ملفات وتقارير

هل تلبي الحكومة الجديدة طموحات الفلسطينيين؟!

تشكيل الحكومة الجديدة كان في ظل مقاطعة لأبرز الفصائل الفلسطينية على رأسها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية- جيتي
تشكيل الحكومة الجديدة كان في ظل مقاطعة لأبرز الفصائل الفلسطينية على رأسها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية- جيتي

رأت الحكومة الفلسطينية الجديدة النور، وسط رياح هوجاء من الانقسام والمقاطعة، وبحر من التساؤلات حول دورها في تلبية ما يحلم به الفلسطينيون في ظل احتلال يسلبهم أبسط حقوقهم.

 

ولعل التحديات كثيرة، والانتقادات ما زالت تتناقلها الألسن، خاصة في الضفة المحتلة التي تعيش واقعا مأساويا وظروفا اقتصادية واجتماعية يزيد الاحتلال من قسوتها.

 

حكومة بتشكيلة وزارية جديدة بتكليف من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ترأسها محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي شغل منصب رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية "بكدار"، جاءت خلفا لحكومة رامي الحمد لله الذي ترأس الحكومة منذ عام 2013، بعد أن كان رئيسا لجامعة النجاح الوطنية.


"حكومة الأجزاء"

 

تشكيل الحكومة الجديدة كان في ظل مقاطعة لأبرز الفصائل الفلسطينية، على رأسها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، ورفض أي حقائب وزارية أو دور فيها، معتبرة أنها تعزز الانقسام الفلسطيني بعد تشكيل فتح لها، وتشجيع فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بينما يتساءل الكثيرون إن كانت الحكومة وسط ذلك ستلبي طموحات الفلسطينيين.

 

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، خليل شاهين، أن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة هو أنها حكومة جزء من كل، فهي تضم جزءا فقط من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتمثل جزءا من جغرافيا الأرض الفلسطينية، بحيث باتت "حكومة أجزاء" على مقاس واقع الانقسام والانفصال القسري بين أراضي الوطن.


ويعرب عن توقعه في حديث لـ"عربي21" بأن الحكومة لن تستطيع أن تؤدي عملها على الوجه المطلوب كونها جزءا من أجزاء التحدي البارز، بما في ذلك العمل بكتاب التكليف الموجه من الرئيس محمود عباس، وهو السعي لاستعادة الوحدة بين الفصائل.


وأوضح أن الحكومة لا يمكن أن تلبي طموحات الفلسطينيين، إلا إذا كانت حكومة الكل الفلسطيني بتوافق وطني واسع؛ حيث إن هناك فصائل أساسية خارجها ليست فقط حماس والجهاد الإسلامي، بل فصائل أساسية في منظمة التحرير، كالجبهتين الشعبية والديمقراطية، رغم أن بعض الفصائل أبدت موافقتها على المشاركة في الحكومة ولكن تم إقصاؤها، مبينا أن الحكومة بناء على ذلك ستكون غير قادرة على وضع استراتيجية وطنية بالعمل الشامل مع وجود سياسات معارضة لهذه الحكومة.


وتابع: "لا يمكن تجاهل إمكانية تحقيق مهمات قد تستطيع القيام بها لكنها ستكون محدودة جدا، خاصة أن معظم الصلاحيات التي يحتاجها رئيس الوزراء للقيام بما وعد به ليست بيده بل بيد الرئيس، والأوضاع تتجه نحو ضيق الهامش المتاح على مجمل الحياة السياسة في الضفة، فهناك نطاق واسع من الصلاحيات يتمركز بيد الرئيس، مثل تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بإعادة النظر في العلاقة مع الاحتلال".


وفي هذا السياق، يشير شاهين إلى أن الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرارات في العديد من الملفات التي يفترض أن تكون من اختصاصها؛ حيث ما زال بعض الوزراء يقدمون تقاريرهم للرئيس مباشرة، وحتى أن وزير الخارجية يأخذ أوامره من الرئيس، فلا يعرف رئيس الوزراء متى يغادر وزير خارجيته؛ وهذا يعني عمليا إعاقة لعمل رئيس الوزراء، وتركيز الصلاحيات بيد الرئيس، ما قد يضعف عمل الحكومة في قضايا أساسية.

 

"أمر ثانوي"

 

الواقع المعاش في الضفة المحتلة يحتاج إلى وقفة طويلة حين يتم التساؤل حول دور الحكومة في تحقيق أحلام الفلسطينيين، فالاحتلال الذي يتحكم بموارد الضفة ومعابرها وطرقها، ويسيطر على معظمها من ناحية الأراضي، ويقيم فوقها المستوطنات والحواجز، ويسلب هواءها وسماءها وجوفها، هو المتحكّم الرئيسي فيما يتعلق بحياة الفلسطينيين، بحيث لا تكاد الجهات الرسمية تتمكن من ذلك.

 

من جهته، يرى المحلل السياسي والكاتب خالد العمايرة أن هذه الحكومة لا تختلف كثيرا عن الحكومات السابقة كلها، التي سبقتها تحديدا؛ لأن الأمر في الضفة هو بيد "إسرائيل".

 

ويعتبر في حديث لـ"عربي21" أن الحكومة الفلسطينية والسلطة مجرد شريك ثانوي للاحتلال في إدارة المناطق المحتلة، معربا عن اعتقاده بأن الأمور لن تختلف كثيرا مع تنصيب الحكومة الحالية، وأنه إذا كان هناك أي اختلاف فسيكون سلبيا؛ نظرا لطبيعة المساندة المفرطة للإدارة الأمريكية إلى جانب "إسرائيل" بشكل غير مسبوق وجنوني.


ويضيف: "مواقف الإدارة الأمريكية حيال القضية الفلسطينية وثوابتها في أحيان كثيرة تصبح أكثر تطرفا وحقدا على الفلسطينيين وقضيتهم من حزب "الليكود الإسرائيلي" أو الأحزاب "الإسرائيلية" المتطرفة، لافتا إلى أن التصريحات من الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بفرض السيادة على الضفة والمستوطنات وهضبة الجولان تجعل المرء يذهب إلى أشياء لم يكن يفكر بها قبل سنوات قليلة، لذلك فالحكومة الفلسطينية هي عبارة عن تفصيل باهت وثانوي، على حد تعبيره.

 

وفيما يتعلق بمقاطعة الفصائل لحكومة اشتية، يقول العمايرة إن هذه الحكومة هي فتحاوية بامتياز، ومشاركة الفصائل فيها من عدمه سيان؛ موضحا ذلك بأنه لو شاركت فصائل منظمة التحرير جميعها فسيكون القرار خاضعا في النهاية لحركة فتح، التي تمسك بكل الخيوط، وتأخذ جميع القرارات، وتسيطر على جميع الأموال، على حد وصفه.

 

وختم قائلا: "طريقة فتح في إدارة السلطة ليست بالأمر الجديد، وهو الأسلوب ذاته المتبع، الجديد سيكون في إدارة مختلفة، وإتاحة الفرصة للكل الفلسطيني بالمشاركة وإبداء الرأي وتصحيح الأخطاء".


اقرأ أيضا: حكومة اشتية تعقد أولى جلساتها.. وتطالب بدعم عربي

التعليقات (2)
علي الحيفاوي
الأربعاء، 17-04-2019 02:14 م
كيف يمكن أن تلبي الحكومة طموحات الشعب الفلسطيني وفيها واحد مثل رياض المالكي؟
محمد يعقوب
الأربعاء، 17-04-2019 03:46 ص
ألحكومات الفلسطينية منذ قامت، كانت حكومات السيد أو فخامة أو سيادة الرئيس. بمعنى أن الحكومات ما هي إلا أحجار شطرنج يحركها عباس كيفما شاء ووقتما شاء، لأنه هو المتحكم بالفلوس التي تفسد النفوس. كل حكومة شتية فاسده حتى النخاع، ولو لم تكن كذلك، لما قبلت العمل مع الدكتاتور أبو مازن الذى يرفض قرارات المجالس الوطنية والمركزية بإلغاء التنسيق ألأمنى، وقال لهم "إللى مش عاجبه يروح غزة ويشرب من بحرها" أنا ربكم فأعبدون!!!!!!!!!!!!!!