سياسة عربية

جنون الأسعار والإنترنت يدفعان المصريين لـ"الكعك البيتي"

كعك العيد - جيتي
كعك العيد - جيتي

لم تجد كثير من الأسر المصرية حلا لمواجهة ارتفاع أسعار كعك وبسكويت عيد الفطر، إلا بالعودة لعادتها القديمة بصناعته في البيوت مرة أخرى؛ توفيرا للنفقات وضمانا لجودة أفضل، وفي إطار البحث عن حلول بديلة لمواجهة ارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء منذ تحرير سعر صرف الجنيه المصري نهاية 2016.


وتشير السيدات اللاتي تحدثن لـ"عربي21" إلى أن صناعة الكعك بالمنزل ليست رخيصة أو موفرة كما يظن البعض، لكنها أرحم من الأسعار التي وجدوها في الأسواق، خاصة مع الكميات الكبيرة، مؤكدين أن كثرة الوصفات التي تقدمها البرامج التلفزيونية الخاصة بالطبخ، بالإضافة لتناقل الخبرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، دفعهن لخوض هذه التجربة.

 

وكانت أسعار الكعك وبسكويت العيد شهدت ارتفاعا في الأسعار بنسب متفاوتة عن أسعار العام الماضي، التي ارتفعت عن الذي سبقه بـ30%، وحمل المواطنون والخبراء شركات الحلويات الكبرى ووزارة التموين المسؤولية عن انفلات الأسعار واستفزازها، بسبب جشع الشركات، وغياب الرقابة من وزارة التموين والجهات الحكومية المعنية.

 

وحسب قوائم البيع المعلنة من شركات ومحال الحلويات الكبرى، فقد ارتفع سعر كيلو الكعك السادة بالسمن البلدي من 140 جنيها العام الماضي (8 دولارات)، إلى 160 جنيها (9.5 دولار)، بينما وصل الكعك المحشو بالفستق من 225 جنيها (14 دولارا)، إلى 250 (15 دولارا).

 

تجربة حية

 

وتبرر السيدة ناهد حسين لـ"عربي21" سبب لجوئها لصناعة الكعك بمنزلها إلى ارتفاع أسعار الأصناف المعقولة والمضمونة بشكل مبالغ فيه، حيث أصبح الكعك بحاجة لميزانية خاصة، بخلاف ميزانية رمضان، ولبس العيد لأولادها، وهي الميزانية المنهكة في الأساس بسبب المدارس والدروس الخصوصية.

 

وتؤكد حسين، التي تركت عملها منذ سنوات بعد خروجها على المعاش المبكر، أنها وزوجها يتعاونان في تيسير الأمور المعيشية، لكن ارتفاع الأسعار أصبح مستفزا، ما جعلها تلجأ لطرق أخرى تستطيع من خلالها تلبية احتياجات هذه المواسم، وفي الوقت نفسه لا تتحمل فوق طاقتها.

 

وتضيف حسين قائلة:" رب ضارة نافعة، حيث دفعنا ارتفاع الأسعار للمّة العيلة مرة أخرى؛ من أجل المشاركة في صناعة الكعك، وتبادل الخبرات، وهي عادة اختفت لديهم منذ أكثر من 20 عاما، بعد انتشار هذه المنتجات بشكل جاهز".

 

وعن التوفير الذي تحققه من إعداد الكعك بالمنزل، توضح حسين أن الصناعة البيتية ليست موفرة في الكميات البسيطة، لكنها في الكميات الكبيرة أوفر، ما يعني أنه بثمن كيلو كعك جاهز يمكن عمل مقدار 3 كيلو بالمنزل، مع ضمان أن كعك المنزل سيكون أفضل وأضمن و"مخدوما"، على حد وصفها.

 

كل شيء ارتفع

 

ويرفض الحاج علي سويلم، صاحب مخبز لصناعة الحلويات بمنطقة الجيزة، الاتهامات الموجهة لهم برفع الأسعار، مؤكدا لـ"عربي21"، أن الخامات الأساسية لصناعة حلويات العيد معظمها مستورد، خاصة الدقيق، وهو ما يجعل ارتفاع الأسعار من المنبع وليس من خلاله.

 

ولا ينكر الحاج سويلم تراجع نسبة وكميات البيع عن العام السابق، موضحا أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها المصريون جعلت الناس يكتفون بالقليل والرخيص كذلك، وحسب وصفه: "من كان يتخيل أن يبدأ كيلو الكعك العادي من 100 (6 دولارات) جنيه، إلى 300 (18 دولارا) جنيه".

 

ويضيف الحاج سويلم قائلا: "كل حاجة غليت (ارتفع سعرها)، اشمعنى الكعك هو اللي هيفضل رخيص، فإذا كان السكر والزيت والسمن والدقيق والسمسم والمكسرات والملبن والعجوة، والكهرباء والسولار، والبنزين، ارتفع سعرهم .. هل يظل الكعك على نفس سعره".

 

استفزاز الإعلانات

 

ويتفق الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، مع حديث الحاج سويلم، مؤكدا لـ "عربي21" أن أسعار كل مكونات الصناعة شهدت ارتفاعات مختلفة، وهو ما أثر على السعر النهائي للمنتج، وفي النهاية يكون المواطن هو الضحية، وعليه فقط أن يتحمل فاتورة الأسعار.

 

ويوضح أبو الخير أن صناعة الحلويات لم تعد كما كانت بالماضي صناعة محدودة أو محلية، وإنما أصبحت صناعة تديرها شركات كبرى وماركات عالمية، وهو ما جعل التنافس في غير صالح المواطن؛ لأنها قفزت بالأسعار بعد أن ابتكرت العديد من الأصناف والأنواع والأشكال التي تخرج كلها في النهاية من عباءة الكعك.

 

ويحمّل الخبير الاقتصادي هيئة الغرف التجارية، وجهاز حماية المستهلك، وجهاز تنظيم المنافسة ومنع الاحتكار، ومن خلفهم وزارتي التموين والداخلية، مسؤولية هذا الجنون بأسعار السلع الموسمية، مشيرا إلى الاستفزاز الذي أحدثته الإعلانات التلفزيونية عن كعك العيد، وأسعاره التي وصلت في بعض الشركات لـ6 آلاف جنيه (355 دولار) للعلبة وزن 2 كيلو، لأنها بمواصفات خاصة.

 

ويؤكد أبو الخير أن أغلبية المواطنين تهكموا على علبة الكعك الخيالية، لكنهم في نفس الإطار صدموا من الأسعار التي قدمتها باقي الشركات الشهيرة في صناعة الحلويات، ومن بينها شركات حكومية، ما جعل المواطنين يفضلون الرجوع للماضي، حتى لو كلفهم ذلك جهدا، وبعض الخسائر في الشكل النهائي، ولكنه في الوقت نفسه أوفر لهم كثيرا.

0
التعليقات (0)