حقوق وحريات

هكذا يستخدم الأمن المصري الامتحانات لعقاب المعتقلين

إحصاءات: جامعة الأزهر تحتل المركز الأول لعدد الطلاب المعتقلين تليها جامعة القاهرة ثم حلوان- فيسبوك
إحصاءات: جامعة الأزهر تحتل المركز الأول لعدد الطلاب المعتقلين تليها جامعة القاهرة ثم حلوان- فيسبوك

كشف حقوقيون مصريون ومعتقلون سابقون، عن تعرض الطلاب المعتقلين لأزمات وضغوط شديدة، خلال أداء امتحاناتهم داخل السجون، والتي كان آخرها حرمان طلاب الفرقتين الأولى والرابعة بكلية التجارة بجامعة الأزهر، المعتقلين بسجن استقبال طرة، من أداء امتحانات هذا العام.


الحقوقيون أكدوا أن الجهات الأمنية تستخدم الامتحانات كوسيلة ضغط ضد المعتقلين، كما تستخدمها كسلاح عقابي في أحيان أخرى مثلما جرى مع الطلاب بسجني الفيوم وبني سويف، الذين تم منعهم من أداء امتحانات هذا العام بناء على توصية أمنية، رغم أن القانون لا يعطي لسلطات الاحتجاز هذا الحق.


وحسب الحقوقيين الذين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن مصلحة السجون ترفض تقديم قائمة رسمية بعدد الطلاب المعتقلين، تحت زعم أن مصر ليس بها معتقلين سياسيين، وأنهم إما يقضون فترة حبس نتيجة أحكام جنائية حصلوا عليها، أو لأنهم على ذمة الحبس الاحتياطي، حتى لا يكون هناك اعتراف رسمي بوجود معتقلين سياسيين.


ويضاف لذلك أن هناك أعدادا كبيرة من الطلاب المعتقلين، مختفين قسريا، وعدد منهم موجود بأقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز الموجودة بمعسكرات الأمن المركزي ومديريات الأمن بالمحافظات المختلفة، وجميعها لا تخضع لسلطة مصلحة السجون.


وحسب إحصائيات لعدد من الروابط المهتمة بالطلاب المعتقلين، فإنه في عام 2017/2018، وصل عدد الطلاب المعتقلين أكثر من 2500، ما بين شاب وفتاة، ومعظمهم بمراحل التعليم الجامعي، وهو عدد مرشح للزيادة والنقصان، نتيجة كثرة الإفراجات التي جرت بمصر مؤخرا، والتي قابلها تزايد بأعداد المختفين قسريا من طلاب الجامعات.


ووفق إحصائية أخرى فإن جامعة الأزهر، تحتل المركز الأول لعدد الطلاب المعتقلين، تليها جامعة القاهرة، ثم حلوان، كما يشمل الاعتقال طلابا بكل الجامعات المصرية، وفيما يتعلق بجنسيات المعتقلين، فإنها لا تقتصر على المصريين فقط، حيث انضم إليهم في وقت سابق عدد من طلاب الإيغور، الذين يدرسون بالأزهر الشريف، وتم اعتقالهم قبل عام ونصف، ثم أطلق سراحهم وتم ترحيلهم خارج البلاد، مع أعداد متفرقة لجنسيات أخرى مختلفة.


وتتنوع أساليب التعنت والضغوط التي يتعرض لها الطلاب المعتقلون، والتي تبدأ بعملية التسجيل الدراسي، وتنتهي بمكان أداء الامتحان والتي تم تخصيص سجنين فقط لها، وهما ليمان طرة بالقاهرة، ووادي النطرون بمحافظة البحيرة.


شهادة طالب معتقل


وعن ظروف المذاكرة داخل السجن، يؤكد المعتقل السابق بسجن ليمان طرة أشرف مصطفى لـ "عربي21"، أن السجون المفتوحة ليس بها مشاكل في إدخال الكتب خلال الزيارات، كما أنها لا تتعنت في موضوع الامتحانات والتسجيل السنوي في الجامعة، ولكن الوضع يختلف بالسجون الأخرى المغلقة مثل شديد الحراسة 1و2.


ويضيف مصطفى أن الطلاب المعتقلين بالعقرب أو شديد الحراسة 1 على سبيل المثال، لا تتوفر لهم أي وسيلة للمذاكرة، حيث يتم منع الكتب والأوراق والأقلام عنهم، وكانوا يحضرون للجنة الامتحان، وهم لا يعرفون المادة التي سوف يمتحنون فيها، وفي الغالب كانوا يقدمون اعتذارا عن الامتحانات حتى لا يستنفذوا مرات الرسوب، وأملا في تحسن ظروف السجن مع الامتحانات القادمة.


وحسب مصطفى الذي اعتقل منتصف 2014، ويدرس في كلية الحقوق، فإن الامتحانات في البداية كانت تتم داخل كل سجن على حدة، ولكن منذ 2016 أصبح الامتحان بسجن الليمان لكل الطلاب المتواجدين في نطاق السجون القريبة منه، ثم توسع الموضوع ليكون الامتحان لنطاق المحافظات القريبة من القاهرة.


ويشير المعتقل السابق، إلى الأزمة التي يتعرض لها طلاب الكليات العملية مثل الهندسة والطب والعلوم وغيرها، حيث يتطلب دخول الامتحان في هذه الكليات، على نسبة من حضور العملي، وهو أمر مستحيل للطلاب المعتقلين، ما يجعل الكليات في النهاية ترفض دخولهم الامتحان لأنهم لم يجتازوا نسبة العملي المقررة.


تعنت قانوني


وحسب المحامي والحقوقي أسامة عاصي لـ "عربي21" فإن الامتحانات ليست قاصرة على طلاب الجامعات أو التعليم الأساسي فقط، حيث ينضم إليهم طلاب الدراسات العليا، وطلاب الماجستير والدكتوراة، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية بدأت تتعنت مع هذه الفئات الأخيرة بشكل كبير، ما جعل عددا منهم لا يستكملون الدراسات التي بدأوها.


ويؤكد عاصي أن مصلحة السجون حددت سجني ليمان طرة ووادي النطرون لأداء معظم الامتحانات، ما يعني أن الطلاب المعتقلين بسجون مثل المنيا وأسيوط والفيوم وبني سويف والوادي الجديد، يتم ترحيلهم لسجن ليمان طرة الذي يبعد عن أقرب محافظة له بأكثر من 200 كم، وهو ما يعني نقلهم من سجونهم لسجون أخرى قريبة من السجن المتواجد به لجان الامتحان، وهو أمر في غاية المشقة على الطلاب.


ويضيف المحامي المهتم بقضايا المعتقلين، أن بعض الكليات والجامعات، بدأت ترفض تسجيل المعتقلين في الدراسات العليا لديها، بحجج مختلفة، تشير إلى أن وراءها تعليمات أمنية، خاصة مع المعتقلين البارزين مثل وزير الشباب السابق أسامة ياسين، وأيمن علي مستشار رئيس الجمهورية السابق، واللذان تم منعهما مؤخرا من استكمال دبلومة الدراسات العليا في العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

التعليقات (0)

خبر عاجل