سياسة عربية

لماذا غابت جماهير الكرة عن البطولة الأفريقية في مصر؟

هل المشكلة لوجستية فقط؟ - جيتي
هل المشكلة لوجستية فقط؟ - جيتي
بدا واضحا قلة أعداد الجماهير بمباريات البطولة الأفريقية التي تقام بمصر منذ الجمعة الماضية وحتى 19 تموز/ يوليو المقبل، وسط تساؤلات حول أسباب العزوف عن البطولة القارية التي تحشد لها القاهرة بشكل كبير.

واعترف مدير اللجنة المنظمة محمد فضل، بالأزمة، ووعد بحوار مع إذاعة "إنرجي أف إم"، المحلية، الاثنين، بتقديم الحلول لزيادة أعداد الجماهير بالمباريات المقبلة، داعيا شركة "تذكرتي" المنوطة بتسويق تذاكر البطولة لتلبية طلبات المنتخبات من التذاكر.

من جانبه، أعلن وزير الشباب والرياضة، أشرف صبحي، أنه يبحث الحلول وشركة "تذكرتي" لزيادة التواجد الجماهيري، مبينا أنه قد يلجأ لتوفير دعوات للجماهير لحضور المباريات.

وأغلقت شركة "تذكرتي" باب شراء تذاكر الدور الأول معلنة بيعها بالكامل، وفتح منافذها لبيع تذاكر الأدوار التالية للبطولة، فيما أعلن مسؤول بالشركة في تصريح صحفي أن "هناك تخوفا من المسؤولين من دخول بعض المشجعين أصحاب الأغراض المختلفة، وأن تهدم ما فعلته الدولة في 6 شهور".

متابعون أكدوا أنهم حاولوا حجز تذاكر لهم إلا أن موقع "تذكرتي" أكد نفاد تذاكر الدور الأول، متسائلين: كيف تم بيع التذاكر كاملة بالوقت الذي اختفت فيه الجماهير من المدرجات.

 

 


واعتبرها البعض فضيحة متسائلين عن المسؤول عنها.

 

 


وأكد متابعون أن التذاكر بيعت بالإكراه للشركات والهيئات والمؤسسات، وأن حزب "مستقبل وطن"، المقرب من النظام اشترى نسبا كبيرة منها.

وعلى الجانب الآخر طالب أنصار النظام بتعويض هذا الغياب بحشد قوات الجيش بالمدرجات كما فعل بأمم إفريقيا 2006، وكأس العالم للشباب 2009.


وفي تقديره حول ما يترتب على عدم حضور الجماهير بالنسبة لمصر، قال الناقد والمحلل الرياضي الدكتور علاء صادق: "لو يعلم المسؤولون قدر الإساءة التي تلحق بمصر من خلو مدرجات ملعب القاهرة الدولي تماما من الجماهير بمباراة الكونغو وأوغندا لشحنوا عدة آلاف من الجنود للملعب".

 

 

 


"هكذا أراد النظام"

وفي رؤيته، أشار الناقد والمحلل الرياضي، أحمد سعد، للعنصر الاقتصادي كأولى أسباب غياب الجماهير، موضحا أن "المصري بالكاد يوفر متطلبات معيشته وسط رفع أسعار العلاج والمواصلات والكهرباء الوقود والتعليم، ما جعله غير قادر على توفير قيمة التذكرة، بجانب أن المزاج العام غير مشجع نفسيا".

سعد، أكد لـ"عربي21"، أن "المغالاة بأسعار التذاكر وخاصة مباريات مصر صعّب حضور الجمهور الحقيقي لكرة القدم أبناء الطبقة الوسطى والفقراء مباريات الفرق الأخرى، ورغم أن التذاكر تناسب المواطن المقتدر إلا أنه أيضا سيحضر مباريات مصر فقط".

ويعتقد سعد، أن "النظام سعى بهذه الأسعار لضمان حضور الفئة الغنية التي يعتقد أنها تؤيده، أما الفئة الفقيرة والمتوسطة ففي خانة العداء وليس مشغولا بتوفير احتياجاتها بل يخاف أن تشعل المدرجات بهتافات سياسية".

وأكد أن "تعويض غياب الجماهير بقوات الجيش والشرطة أمر صعب التحقيق إلا بمباريات مصر فقط، وأنها لن تعطي الزخم للمباريات ولا الانطباع المرجو للبطولة".

وأعلن الناقد الرياضي عن توقعاته بعد هتاف الجماهير المصرية والمغربية والجزائرية والتونسية لأبو تريكة والقبض على بعض الجماهير، "حدوث أزمات بالبطولة التي لم تكشف عن كل أسرارها وقد نرى الجماهير تهتف ضد النظام الذي فشل بأول اختبار حقيقي له على الأرض".

"أزمة تقنية"

وتحدث المحلل الرياضي، ناصر صادق، عن الجانب التقني، مؤكدا أن "غياب الجماهير تسبب به التعقيد الذي يسبق الحصول على التذكرة، وأن بطاقة "fan id"، حسب شهادة من تعاملوا مع موقع "تذكرتي" لم تمكن الكثيرين من التسجيل والحصول على التذكرة، بجانب خروج الموقع من الخدمة دائما".

صادق، أضاف لـ"عربي21"، أن "تلك التعقيدات نتج عنها وجود التذاكر، والأماكن، لكن الناس لا تسطيع الحصول على التذكرة"، موضحا أنها شكوى عامة من كثير من الجماهير.

وحول خسارة مصر من غياب الجماهير قال الحكم الدولي السابق: "للأسف كل دول العالم تكسب من تلك البطولات إلا مصر"، متحديا أن يتم إعلان حسابات شفافة للبطولة، مضيفا: "وأمم إفريقيا 2006، ليست ببعيدة".

"العوائق الستة"

وفي تعليقه يرى أخصائي الإصابات والتأهيل الرياضي‏ لدى ‏الاتحاد الدولي لكرة القدم،‏ حكيم يحيى، أن "هناك عوامل كثيرة أدت لعزوف الجماهير الحقيقية عن حضور فعاليات بطولة إفريقيا".

يحيي، أوضح لـ"عربي21"، أن أهم هذه الأسباب هي "الحرب المعلنة على روابط الألتراس والمشجعين بكل الأندية ومن كل هيئات الدولة".

وأشار إلى أن "ثاني الأسباب: عدم ثقة الجماهير باتحاد كرة القدم، وخاصة جمهور الأهلي والذي يتعدى الـ70 بالمئة من جماهير كرة القدم بمصر".

وأكد المدرب المصري، أن "تخبط اتحاد كرة القدم وعدم إنهاء الموسم الكروي قبل البطولة؛ ثالث تلك الأسباب، ما أدى لتشتت ذهن الجماهير بالمشاكل المثارة بين الأندية وعدم تركيزها بفعاليات البطولة".

ويعتقد يحيى، أن "رابع الأسباب هي تعنت اتحاد كرة القدم وغروره عندما أعلن عن سعر تذكرة دخول جماهير الدرجة الثالثة بقيمة 200، وهي أغلبية الجماهير ما أدى لغضبها ومقاطعة البطولة".

ويرى أن "الإجراءات التعسفية بتفتيش الجماهير والنظام الصارم المبالغ فيه لدخول الاستادات أدى لنفور الجماهير".

وأكد الرياضي المصري، أن "سادس تلك الأسباب هو الإعلام الفاشل الذي هاجم أهم رمز رياضي بمصر وهو كابتن محمد أبو تريكة، وبالمقابل تعاطفت معه جماهير مصر والعرب وهتفت له بالمباريات".

وقال يحيى: "كل تلك الأسباب جعلت من البطولة شخصا غير مرغوب فيه أو طفلا يتيما مات أبواه (ألتراس أهلاوي وزملكاوي)".

 وحول ما يترتب على عدم حضور الجماهير، يعتقد المدرب المصري، أن "الصورة خارجيا تعني فشل النظام في إخراج بطولة قوية"، مبينا أن عزوف الجماهير يعطي صورة غير جيدة وخاصة ببلد يتعدى تعداده الـ100 مليون".
التعليقات (0)