كتب

الأصولية العلمانية والارتباط التركي بالغرب.. مسار متعثّر

كتاب يروي تاريخ تشكل الهوية التركية والصعوبات التي واجهتها  (أنترنت)
كتاب يروي تاريخ تشكل الهوية التركية والصعوبات التي واجهتها (أنترنت)

الكتاب: الغازي مصطفى كمال أتاتورك 
الكاتب: إيلبير أورتايلي، ترجمة مجد الدين صالح، مراجعة وتحرير مركز التعريب و البرمجة
الناشرك الدار العربية للعلوم ناشرون،بيروت،الطبعة الأولى فبراير/شباط 2019


كانت تركيا الدولة العلمانية التي تملك روابط قوية مع الغرب، والمشاركة الأساسية في حلف شمال ألأطلسي، والمنتقلة منذ نهاية الحرب الباردة من الهامش إلى الواجهة في موضوع الأمن في منطقة أوراسيا، تطمح إلى أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي، وأن تؤدي دوراً إقليمياً في جنوب شرق أوروبا، والشرق الأوسط، والقوقاز. بيد أن تركيا تعاني من أزمة في هويتها الوطنية، التي لم تكن محل إجماع في البلاد منذ إعلان الجمهورية التركية الحديثة عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك وحتى اليوم.

 

تيار "الإسلام السياسي" في تركيا يعد في الواقع تياراً حديث النشأة إذا ما قورن بالدول العربية والإسلامية الأخرى


وعن انحياز أتاتورك للغرب، يقول الكاتب إيلبير أورتايلي: "يسير التغير الثقافي في تركيا منذ قرنٍ مع مفهوم الغرب. ولكن ماذا يعني الغرب؟ هل نستطيع القول بأنّ التّغير الثقافي للأتراك مأخوذٌ من الغرب المسيحي أم الغرب الأوروبي؟ لقد احتوى الغرب المسيحي منذ عصورٍ على عناصر معاديةٍ للتطور الثقافي والحضاري. ومن الأمثلة على ذلك مغامرة الكنيسة في التاريخ، عندما ناصبت العداوة للعلم والثقافة، فهذه المؤسسة كانت بداية تأخذ دور الحامية، ثم منعت الفكر بطريقة مهذبة، وفي النهاية أخرجت العلم والثقافة تماماً من الحياة. وهكذا تطورت حضارة الغرب رغماً عن الغرب المسيحي، مع الاستناد إلى الأساسيات المسيحية. ونوضح هنا أن ما نقصده بالغرب هو الجذور الغربية، أي الحضارة اليونانية والرومانية والمصرية القديمة والعبرانية مجتمعة مع الحضارة الإسلامية التي وجدت جميعها قبل الغرب الذي نعرفه اليوم". 

العالمية في عمق التاريخ التركي

كيف كان يتم الحديث في تركيا عام 1930م على العالم الذي يُدعى أساس وحضارة التاريخ التركي؟ في واقع الأمر لم يجرِ تشبيه مفهوم الغرب المسيحي مع مفهوم الغرب الأوروبي، بالذات في كلية اللغة والتاريخ والجغرافيا. وعندما نلقي نظرة على الأمر نجده ينحو باتجاه عالمي، فالعالمية بكل جوانبها هي في عمق التاريخ التركي والثقافة التركية، فهذا التاريخ وتلك الثقافة يمتلكان (على نحو ما يمتلكه الغرب والشرق) مفهوماً واسعاً لا يمكن حصره ضمن رقعةٍ جغرافيةٍ صغيرةٍ. 

ولكن الذي حصل بعد عام 1923 مهم جداً، فمصطفى كمال باشا جلب القانون المدني، وموضوع الانتقال إلى الحرف اللاتيني. وفي هذه الفترة تمت إصلاحاتٌ كبيرةٌ في الاقتصاد والتعليم والصحة. وبالطبع فإنه يجب القيام بالتجديد في كل مجتمعٍ لأنه من دون تجديدٍ لا يمكن لأي مؤسسةٍ أن تعيش.

وفي سبيل ذلك عمل أتاتورك على تشجيع الأتراك عام 1930م على الاهتمام بمواضيع مثل اللغة والتاريخ، ولكن هذا الأمر لم يستمر بعده بنفس الكثافة والتطور. وفي الحقيقة يمكن القول بأن تركيا توجهت منذ قرنين إلى العلوم الغربية مثل الطب والهندسة والرياضيات والفيزياء وغيرها، ولكن لا يمكن القول بأنّها أخذت نفس التوجه بخصوص علومٍ مثل اللغات القديمة والتاريخ والحقوق"(ص 330 ـ 331 من الكتاب).

 

لا يمكن لتركيا البلد العلماني الكبير، أن يشكل جسراً بين العالم الغربي والشرق الأوسط، جغرافياً واقتصادياً وثقافياً،إلا إذا تمكن من حل معضلة الهوية الوطنية


وتعد الهوية باعتبارها مدركات الدولة لنفسها في مواجهة محيطها الجغرافي؛ من أهم العوامل الحاكمة في رسم السياسة الإقليمية للدول. وبالرغم من دورها الانطلاقي والأساسي في رسم السياسات الإقليمية والخارجية؛ فإن الهوية الوطنية لا يمكن حسابها بالطرق الاعتيادية المتبعة في قياس قوة الاقتصاد ومدى ارتباطه بالاقتصاد العالمي، أو قياس نسبة الصادرات إلى الواردات، وغير ذلك من المعايير الثابتة. لذلك فمن الطبيعي أن تختلف مدركات هذه الهوية من حزب إلى آخر ومن فصيل سياسي إلى غيره من الفصائل خصوصاً في دول العالم الثالث، وهذا الاختلاف يقود إلى اعتماد البرنامج السياسي للأحزاب الحاكمة على رؤى بعينها في القضايا المختلفة ومنها طبعاً السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية.

ولا يمكن لتركيا البلد العلماني الكبير، أن يشكل جسراً بين العالم الغربي والشرق الأوسط، جغرافياً واقتصادياً وثقافياً،إلا إذا تمكن من حل معضلة الهوية الوطنية بدلالة الهوية التعددية القائمة على تأسيس العلاقة الممكنة بين الإسلام والديمقراطية، وعلى القبول بمدنية السلطة والتعددية الدينية والفكرية والسياسية وحقوق الأقليات والحريات العامة والخاصة ضمن السياق الاجتماعي العام المقبول.

لقد حولت المؤسسة العسكرية التركية التي سيطرت على مقاليد السلطة لمرحلة تاريخية كبيرة، ورسمت السياسات الإقليمية لتركيا في اتجاه الارتباط بالغرب الأوروبي والأمريكي على مستوى السياسات الإقليمية والدولية، العلمانية إلى أداة لنفي الدين ومحاربته، بدلاً من الاكتفاء بالفصل بين المجالين الديني السياسي كما هو الحال في النظم الديموقراطية الغربية.

العلمانية في تركيا لم تنشأ ضمن سيرورة ثورة ديمقراطية تاريخية تنقل المجتمع التركي من التأخر التاريخي إلى عصر الحداثة، بل تحولت إلى شعار، يمتلئ كغيره من  الشعارات بمضامين أيديولوجية، وبشحنة من الاستفزاز والتحدي، وأصبحت في ظل سيطرة المؤسسة العسكرية على السلطة بمنزلة المذهب أوالعقيدة الأيديولوجية تمارس سلطة الضبط والتدخل والحجر، ومصادرة حرية العقل. فارتبطت بذلك العلمانية التركية بالاستبداد، وتحولت تدريجا إلى ما يشبه الأيديولوجية المقدسة أو الدين الجديد، وقطعت تركيا عن واقعها التاريخي والحضاري الإسلامي بعد أن عزلت الدولة التركية نفسها عن الاندماج في محيطها الإقليمي، أي العالم العربي والإسلامي، حيث تراكمت مشاكلها مع دول الجوارالجغرافي، وسيطرت عليها النظرة من أنها محاطة بدول معادية، الأمر الذي جعلها دائما تدافع عن نفسها باستمرار في وجهها. 

بينما تعتبر العلمانية المنفتحة الحل الحقيقي لمسألة الأقليات في بلد مثل تركيا متعدد الأعراق، والمدخل الحقيقي للمواطنة وبناء الدولة ـ الأمة، الدولة الحديثة الديمقراطية، دولة الحق والقانون التي يستقل فيها الدين عن الدولة والدولة عن الدين. 

إعادة صياغة الهوية الوطنية ما بعد الأصولية العلمانية

لاشك أن هذا التطبيق الميكانيكي والتسلطي للشعارات العلمانية لفترة زمنية طويلة في تركيا هو الذي أوجد حالة من الاغتراب الثقافي وخلق أزمة هوية شعرت بها مختلف الفئات الاجتماعية، خصوصاً الطبقات الوسطى والكادحة، وهو عامل ساعد على توليد آليات ضغط شعبي للمطالبة بتوسيع نطاق الحريات الدينية والسماح لها بممارسة الشعائر الإسلامية، ولا جدال في أن وجود هذه الحال المجتمعية الرافضة للاغتراب والراغبة في استعادة هويتها الثقافية والدينية مهد في ما بعد لقيام أحزاب سياسية ذات مرجعية إسلامية، على رغم أن هذه الأحزاب لم تبدأ بالظهور إلا عام 1970 حين قام نجم الدين أربكان بتأسيس "حزب النظام الوطني". 

ومعنى ذلك أن تيار "الإسلام السياسي" في تركيا يعد في الواقع تياراً حديث النشأة إذا ما قورن بالدول العربية والإسلامية الأخرى، وهو ما من شأنه طرح تساؤلات عديدة حول أسباب النجاح المذهل الذي حققه في تلك الفترة الوجيزة نسبيا والتي لا تزيد عن ثلث قرن.

لعل إحدى مزايا الأصولية العلمانية التركية أنها دفعت تيار "الإسلام السياسي "ممثلاً بحزب "الرفاه" الذي شكل أول حكومة برئاسة الإسلامي الأصولي نجم الدين أربكان عام 1996، وتم إقصاؤه من قبل المؤسسة العسكرية بعد بضعة أشهر ـ إلى تجسيد القطيعة مع  الصيغة التقليدية لإشكالية الهوية القائمة على مفهوم  الجوهر الثابت والسرمدي للدين، ولاسيما أن تركيا بلد الموزاييك الذي يضم بين سكانه أعراقا متعددة (أتراك، أكراد، عرب، أرمن، شركس، لاز) وطوائف متعددة (السنة والعلويين والمسيحيين الأرثوذكس).

 

إحدى مزايا الأصولية العلمانية التركية أنها دفعت تيار "الإسلام السياسي "ممثلاً بحزب "الرفاه" الذي شكل أول حكومة برئاسة الإسلامي الأصولي نجم الدين أربكان عام 1996،


أدرك حزب العدالة والتنمية مبكراً أهمية تجسيد القطيعة مع النظرة الواحدية للهوية، من خلال بلورته الهوية الوطنية التركية التي تعانق الواقع بثلاثة أبعاده: التاريخي، عبر إدخال الإسلام إلى عالم الحداثة أو "أسلمة الحداثة" وعدم إدخال المجتمع التركي قسريا إلى مظلة الشرعية الإسلامية. والكوني، عبر تبني العلمانية المنفتحة، بوصفها عنصراً أساساً في بناء الهوية الوطنية الحديثة التي  تحاول التوفيق بين هوية تركيا الثقافية والحضارية، وهي إسلامية، وبين هويتها الجيوسياسية، وهي علمانية أوروبية، من دون وضع هذه العلمانية في معارضة الإسلام، أو رميها بالزندقة والإلحاد، واعتبارها مظهراً من مظاهرالتبعية للغرب، وتعبيراً عن هيمنة "النخبة المدنية والعسكرية" المتغربة. والواقعي، أي تبني الهوية الواقعية باعتبارها علاقة واقعية أي علاقة منطقية ومفهوم كلي، فكري ولكنها تحيل على التغير والتطور والصيرورة التاريخية، ومنطق الشكل ومفهوم التشكل، وتؤسس للحرية، بما هي وعي الضرورة الديمقراطية.

 

مفهوم حديث للهوية الوطنية في تركيا

لقد أدرك البروفسور أحمد داود أوغلو ومعه حزب العدالة والتنمية أهمية بلورة مفهوم حديث للهوية الوطنية في تركيا، ولدورها في إرساء السياسات الإقليمية لتركيا بوصفها جسراً بين الحضارات، بصورة مختلفة كلياً عما كانت عليه زمن الحرب الباردة. 

فبعد نهاية الحرب الباردة، وانهيارالاتحاد السوفيتي في 25 كانون الأول (ديسمبر) عام 1991، ودخول العالم في زمن العولمة الليبرالية التي تقضي على الحدود التقليدية بين الدول، وتنشر المعارف التكنولوجية والبيئية، وتخلق تطلعات وتوقعات ضخمة لدى مختلف الشعوب والأمم، وانزلاق العالم في مرحلة من عدم اليقين التي خلقتها الولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، وضع كبار المثقفين في الغرب الإسلام في مواجهة صدام الحضارات، ولا سيما المستشرق برنارد لويس الذي ولد في عام 1916، وبدأ ينشر مؤلفاته عام 1937. 

برنارد لويس وأصل صدام الحضارات

منذ ذلك التاريخ نشر برنارد لويس مؤلفات عديدة حول العالم الإسلامي، يشهد على ذلك غزارة إنتاجه الذي يمتد على مدى سبعين سنة. وقد أقام في الولايات المتحدة منذ عام 1974، وهو متخصص في المسألة التركية. ومن جهة أخرى، إنّه مفكّر ملتزم منذ وقت طويل بالنضال السياسي. وقد تميّز بدعمه المطلق للسياسة الإسرائيلية، وبآلاف الأعذار التي وجدها للجنرالات الأتراك عندما كانوا يحتكرون السلطة في أنقره، وبإنكاره المجزرة الأرمنية الأمر الذي استدعى إدانته في فرنسا. 

ثمّة قاسم مشترك بين بحوث برنارد لويس، ملخصها أن العالم الإسلامي متحجّر في معارضة متأصّلة للغرب. ففي كتابه "الإسلام ، كوارتو" ، اكتشف برنارد لويس منذ عام 1957 صِدام الحضارات، بقوله: "نفهم الأحقاد الحالية لشعوب الشرق الأوسط في شكل أفضل عندما ندرك أنّها لا تنتج من نزاع بين دول أو أمم، بل عن صدام بين حضارتين. فبعدما انطلق الجدل الكبير، كما كان يسمّيه غيبون، مع تدفّق العرب المسلمين نحو الغرب وغزوهم لسوريا وشمال أفريقيا وإسبانيا التي كانت مناطق مسيحية، استمرّ هذا الجدل بين الإسلام والمسيحية مع شنّ المسيحيين هجوماً مرتداً من خلال الحملات الصليبية وفشله، ثم تقدّم الأتراك نحو أوروبا والقتال الضاري الذي خاضوه كي يمكثوا فيها ثم تراجعهم. منذ قرن ونصف القرن، يخضع الشرق الأوسط المسلم لسيطرة الغرب سيطرة سياسية واقتصادية وثقافية حتى في البلدان التي لم تشهد نظاماً استعمارياً(...). لقد سعيت جاهداً لرفع النزاعات في الشرق الأوسط، التي غالباً ما تُعتبَر خلافات بين دول إلى مستوى صدام الحضارات".

وكان المفكر الراحل إدوارد سعيد على حق حين قال إن "جوهر الأيديولوجيا التي يؤمن بها لويس في موضوع الإسلام هو أن الأخير لن يتغيّر أبداً(...) وأن كل مقاربة سياسية أو تاريخية أو جامعية للمسلمين يجب أن تمرّ وتنتهي بحقيقة أنّ المسلمين هم مسلمون".

وبات برنارد لويس القريب جدا من المحافظين الجدد والأوساط الأمريكية المؤيدة للكيان الصهيوني يعتبر مرجعا لكل هذه الحركات، خاصة أنه ما انفك يؤكّد أنّ "الإسلام الضعيف منذ قرنَين، يبحث دائماً عن دعائم لمقاتلة عدوّه المتمثّل بالديمقراطية الغربية". ففي عام 1991، بلور نظرية "الحرية" المتروكة للدول الإسلامية شريطة أن تحترم انفتاح أسواقها لمنتجات العالم الغربي، وأن تصدر موادها الأولية خاصة النفطية منها، وهذا ما يتطلب بالضرورة وجود درك خارجي، والحال هذه الولايات المتحدة الأمريكية.

 

رأى أوغلو أن على الحضارات في زمن العولمة، أن تتواصل وتتفاعل فيما بينها، لا أن تصطدم ببعضها بعضاً


ومنذ وصول الرئيس السابق جورج دبليو بوش إلى سدّة الرئاسة في الولايات المتّحدة في بداية سنة 2001، أصبح برنارد لويس مستشاراً يحظى بآذان صاغية لدى المحافظين الجدد ومقرّباً منهم ولا سيما من بول ولفوفيتز، الذي كان آنذاك مساعد وزير الخارجية لشؤون الدفاع.

وقد وجّه برنارد لويس الإدارة الأمريكية نحو "مرحلتها التالية" احتلال العراق في سنة 2003. فقد شرح أنّ اجتياح هذا البلد سيأتي بفجر جديد، وأنّ الجنود الأمريكيين سيُستقبَلون استقبال المحرِّرين، وأنّ "المؤتمر الوطني العراقي" بزعامة صديقه أحمد الجلبي المنفي غير المستقيم والذي لا يملك تأثيراً قوياً، سيعيد بناء العراق الجديد.

وعلى نقيض فكرة برنار لويس الثابتة حول صدام الحضارات التي استعادها في العام 1990، لكنه ترك لكاتب آخر، هو صموئيل هنتنغتون، أن ينشر هذا المفهوم على صعيد واسع في كتابه "صدام الحضارات". 

رأى أوغلو أن على الحضارات في زمن العولمة، أن تتواصل وتتفاعل فيما بينها، لا أن تصطدم ببعضها بعضاً، وهناك احتمالات كبيرة لحدوث تكامل "تشاركي وتعددي" أكثر بين مختلف الثقافات، وكما أكد على احتمال أن تكون تركيا شريكة مركزية في تحالف بين الحضارات، مستفيدة من موقعها، ومن مكانتها الاستراتيجية. 

ويذهب بعض المحللين إلى أن دعوة أوغلو في كتابه إلى ضرورة إعادة تعريف السياسة الخارجية وفق ما أسماه  مبدأ "العمق الاستراتيجي"، حيث تتمثل الفكرة الرئيسة التي يتمحور حولها في أن قيمة أي دولة  في العلاقات الدولية إنما تنبع من موقعها الجيو ـ استراتيجي، وعمقها التاريخي، تتطلب فهم فكرة العمق الاستراتيجي وسياسة مد الجسور والانفتاح، أيضاً على خلفية ردة الفعل في تركيا على نظرية "صدام الحضارات" التي طرحها هنتينغتون. فوجود نموذج تركي ـ إسلامي ناجح قادر على مد الجسور والانفتاح يمكن أن يشكل النظرية المضادة والمقنعة لنظرية هنتنغتون، ولذلك ينبغي على الغرب أن يدعم تعزيز مكانة تركيا. 

لقد كانت تركيا إحدى الشريكات الرئيسية لمبادرة تحالف الحضارات التي اقترحتها إسبانيا ـ ويتم تنفيذها برعاية الأمم المتحدة ـ لتطوير مشاريع لدفع التفاهم بين الحضارات. وتجدر الإشارة إلى أن أحمد داوود أوغلو الذي يلحق تركيا بالحضارة الإسلامية يؤكد على خصوصية هذه الحضارة ويتحدث عن مركزية تركيا فيها. كما أنه يقول إن الطريق الذي تستطيع فيه تركيا الوصول إلى المكانة المناسبة لها في الساحة العالمية هي بواسطة عملية النهضة في داخل الحضارة الإسلامية.

 

إقرأ أيضا: من العثمانييين إلى أتاتورك.. قراءة في التحولات التركية

التعليقات (1)
الإيمان بالله والهوية
الجمعة، 07-06-2019 10:40 ص
من منطق وطريقة حياته سينتصر من، ليبرالي مسلم أم ليبرالي مسيحي أم ليبرالي يهودي أم ليبرالي ملحد أو بوذي، مهما كان عدم إلتزام المسلم فهو لن يتخلى عن ثوابته في عبادات وثوابته الإجتماعية ما دام أنه ينطق بأنه مسلم، وهذا يكون بنية إقتصادية تناسب ثوابته بالعبادات وثوابته الإجتماعية، العلمانية مكان هذا تقول الهوية، وأين للعلمانية هوية سوى الطلاق وأولاد خارج الزواج وقتل أي خصوصية لا يغتري بها سوى المراهقين، بالأخير إن شاء الله ستنهض أمة الإسلام وستسود إجتماعيا وعبادة.