صحافة إسرائيلية

ترحيب إسرائيلي بالتراجع الأمريكي عن الانسحاب من الشرق الأوسط

زيسر: الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ومواردها وإمكانياتها السياسية لا تترك لصانع القرار العالمي فرصة بأن ينفصل عنها- جيتي
زيسر: الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ومواردها وإمكانياتها السياسية لا تترك لصانع القرار العالمي فرصة بأن ينفصل عنها- جيتي

أعلن مستشرق إسرائيلي أن "الولايات المتحدة قررت العودة للشرق الأوسط بعدما اتخذ الرئيس دونالد ترامب قبل نصف عام قراره التاريخي إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، لأن الدور الأمريكي فيها انتهى فعليا، وأن الإدارة لديها توجه بتقليص نوعي وجوهري لقواتها العسكرية في المنطقة، وصولا لإخلاء جنودها المنتشرين في الأراضي السورية".


وأضاف آيال زيسر في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته "عربي21" أن " ترامب في تفسيره للقرار أعلن أن أمريكا فقدت اهتمامها بالشرق الأوسط، ولم تعد بحاجة لنفطها، ولأن تنظيم الدولة الإسلامية الذي هدد بنقل العمليات المسلحة لأراضيها تم القضاء عليه، حتى إن إيران التي كانت تنفذ ما يحلو لها من إجراءات، باتت خاضعة لعقوبات قاسية جعلها أكثر ضعفا من ذي قبل، فضلا عن أن إسرائيل تستطيع الدفاع عن نفسها من خلال المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية".


وأوضح زيسر، أستاذ الدراسات الشرق الأوسطية في الجامعات الإسرائيلية، أنه "لم تمر سوى أشهر قليلة حتى عاد ترامب عن قراره السابق، وبدا أنه متطلع للعودة للمنطقة التي قرر قبل عدة أشهر فقط الانسحاب منها، فاتخذ قرارا جديدا بتعزيز قوات بلاده العسكرية، وأرسل حاملات طائرات، وسفنا قتالية، ويبدو أنه لا يمتلك خيارات كثيرة في ظل تصاعد الدعوات  الصادرة من إيران بخوض حرب مع أمريكا".


وأشار إلى أنه "من الناحية العملية، فالأمر لا يقتصر على الدعوات، وصدور الأصوات، وإنما بالأفعال والسلوكيات، لأن سلسلة الهجمات الإيرانية ضد حلفاء واشنطن في المنطقة تتصاعد، بعد أن قرأت طهران قرار ترامب بالانسحاب من المنطقة على أنه تعبير عن ضعف القوة العظمى".


وأكد أن "الولايات المتحدة تحت زعامة ترامب في الطريق لأن تتعلم الدرس ذاته الذي تعلمته إسرائيل من سلسلة انسحاباتها من قطاع غزة وجنوب لبنان، صحيح أن إسرائيل غادرت غزة في 2005، لكن غزة لم تخرج من إسرائيل، بل بقيت تلاحقها حتى بعد انسحاب آخر جندي منها".


وأضاف أنه "بالمعيار ذاته، بإمكان الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، وإخراج قواتها، لكن التنظيمات الإسلامية مثل القاعدة وداعش، وبجانبهما إيران وأذرعها، سيبقون يلاحقون الولايات المتحدة، والمس بها، وبمصالحها، وبحلفائها في المنطقة والعالم".


وأوضح أن "التدخل الأمريكي في المنطقة معروف أنه طوال العقود الماضية يصعد ويهبط، ينجح ويفشل، ويستخلص صانع القرار في واشنطن الدروس والعبر لمواجهة التحديات الماثلة في الشرق الأوسط".


وشرح قائلا بأن "الدرس الأول يتمثل بأن الولايات المتحدة إن أرادت القيام بدور مركزي في العالم عبر الوصول لمناطق استراتيجية منه كالشرق الأقصى، فلا يتطلب منها ذلك أن تترك الشرق الأوسط خلف ظهرها، هذا استنتاج توصل إليه الروس، ولذلك نرى فلاديمير بوتين يعود اليوم للشرق الأوسط، ويمسك بزمام الأمور في سوريا".


وأكد أن "الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط، ومواردها الاقتصادية، وإمكانياتها السياسية، لا تترك لصانع القرار العالمي فرصة بأن ينفصل عنها، بل أن يبقى على اتصال معها، والتصاق بها".


وأضاف أن "الدرس الثاني يتمثل بأن التحديات القائمة في الشرق الأوسط ليست محلية، ولا تخص المنطقة وحدها فقط، فالسياسة الإيرانية على سبيل المثال ليست دفاعية، بل هجومية ومبادرة، وتشكل تهديدا جديا، والانفصال عن المنطقة لن يحل هذا التهديد، بل سيزيده، كما أن العقوبات الاقتصادية التي يفرضها ترامب على إيران لن تسفر عن نتائج محدودة داخل الدولة ذاتها، بل ستعمل على تغيير الواقع الإقليمي بأسره". 


وختم بالقول بأن "الولايات المتحدة رأت في الماضي دولا مثل إيران وتركيا ودول الخليج عناوين أساسية لحفظ مصالحها في المنطقة، لكن كل هؤلاء خيبوا آمالها، فطهران تحولت دولة معادية، ولا يمكن الاعتماد أكثر على أنقرة التي تزيد من تعاونها مع موسكو، أما الدول العربية والخليجية فغارقة في مشاكلها الداخلية".


وأوضح أن "كل ذلك يؤكد للولايات المتحدة من جديد أن إسرائيل هي حليفتها الوحيدة في المنطقة، وتستطيع الاعتماد عليها وقت الحاجة، فالعلاقة الأمريكية مع إسرائيل ليست عقبة، بل وسيلة لتقوية النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة، خاصة في الوقت الذي تبدو فيه الدول العربية والخليجية تحتاج أكثر من أي وقت مضى للمساعدة لمواجهة إيران".

0
التعليقات (0)