تقرير حقوقي يكشف عن فساد مستشر في تلفزيون فلسطين

سلطت منظمة حقوقية فلسطينية تعنى بقضايا النزاهة والشفافية، الضوء حول واقع الفساد المستشري في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الرسمي الفلسطيني، من خلال اتهامها بالتحايل على إجراءات التعيين الرسمية، وعدم الالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص.

ورصدت منظمة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" في تقريرها السنوي حول واقع النزاهة والشفافية في الأراضي الفلسطينية خلال العام 2018، أن تلفزيون فلسطين التابع للسلطة قام حتى العام 2017 بتعيين 1055 موظفا بنظام العقود، بتكلفة رواتب وصلت إلى 10.8 مليون شيكل (2.8 مليون دولار).

وتعتبر المؤسسة الحقوقية أن ظاهرة التعيين بالعقود تعد طريقا التفافيا على القانون، ومظهرا من مظاهر الفساد.

ويشير التقرير ذاته إلى أن فاتورة رواتب موظفي العقود في السلطة الفلسطينية تقدر بـ61 مليون شيكل (18 مليون دولار)، وهي بذلك تستنزف النفقات التشغيلية.

إلى ذلك، ينوه المستشار القانوني لائتلاف "أمان" عزمي الشعيبي بأن منهجية إعداد التقرير استندت إلى تقارير رسمية تمت عبر مراسلات بين المنظمة والجهات الرسمية التي شملها التقرير، وهي تتطابق مع المعايير الدولية في رصد أي مؤشر من مؤشرات الفساد.

ويؤكد الشعيبي لـ"عربي21" أن ظاهرة التعيينات في تلفزيون فلسطين الرسمي مقلقة بدرجة كبيرة، حيث لا يمكن تصور وجود ما يزيد على ألف موظف يعمل في هذه المؤسسة بنظام العقود.

تعدّ الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إحدى مؤسسات السلطة الفلسطينية التي أنشئت بقرار يحمل رقم(4566) الصادر في 6 من تموز/ يوليو 1993.

"خطاب حزبي"

كما تعرض تلفزيون فلسطين لانتقادات حادة من قبل الشارع؛ بسبب تبنيه لرواية حركة فتح والسلطة، وتعامله مع القضايا السياسية الداخلية خصوصا في العلاقة بين السلطة والفصائل المعارضة لها انطلاقا من مبدأ المناكفة السياسية، وتشويه الطرف الآخر.

ويشير أستاذ الإعلام في جامعة النجاح زين الدين العواودة إلى أن السياسة التحريرية لتلفزيون فلسطين، خصوصا في تغطية الشأن المحلي، يمكن اعتبارها امتدادا لحالة الانقسام الفلسطيني بين حركتي حماس وفتح، أي أن تلفزيون فلسطين يتبنى موقف السلطة وحركة فتح، ويحاول نقله للشارع وللرأي العام، وهو ما كان سببا في زيادة حدة الاحتقان من قبل الشارع تجاه الإعلام الرسمي وفقدان الثقة به.

وأضاف العواودة لـ"عربي21": "هنالك معيار تضعه الكثير من مدارس الإعلام المرئي بأن عدد موظفي القناة الإعلامية لا يزيد على 500 موظف، بمن فيهم موظفو الإدارة والدعم الفني والمراسلين، ولكن بالنظر لتلفزيون فلسطين فإن الأمر يضع الكثير من علامات الاستفهام حول وجود شبهات تتعلق بالفساد في اختيار الكادر الوظيفي".

على الجانب الآخر، رفض أحد مدراء مكتب تلفزيون فلسطين بالضفة الغربية ما جاء في تقرير "أمان"، مؤكدا أن لجوء تلفزيون فلسطين للتعاقد مع موظفين تحت بند العقود هي سياسة عامة تنتهجها الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى؛ لأن قانون العمل يضع شرطا بألّا يزيد عمر الموظف على 30 عاما.

ويضيف المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه لـ"عربي21": "هنالك إقرار بوجود تجاوزات في عمل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، من بينها عدم تفعيل البند الخاص بتشكيل مجلس أمناء لإدارة هذه المؤسسة رغم صدور مرسوم رئاسي بهذا الخصوص في 3 من آذار/ مارس 2010، تكون صلاحياته تقييم السياسة الإعلامية للمؤسسة والوقوف على الأخطاء والتجاوزات التي تحدث داخلها".

"سياسة مرفوضة"

في حين، اعتبر عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين عمر نزال، في حديثه لـ"عربي21"، أن لجوء التلفزيون الرسمي التابع للسلطة بتعيين موظفين تحت بند العقود المؤقتة هي سياسة مرفوضة من حيث المبدأ كونها تضع الصحفي تحت خطر انعدام الأمن الوظيفي، خصوصا ما يتعلق بمكافآت نهاية الخدمة، وعدم وجود غطاء قانوني يوفر الحماية لهذا الصحفي في أثناء قيامه بعمله، بمعنى أن المؤسسة قد تخلي مسؤولياتها القانونية في حال تعرض الصحفي لمضايقات في أثناء تأدية واجبه الصحفي، كونه يؤدي عملا مؤقتا، والمؤسسة غير ملزمة بالدفاع عنه".

أما رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي يحيى موسى، فاعتبر أن الفساد المستشري في تلفزيون فلسطين هو إحدى نتائج تعطيل السلطة لدور المجلس التشريعي في أداء وظيفته في الرقابة والمساءلة.

وكشف موسى لـ"عربي21" أن المؤسسة القضائية والرقابية في السلطة الفلسطينية، المتمثلة في ديوان الرقابة المالية والإدارية ومكتب النائب العام، تجنبوا الرد على استفسارات المجلس التشريعي عندما طالب بفتح تحقيق عن تخطي ميزانية تلفزيون فلسطين لحاجز 100 مليون دولار سنويا، وهذا أمر يشير إلى وجود أشخاص متنفذين في السلطة تستفيد من هذه المؤسسة ماليا ووظيفيا.