مقالات مختارة

لمصلحة من هذه التفجيرات؟!

حسن البراري
1300x600
1300x600

فتحت تفجيرات ناقلات النفط الأخيرة في بحر عمان شهية المحللين حول من يقف خلفها ولمصلحة من. فبعيدا عن اتهام هذا الطرف أو ذاك بالضلوع بالتفجيرات، لم تتضح هوية الجهة التي تقف خلف الاستهداف المتكرر لناقلات النفط. سأتوقف في هذه العجالة عند طرح سؤال حول هوية المستفيد من توتير الأوضاع في منطقة الخليج التي غدت على صفيح ساخن. فهل مثلا تستفيد إيران من مثل هذا الهجوم ولأي غرض؟

بداية، لا نذيع سرا عندما نقول إن طهران تعاني كثيرا من جراء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة، وربما لهذا السبب تسرع الكثير من المحللين بالربط بين معاناة النظام من العقوبات وبين رغبته في تصدير الأزمة لضمان إلا ينفجر الوضع الداخلي في إيران. لكن هذه الفرضية لا تصمد أمام حقائق ومنطق ديناميكية الصراع والبقاء في الإقليم. الراهن أن إيران هي أخر دولة يمكن أن تستفيد من حرب مع الولايات المتحدة، فموازين القوة بين الطرفين هو مختل بشكل فادح في كل مؤشرات القوة لصالح الولايات المتحدة.

وإذا كان هذا التحليل صحيحا، وأحسبه كذلك، فكيف عندئذ يمكن للقادة الإيرانيين إصدار أوامر باستهداف ناقلات النفط وهي تعرف مسبقا أمرين: المجتمع الدولي أميل إلى اتهام إيران بأي عمل تخريبي بهذا المستوى، علاوة على أن من شأن ذلك منح خصوم إيران في المنطقة بالذخيرة المطلوبة لشيطنتها وربما خلق أجواء الحرب. والقول إن هناك متشددين داخل الإدارة الإيرانية يرون بأن المواجهة العسكرية أو التحرش بالمصالح الغربية في المنطقة يخدم إيران لا يستقيم مع حقيقة أن صناعة القرار في إيران مركزية، ولا يمكن القول إن حسن روحاني أو علي خامنئي يمكن أن يفقدا عقليهما للوقوع في فخ التصعيد وسوء التقدير. وهذا بدوره يقودنا إلى سؤال من هو المستفيد؟ هناك حسابات لدى عواصم في الإقليم تتمحور حول ضرورة منع أي تقارب إيراني أمريكي، وتعلم هذه العواصم علم اليقين أن الرئيس ترامب لا يريد الحرب مع إيران، وكل التحشيد العسكري والتهديد اللفظي ومحاولات حشد التأييد الدولي خلف الموقف الأمريكي هو بهدف حصار وردع إيران وإجبارها على الاختيار بين أمرين: أما الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل للملفات العالقة وعلى رأسها الملف النووي أو التعامل مع احتمال انفجار الوضع الداخلي تحت ضربات العقوبات الصارمة المفروضة على إيران.

العواصم ذاتها هي من عارضت الاتفاق النووي الذي وافقت عليه إدارة باراك أوباما بذريعة أن الاتفاق يساهم في تمكين إيران بدلا من لجمها، وعليه وجد نتنياهو مثلا بالرئيس ترامب الحليف الوثيق الذي يريد لجم إيران. وعليه، من المنطقي أن تعارض تل أبيب أي محاولة للتوسط بين طهران وواشنطن، فالخوف ليس من القوة الإيرانية بقدر ما هو من تسليم أمريكا بإيران كقوة إقليمية وهذا لن يتأتى إلا من خلال اتفاق يساهم في تقوية النظام الإيراني داخليا وربما إقليميا. وحتى أكون أكثر وضوحا، أقول بأن هذه العواصم تخشى من نجاح الوساطة اليابانية في التوسط بين واشنطن وطهران.

لا يمكن بطبيعة الحال اتهام أي جهة بعينها بالوقوف خلف هذه السلسلة من الاستهداف لناقلات النفط، فلم يزودنا أي أحد لغاية هذه الآن بالدليل الملموس بتورط هذا الفريق أو ذاك لكن يمكن بكل سهولة تعريف هوية المستفيد من مثل هذه الأعمال. هذا الاعتداء الصارخ على حرية الملاحة وسلامتها في هذه المنطقة الحيوية ينبغي أن يكون محفزا للمجتمع الدولي للقيام بدوره لنزع فتيل الأزمة التي يبدو أنها دخلت مربعا جديدا لا يعرف أحد كيف سينتهي.

عن صحيفة الشرق القطرية

1
التعليقات (1)
Zmfr
الأربعاء، 19-06-2019 11:17 م
هل نسي الكاتب ان المسؤولين الايرانيين هددوا اكثر من مرة باغلاق مضيق هرمز وان حظر الصادرات النفطية ستشمل كافة دول الخليج وليس ايران وحدها بعد كل هذه الاعترافات المعلنة مازال الكاتب يبحث عن الفاعل ؟؟!!