قضايا وآراء

هل فاز نتنياهو في الانتخابات حقا؟

1300x600
1300x600

كان لافتا تصويت مستوطني غلاف غزة خصوصا في سديروت لصالح نتنياهو بنسبة 42 % مقابل 19 % لصالح غانتس زعيم تحالف أزرق أبيض؛ والتحق بهم مستوطنو شمال تل أبيب وجنوبها بعد سقوط صواريخ المقاومة في ضواحيهم على عكس تل أبيب التي صوت 45% من ساكنيها العلمانيين لغانتس.

 

المقاومة وحماس في الانتخابات الإسرائيلية

الناخبون في مستوطنات غلاف غزة على الرغم من استيائهم من سياسة نتنياهو المتمسكة بالتهدئة تجاه القطاع، إلا أنهم صوتوا له على أمل الوصول إلى هدنة طويلة مع المقاومة وحركة "حماس"؛ توجه عزز بخسارة "نفتالي بينت" و"إيليت شكيدا" لمقاعدهم في الكنيست؛ مسقطا بذلك خيار التصعيد والمواجهة المرعبة التي يتبناها حزب بينت (الجديد).

في المقابل جاء التصويت في القدس والمستوطنات لصالح اليمين وحزب الليكود دون تردد أو تلكؤ؛ ليحصد اليمين والمتدينون المتطرفون 65 مقعدا من أصل 120 في مؤشر على دعم التوجهات السياسية المعلنة لضم المستوطنات والمنطقة ( C) في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.

 

جاء التصويت في القدس والمستوطنات لصالح اليمين وحزب الليكود دون تردد أو تلكؤ؛


فالكلفة المتوقعة لضم الضفة الغربية والمستوطنات منخفضة ومشجعة من وجهة نظر نتيناهو واليمين والقادة الأمنين على عكس الحال في قطاع غزة؛ ذلك أن الدعم الأمريكي عبر صفقة القرن والتطبيع والتنسيق الأمني مع سلطة رام الله سيوفر الغطاء الآمن لتمرير هذه السياسية بكلف منخفضة بحسب تقديراتهم.

 

رهان التنسيق الأمني مع السلطة

نتنياهو والقادة الأمنيون في الكيان يراهنون بقوة على التنسيق الأمني مع السلطة لضبط الأوضاع في الضفة الغربية ومنع تدهورها إلى مواجهة شاملة؛ على عكس الحال في قطاع غزة التي دخلت في مناوشة صاروخية أكثر من مرة مع نتنياهو وجيشه في الأشهر القليلة الماضية؛ مناوشات أطاحت بـ "ايفغدور ليبرمان" وحزبه (إسرائيل بيتنا)  من حكومة نتنياهو العام الماضي واضعا نتنياهو على الحافة بـ 61 مقعدا؛ تجربة لا يرغب نتنياهو بخوضها مجددا لكلفها المرتفعة وخطورتها على مستقبله المهدد بلوائح اتهام بالفساد من الممكن أن تدخله السجن؛ كلف دفعها أيضا مستوطنو الغلاف القلقون من مسيرات العودة وصواريخ المقاومة.
 
فسيفساء دقيقة كشفت عنها الانتخابات الإسرائيلية؛ لا تقتصر على الأحزاب وتركيبتها بل وعلى الدوافع والغايات التي تقف وراء سقوط أسماء وصعود أخرى وتعزيز توجهات دون أخرى وتسخين جبهات وتبريد أخرى؛ فسيفساء تفصلها خطوط ضيقة جدا بين برامجها ودوافعها السياسية وأولوياتها؛ ترسم ملامحها هواجس نتنياهو النابعة من الملاحقة القانونية ولوائح الاتهام التي من الممكن أن تطال زوجته سارة.

 

استجاب لهواجس المستوطنين
  
هواجس قايضها نتنياهو بسياسات متعارضة تستجيب لمصالح الكنتونات الاستيطانية المبعثرة شمال فلسطين وجنوبها في القدس ومستوطنات الضفة؛ تارة بالأمن والهدوء في الجبهة الجنوبية والشمالية؛ وتارة بالسيادة والدولة اليهودية في الضفة والأراضي المحتلة عام 48؛ مقايضات ومساومات حددت معالم برنامج نتنياهو الانتخابي وطريقة استجاباته لهذه الفسيفساء؛ فاليمين المتطرف في الكيان الاسرائيلي بحد ذاته فسيفساء، (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)؛ يمين متطلب ومتقلب بطبيعته؛ أولوياته متعارضة لا يجمعه إلا رئيس وزراء قادر على التعامل مع متطلباته التي تعكس تركيبته الديموغرافية وتبعثره الجغرافي على أرض فلسطين.

 

نتنياهو والقادة الأمنيون في الكيان يراهنون بقوة على التنسيق الأمني مع السلطة لضبط الأوضاع في الضفة الغربية ومنع تدهورها إلى مواجهة شاملة؛


ختاما: عزز نتنياهو مكانته في الساحة الداخلية كزعيم سياسي يلتقي على دعمه اليمين بعد أن أثبت نفسه كزعيم تتعاطى معه القوى الإقليمية والدولية بجدية تعكسها هدايا مريديه كالرئيس ترمب والرئيس بوتين إلى جانب المطبعين المجتمعين على دعمه بسبب قدرته على الاستجابة لمتطلباتهم وغاياتهم المتعارضة؛ فنتنياهو حالة فريدة من نوعها بحق؛ التفت حوله روسيا وأمريكا والمطبعين العرب واليمين الإسرائيلي؛ وانتصاره كان نقطة قوة من ورائها ضعف كامن ناجم عن تشعب التزاماته وكثرة وعوده التي سيعجز عن الإيفاء بها مستقبلا لقوى دولية وإقليمية ومحلية، سواء (داخل الكيان أو في الضفة الغربية وقطاع غزة)، إذ لن تحد من نزعتها المتطلبة مهارته في المناورة والخطابة؛ فالانتخابات وضعت نتنياهو أمام استحقاقات خطيرة وحمل ثقيل ما كان له أن يحمله لولا هاجسه القوي بأن يلتحق بأولمرت في السجن. 

التعليقات (0)