سياسة عربية

ما مستقبل المليشيات المدعومة إيرانيا بسوريا؟.. سيناريوهات

عنصر من حزب الله اللبناني خلال القتال في سوريا- جيتي
عنصر من حزب الله اللبناني خلال القتال في سوريا- جيتي

مع برود الجبهات السورية نسبيا، تتصاعد التساؤلات عن مستقبل المليشيات المحلية والأجنبية المدعومة إيرانيا، لا سيما وأن هذه المليشيات تحولت إلى نقطة خلاف بين روسيا وإيران، وعاملا مقلقا للنظام لما لوجودها من تداعيات سلبية على استقرار المناطق الخاضعة لسيطرته، وكذلك على مرحلة إعادة الإعمار.

وإلى جانب مليشيات "الدفاع الوطني" المحلية التي يطلق عليها (الشبيحة)، استجلبت إيران مليشيات من بلدان مجاورة وغير مجاورة، من بينها العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان، يغلب عليها الطابع الطائفي الشيعي، لدعم نظام الأسد.

وبالرغم من القوة العددية "الكبيرة" للجيش الإيراني، إلا أن طهران سلكت منذ العام 2012 خيار دعم وإرسال المليشيات إلى سوريا، في حين اكتفت بإرسال خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني لقيادة المعارك.

من جانبه، أرجع مدير "المرصد الاستراتيجي" الدكتور بشير زين العابدين، اعتماد طهران على أسلوب تشكيل ودعم المليشيات، إلى عوامل عدة، تاريخية وجغرافية وأمنية وإيديولوجية.

وعدّ في حديثه لـ"عربي21"، سياسة إيران في إنشاء المليشيات بالمناطق العربية، بأنها استمرار للسياسة التي بدأتها منذ ثلاثة عقود، في لبنان والعراق واليمن وبعض دول الخليج العربي (الكويت، البحرين، السعودية)، بهدف توسيع نفوذها في المنطقة.

وأضاف، أن الجغرافيا السياسية الإيرانية تفرض على طهران منذ القدم إنشاء مليشيات خارج حدودها لضمان أمنها، موضحا أن "الفسلفة الأمنية لإيران، تقوم على إشعال الفتن في الخارج لضمان أمن الداخل".

وبالمقابل، قال زين العابدين إن "إيران لن تضحي بجيشها النظامي وأمنها بإرساله في مهام قتالية خارج حدودها، وإنما تستخدم المقاتلين من أبناء الأقليات كوقود للفتن التي تشعلها خارج حدودها، من خلال العنصر الطائفي الذي هو عنصر دخيل على السياسة الإيرانية تاريخيا".

وعن أعداد أفراد المليشيات التي استقدمتها إيران إلى سوريا، أشار إلى عدم توفر أرقام دقيقة، وقال "العدد يزيد وينقص وفق الحالة العسكرية".

وأوضح أنه في منتصف العام 2015 كانت التقديرات تشير إلى وجود ما بين 100- 150 مقاتل مدعوم من إيران في سوريا، غير أنه مع انحسار العمليات القتالية، فقد عاد الكثير من المقاتلين العراقيين واللبنانيين، ليتبقى حاليا ما بين 20- 30 ألف، بحسب أرقام تقديرية.

حرب عقدية

من جانب آخر، اعتبر الكاتب والباحث، عباس شريفة، في حديثه لـ"عربي21"، أن إيران أعطت مشاركتها القتال في سوريا بعدا عقديا (الجهاد الشيعي).

وقال إن "هذا الأمر ساعد إيران على استقطاب المقاتلين الشيعة من كل دول المنطقة، مستفيدة من ظهور بعض الجماعات ذات الفكر الجهادي في جانب المعارضة، مثل جبهة النصرة".

ولفت شريفة، إلى أن إيران تطمح حاليا إلى توطين هؤلاء المقاتلين في سوريا، تمهيدا لسحب "فيلق القدس" التابع لحرسها الثوري إلى قواعده في إيران.

وأضاف، أن طهران تضغط حاليا على النظام السوري لضم هؤلاء إلى الجيش، بعد منحهم الجنسية السورية، منهيا بقوله أن "المليشيات أعطت قوة لإيران على الأرض، بخلاف روسيا التي تحظى بقوة ضعيفة على الأرض السورية".

أسماء المليشيات وتوزعها

واستنادا إلى دراسات متخصصة، ترصد "عربي21" أسماء أبرز المليشيات المدعومة إيرانيا، وأماكن انتشارها في الجغرافية السورية.

-حزب الله: يعتبر "حزب الله" اللبناني من أبرز القوات المدعومة إيرانيا في سوريا، وينتشر حاليا إلى جانب دمشق في الجنوب السوري، وعلى طول المناطق الحدودية السورية اللبنانية، إلى جانب ريف دير الزور، وريف حلب الشمالي في بلدتي "نبل والزهراء" الشيعتين، ويتهم الحزب بارتكاب جرائم حرب في سوريا.

-لواء أبو الفضل العباس: يعد اللواء من أكبر المليشيات العراقية، وينتشر في دمشق والقلمون وحلب، ويتألف من مقاتلي كتائب "حزب الله" العراقي وعصائب أهل الحق وجيش المهدي ومنظمة بدر ومقاتلين سوريين شيعة، ويعتقد أنه يتبع للتيار الصدري في العراق.

-لواء ذو الفقار: ظهر مقاتلو هذا اللواء في حزيران/ يونيو 2013، ويتكون من مقاتلين في جيش المهدي وعصائب الحق، وهو تشكيل عسكري انشق عن لواء أبو الفضل العباس، ومسؤوله أبو شهد الجبوري شارك بمعارك رئيسة في دمشق.

-فرقة "فاطميون" وفرقة "زينبيون": وتتشكل الفرقة الأولى من السجناء والشيعة الهزارة الأفغان، الذين يلجأ عدد كبير منهم إلى إيران، بينما شكلت الثانية من باكستانيين شيعة قاطنين بإيران.

-لواء كفيل زينب: هو عبارة عن جناح تابع لعصائب الحق، تم تأسيسه من قبل قيس الخزعلي في حزيران/ يونيو 2013، معللا ذلك في الدفاع عن الأماكن المقدسة، ومشددا القتال دفاعا عن نظام الأسد، ومقاتلو هذا اللواء يتلقون رواتب مالية مغرية، ما سمح لهم بتجنيد عدد كبير من المرتزقة.

ومن بين المليشيات الأخرى، فيلق الوعد الصادق، ولواء أسد الله الغالب، ولواء الإمام الحسين، وفوج التدخل السريع.

ما مستقبلها

 

 وفي السياق، ناقشت دراسة نشرها معهد هولندا للعلاقات الدولية مطلع نيسان/ مارس الجاري، بعنوان "ستة سيناريوهات لمستقبل المليشيات الموالية للنظام في مرحلة ما بعد الحرب"، وترجمها "المرصد الاستراتيجي" مستقبل هذه المليشيات.

والسيناريوهات بحسب الدراسة، على الشكل التالي:

- حلها بشكل تام وترحيل المقاتلين الأجانب: سيناريو مرضي لروسيا وإسرائيل، وغير مرضي لإيران وحزب الله والنظام السوري.

- إدماجها بشكل تام في صفوف  جيش النظام: سيناريو مرضي لروسيا وإسرائيل ونظام الأسد، لكنه غير مرض لإيران وحزب الله.

-دمج المليشيات في تشكيلات جديدة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية: سيناريو جيد لنظام الأسد، لكنه غير مرضي لكل الأطراف.

-نزع سلاحها وتسريحها وتوظيفها مدنيا: سيناريو غير مرضي لأحد.

-منح المليشيات وضعا قانونيا كقوات شبه عسكرية (موازية): سيناريو مرضٍ لإيران والنظام وحزب الله، لكنه غير مرضٍ لإسرائيل وروسيا.

-إبقاؤها على حالها وعدم المساس بها: سيناريو مرضي لإيران وحزب الله، غير أنه لا يصب في مصلحة روسيا وإسرائيل ونظام الأسد.

ترجيحات

ورأت الدراسة التي اطلعت عليها "عربي21" أنه "في حال ظفر الروس بسوريا، فسيكون مصير المليشيات إما الإدماج في صفوف جيش النظام، أو تفكيكها مع إعادة المقاتلين الأجانب لأوطانهم، ولن يشمل ذلك الشركات الأمنية المتعاقدة أو القوات الروسية التي تقول موسكو أنها جاءت بناء على طلب النظام، وسيؤدي ذلك إلى تعزيز القيادة المركزية لنظام الأسد".

أما إن ظفرت إيران بالتحكم في مستقبل سوريا فترجح الدراسة، أن تمنح طهران المليشيات وضعا قانونيا كقوات شبه  عسكرية، أو تبقيها على حالها، مما يحقق أهداف إيران بالحفاظ على النظام في وضع. لامركزي حال سقوط الأسد، كما يُتوقع أن تستخدم إيران تلك المليشيات كورقة سياسية حال الحاجة للضغط على نظام الأسد في المستقبل.

وتابعت أنه "في حال فوز الأسد بتحديد مستقبل سوريا فإن المليشيات ستُدمج في أجهزة الأمن والاستخبارات، أو في صفوف الجيش، مما يمكن الأسد من استعادة المركزية والحفاظ على الشبكات الطائفية التي يعتمد عليها لتعزيز سلطته وإمداده بالمقاتلين".

وفي الختام، تعتبر الدراسة، أن السيناريو الأرجح تحققا بالنسبة للميليشيات، هو إسباغ صفة الشرعية عليها ومنحها وضعا قانونيا كقوات موازية،  أو دمجها في صفوف قوات النظام، واستدركت" لكن ذلك سيحدث تبعات إقليمية ومحلية،على المدى المتوسط، ولن يساعد في تحقيق مسائل المحاسبة والعدالة والحماية، وسيفسد فرص تحقيق سلام مستدام عبر إبقاء جذور الصراع حية".

التعليقات (0)