اقتصاد دولي

هل ينتهي العصر الذهبي للتكنولوجيا الصينية قريبا؟

تلجأ بعض الشركات الصينية إلى تسريح موظفيها بعد فترات الازدهار - جيتي
تلجأ بعض الشركات الصينية إلى تسريح موظفيها بعد فترات الازدهار - جيتي


نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلّطت من خلاله الضوء على محاولات عمالقة التكنولوجيا الصينية لتنظيم استراتيجياتها وإعادة هيكلتها في إطار مواجهة التباطؤ الاقتصادي والمنافسة المحتدمة التي يشهدها هذا المجال.

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد سنوات من الازدهار، تلجأ معظم شركات التكنولوجيا في الصين إلى التخفيض في عمليات التوظيف أو في بعض الأحيان إلى تسريح بعض الموظفين. وقد أعلن العديد من عمالقة التكنولوجيا على غرار "جيه دي.كوم"، المصنفة ثاني أكبر شركة متخصصة في التجارة الإلكترونية، وشركة "ديدي تشو شينغ" المنافس الشرس لأوبر تكنولوجيز، عن تسريح البعض من عمالهم.

وذكرت الصحيفة أن شركات أخرى مثل مجموعة علي بابا أو تينسينت القابضة أو بايدو وضعت خططا لإعادة تنظيم استراتيجياتها منذ بداية السنة. في الأثناء، تكافح المئات من الشركات الناشئة المجهولة لتمويل نفسها، بسبب انقطاع تدفّق الأموال من قبل المستثمرين خلال السنوات الأخيرة.

ونقلت الصحيفة عن مارك ناتكين، وهو مؤسس ماربريدج البحثية المعروفة بأنها شركة استشارية في مجال التكنولوجيا والتي تتخذ من بكين مقرا لها، قوله إنه "يمكن أن نتحدث عن حالة من المضاربة في مجال التكنولوجيا. ولكن نظرًا للفشل الذريع الذي عرفته بعض المؤسسات مثل أوفو للدراجات، نحن نشهد الآن تخفيضا في عدد الاستثمارات".

حاليا، تضطر الشركات إلى إعادة النظر في استراتيجيتها. وحيال هذا الشأن، قال كبير المحللين بشركة "تشاينا ماركت" للأبحاث في شنغهاي، بنيامين كافندر، إن "العديد من الأطراف الفاعلة في مجال التكنولوجيا سعت إلى تحقيق النمو مهما كلّفها الأمر". وتمثّل نموذج أعمالهم في توسيع قاعدة عملائهم خلال فترة قياسية. ولكن مع تباطؤ الاقتصاد الصيني، أصبحت أهداف النمو الخاصة بهم غير قابلة للتحقيق، حيث ينبغي أن يحرصوا على التأقلم وتحقيق الكفاءة والتركيز على الربحية".

وأشارت الصحيفة إلى أن "جيه دي.كوم" لم تحقّق أي مرابيح منذ دخولها سوق البورصة لأول مرة سنة 2014. وفي سنة 2018، بلغت خسارتها حوالي 2.5 مليار رنمينبي أي ما يعادل 330 مليون يورو. كما أعلنت الشركة عن إقالة 10 بالمئة من كبار المسؤولين التنفيذيين لديها وعن نهاية الأجور الثابتة بالنسبة لبعض العمال.

ووفقًا لموقع "ذي إنفورميشن" الأمريكي، فإنه بإمكان "جيه دي.كوم" أن تخفض في نهاية المطاف من إجمالي قوتها العاملة بنسبة 8 بالمئة وإلغاء 12 ألف وظيفة. في الأثناء، نفت الشركة هذه الأرقام مفضّلة التحدث عن "التعديلات التي تنوي المؤسسة إجراءها بهدف جعل الشركة أكثر نشاطًا وتفاعلًا".

وأوردت الصحيفة أن "جيه دي. كوم" لا تواجه ركودا اقتصاديا فحسب، بل تعاني أيضا من تبعات ظهور شركة بينديوديو المنافسة على الساحة. فقد عرفت منصة التسوق نموّا متسارعا على مدار السنتين الماضيتين في المدن الأقل ثراء في الصين،  وتسعى كل من علي بابا وتينسنت جاهدتين إلى مواكبة هذا النمو.

 

اقرأ أيضا: مهاتير يعيد إحياء مشروع ضخم بـ34 مليار دولار مع الصين

 وأضافت الصحيفة أن فضيحة رئيس "جيه دي.كوم"، ريتشارد ليو، المتهم بارتكاب جريمة اغتصاب أثناء إقامته في الولايات المتحدة أثّرت بشدة على نشاط الشركة. وعلى الرغم من أن المدعي العام الأمريكي قد سحب التهم في أواخر سنة 2018 نظرا لنقص الأدلة، إلا أن سمعة ليو كانت قد شُوّهت بالفعل. وفي تعليقه على هذه الحادثة، أفاد ناتكين مؤكدا: "أدرك المستثمرون أنه يتمتع بسلطة هائلة على الشركة، حيث يسيطر على حوالي 80 بالمئة من الأصوات. وفي حال تغيّب ليو، يعجز مجلس الإدارة عن اتخاذ قرار من دونه".

وبيّنت الصحيفة أن شركة ديدي، التي تركز على مجال الأمن، تستعد لتسريح 2000 موظف أي ما يعادل 15 بالمئة من قوتها العاملة حسب ما تداولته العديد من وسائل الإعلام. أما بالنسبة لشركة "نت إيز"، فقد عانت بسبب مجموعة من التغييرات السياسية والإدارية التي تهدف إلى إعادة الإمساك بزمام هذا القطاع. وفي سنة 2018، أدى فرض تراخيص على ألعاب الفيديو إلى إلحاق الضرر بهذه الصناعة برمتها.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن وانغ شينغ نجح في تأسيس تطبيق ميوتيان، وهو تطبيق لتسليم الأطعمة والمشتريات العامة. وفي منشور على شبكة "سينا ويبو" الاجتماعية في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2018، ذكر وانغ شينغ أن سنة 2019 ستكون أسوأ سنة من العشرية الماضية، غير أنها قد تكون أفضل من العشرية القادمة.





التعليقات (0)