (2)
متفائل
الإثنين، 01-04-2019 08:41 م
معادلة من الدرجة الأولى ذات مجهول واحد ، بمعنى الحل بسيط ، وهو تمكين الشعب من اختيار رئيس من خلال انتخابات حرة ، ثم لا بأس بعد ذلك من انتخابات برلمانية يختار الشعب ممثليه بكل حرية ، يليها صياغة وثيقة دستورية يجب أن تنال موافقة ممثلي الشعب الذين ينوبون عنه في قراءة و تمحبص الوثيقة والموافقة عليها . كيف يتم ذلك؟ إذا كانت هذه هي المطلب الرئيسي للشعب بصفته الطرف الأول في المعادلة ، فإن طرفها الثاني هو الرئاسة ، أي الرئيس الذي لم تنته عهدته بعد ، ولا يهمنا اليوم من يقف خلف الرئيس أو أمامه ، المطلوب هو الاستجابة للحراك الشعبي كما يلي : الموافقة بالقرار على إنشاء هيئة رئاسية برئاسة بوشاشي ، تضم كلا من : مولود حمروش ، أحمد طالب الإبراهيمي ، كريم طابو ، جميلة بوحيرد ، زهرة ظريف ، فوضيل بومالة . الهيئة الرئاسية هي من تعين رئيسا للحكومة و وزراء لتسيير المرحلة الانتقالية . المرحلة الانتقالية لا تتجاوز أربعة أشهر . و أي التفاف على هذا المطلب الرئيسي يمكن أن يعقد المعادلة و يجعلها من دون حل . انتهى .
الله يهدينا
الإثنين، 01-04-2019 09:36 ص
مقال عقلاني.