اقتصاد دولي

ترامب يشعل أسواق النفط.. هل تخضع الصين للقرار الأمريكي؟

ترامب: "السعودية وآخرين في أوبك سيعوضون تماما فرق تدفق النفط في ظل عقوباتنا الكاملة الآن على النفط الإيراني"- جيتي
ترامب: "السعودية وآخرين في أوبك سيعوضون تماما فرق تدفق النفط في ظل عقوباتنا الكاملة الآن على النفط الإيراني"- جيتي

أثار إعلان الولايات المتحدة عدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة شراء النفط الإيراني مخاوف من نقص الإمدادات في أسواق النفط العالمية، ما دفع أسعار الخام إلى الصعود لأعلى مستوى في ستة أشهر.


وقال البيت الأبيض في بيان اليوم الاثنين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر عدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة الشراء دون مواجهة عقوبات أمريكية عندما يحل أجلها في مايو/ أيار.

وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات "اتفقوا على التحرك في الوقت المناسب بما يكفل تلبية الطلب العالمي مع حجب النفط الإيراني عن السوق بشكل كامل".

وارتفع خام القياس العالمي برنت فوق 74 دولارا للبرميل اليوم، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني، بسبب مخاوف نقص المعروض، بينما بلغ سعر النفط الأمريكي 65.99 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أكتوبر تشرين الأول 2018.

 

اقرأ أيضا: البيت الأبيض: لن نمدد لـ"إعفاءات عقوبات نفط إيران"

 

رهان ترامب

وفي محاولة لتهدئة الأسواق، ذكرت الإدارة الأمريكية، بحسب رويترز، أنها تعمل مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما مُصدران كبيران للخام، لضمان تلقي سوق النفط "إمدادات كافية"، لكن السوق القلقة بالفعل من شح الإمدادات تثير شكوكا بشأن احتمال تبني الرياض نهجا أبطأ في تعزيز الصادرات.

وقال ترامب على موقع تويتر إن السعودية وآخرين في أوبك "سيعوضون تماما فرق تدفق النفط في ظل عقوباتنا الكاملة الآن على النفط الإيراني".

وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات في نوفمبر/ تشرين الثاني على صادرات النفط الإيراني، بعد أن أعلن ترامب في مايو/ أيار انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المُبرم في عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية. وبعد تجديد العقوبات، منحت واشنطن إعفاءات لثمانية مشترين كبار لمدة ستة أشهر، تنتهي في مايو/ أيار.

والدول التي حصلت على إعفاءات لاستيراد النفط الإيراني دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان.

وقبل إعادة فرض العقوبات، كانت إيران رابع أكبر منتج للنفط في أوبك بإنتاج نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، لكن الصادرات في أبريل/ نيسان انكمشت إلى ما دون المليون برميل يوميا، وفقا لبيانات تتبع السفن وبيانات محللين من رفينيتيف.

وما زالت طهران تتحدى قرار واشنطن، إذ قالت إنها مستعدة لإنهاء الإعفاءات، في حين كرر الحرس الثوري تهديده بإغلاق مضيق هرمز وهو ممر رئيسي لشحن النفط في منطقة الخليج، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام إيرانية.

 

اقرأ أيضا: إيران تتحدث عن خيارات ردّ غير "مضيق هرمز" لإيقاف النفط

إعلان مفاجئ

وحول تداعيات الإعلان الأمريكي بعدم تجديد إعفاءات شراء النفط الإيراني، قال خبير النفط العالمي الدكتور ممدوح سلامة، إن الإعلان لم يكن متوقعا، موضحا أن الدلائل كلها كانت تشير إلى أن إدارة الرئيس ترامب كانت ستمدد هذه الإعفاءات.

واستبعد سلامة في حديث خاص لـ "عربي21"، تأثير عدم تجديد الإعفاء الأمريكي لمشتري النفط الإيراني على أسواق النفط العالمية بشكل كبير في المستقبل أو على إمدادات النفط، لافتا إلى أن الدول التي كانت أعطيت إعفاء مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي وتركيا  وكوريا الجنوبية واليابان كانت (باستثناء اليابان وكوريا الجنوبية) ستستمر بشراء النفط الإيراني سواء كانت هناك إعفاءات أو لم تكن.

وأرجع سلامة ارتفاع أسعار النفط في تعاملات الإثنين إلى نحو 3 بالمئة عقب الإعلان الأمريكي إلى عامل المفاجأة، قائلا: "ارتفاع الأسعار كانت نتيجة للمفاجأة وليس كأثر دائم على الأسعار، ولكن في المدى البعيد سنجد أن الأسعار ستستقر".

وتوقع سلامة أن يكون تأثير عدم تجديد الإعفاءات على ارتفاع أسعار النفط في المدى البعيد بسيطا جدا، إن لم تكن قد تبدأ الأسعار في الانخفاض، بحسب تعبيره مضيفا: "كما أن تأثيرها على إمدادات النفط في العالم شبه معدومة، لأن سوق النفط العالمي لم يصل بعد إلى مرحلة التوازن، وهناك تخمة صغيرة قد تقوم تمنع الأسعار من الارتفاع كثيرا".

وتابع خبير النفط العالمي قائلا: "إلغاء الإعفاءات الأمريكية لن يؤثر على صادرات إيران النفطية، والعقوبات الأمريكية ككل لن تؤدي إلى خسارة إيران ولو برميلا واحدا من صادراتها النفطية، ولذلك فإن قرار عدم تجديد الإعفاء الأمريكي لن يؤثر كثيرا على إيران ولا على كبار مشتري النفط الإيراني كالصين والهند اللتين ستستمران في شراء النفط الإيراني وبكميات كبيرة سواء كانت هناك إعفاءات أولا".

 

اقرأ أيضا: تصعيد خطير.. إيران تهدد بغلق مضيق هرمز وأمريكا ترد

مخاوف السوق


ومن جانبه، توقع الخبير في شؤون النفط والطاقة نهاد إسماعيل أن تصل أسعار النفط إلى مستويات 80 دولارا للبرميل في ظل تصاعد المخاوف الجيوسياسية ومخاوف نقص الإمدادات سواء الإيرانية أو الفنزويلية أو الليبية.

وقال إسماعيل في تصريحات لـ"عربي21"، إن سوق النفط يعاني من أزمة نقص كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية على فنزويلا وتدهور الوضع الأمني في ليبيا، مشيرا إلى أن السوق قد يخسر حوالي 3 ملايين برميل يوميا في حال توقف إنتاج النفط الليبي.

ويرى إسماعيل أن الخاسر الأكبر من قرار عدم تجديد الإعفاءات الأمريكية هي الدول التي أبرمت اتفاقات مع إيران مثل كوريا الجنوبية واليابان والصين التي تعتمد على الخام الإيراني لمصافي التكرير، مستطردا: "وعلى هذه الدول أن تبحث عن مصادر بديلة".

واستبعد الخبير في شؤون النفط والطاقة أن تقوم الصين والهند بتحدي القرار الأمريكي لأسباب سياسية واقتصادية، قائلا: "الصين الآن في خضم مفاوضات حساسة مع واشنطن لإنهاء الحرب التجارية والتوصل إلى اتفاق، كما أن الهند تريد البقاء صديقة لواشنطن خاصة في نزاعها مع باكستان في قضية كشمير. لذا اتوقع الانصياع لواشنطن وربما سيكون هناك تحركات خلف الكواليس لثني واشنطن عن قرارها ومن غير المعتقد أن يستجيب ترامب لهما".

وأضاف: "صادرات النفط الإيرانية لن تتراجع إلى الصفر ما دام هناك تعاون وتنسيق مع العراق، مضيفا: "يوجد منشآت وشبكات توزيع ومرافق مشتركة بينهما وتستطيع إيران البيع لأطراف ثالثة من تحت الطاولة".

التعليقات (0)