ملفات وتقارير

هل تنجح مبادرة تحالف "القوى الوطنية" بوقف الحرب في ليبيا؟

استقطاب كبير بين الأطراف الليبية- جيتي
استقطاب كبير بين الأطراف الليبية- جيتي

طرحت المبادرة التي أطلقها حزب "تحالف القوى الوطنية" الليبي، لإيقاف الاقتتال الدائر الآن في العاصمة، والبدء في عملية سياسية للوصول لتوافق، مزيدا من التساؤلات حول توقيت الخطوة، وأهدافها، ومدى قبولها من طرفي النزاع الليبي الذي طرح كل منهما مبادرته الخاصة.

 

وتتضمن مبادرة حزب "تحالف القوى الوطنية" (ليبرالي) عدة مراحل، تبدأ بدعوة "الجيش" (قوات حفتر) بخلق منطقة عازلة وهدنة وتشكيل قوة مشتركة من الطرفين "حكومة الوفاق وحفتر"، قوامها حوالي عشرة آلاف مقاتل، تتبع قيادة ميدانية مشتركة مستقلة عنهما، وتنسق مع قوات (أفريكوم) والاتحاد الأوروبي، يكون هدفها الرئيسي محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية".

 

"مؤتمرات ووقف التحريض"

 

كما دعت المبادرة، التي ناقشها التحالف مع عدة أطراف إقليمية ودولية، إلى إيقاف الحملات الإعلامية والتحريض بين الطرفين، وتحييد مناطق الموارد المالية للبلاد عن المواجهات العسكرية، وتشكيل لجنة مالية بمشاركة دولية؛ لمتابعة الإنفاق الحكومي والاستثمارات والأصول الليبية.

 

كما شملت المبادرة الدعوة لانعقاد عدة مؤتمرات؛ لتثبيت إيقاف الاقتتال، والسير نحو التسوية السياسية، وكذلك الاهتمام بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية والمصالحة الوطنية، مشددة على أهمية دعم الدول صاحبة التأثير المباشر على أطراف القتال للمؤتمر الجامع متى عقد، واعتماد مجلس الأمن لوثيقته النهائية.

 

كيف ستنجح؟

 

من جهته، أكد عضو الهيئة العليا لحزب تحالف القوى الوطنية الليبي، عاطف شقلوف، أن "بنود مبادرتهم المطروحة ممتازة، وجاءت في وقت وجود مطالبات عدة لوقف نزيف الدماء في ليبيا، وأن هذه الحروب الدائرة الآن لن تحقق سوى الدمار والخراب".

 

وتوقع شقلوف في تصريحات لـ"عربي21" أن "يرفض "حفتر" هذه المبادرة؛ كونه يريد حكم ليبيا بالطريقة ذاتها التي حكم بها "السيسي" مصر، لكن لو فرضت عليه قوات "الأفريكوم" وكذلك الاتحاد الأوروبي تنفيذ هذه المبادرة، فسوف ننجح في إعادته إلى طاولة الحوار على أسس صحيحة"، حسب توقعاته.

 

"فقاعة وإثبات حضور"

 

لكن أستاذ القانون الدولي بجامعة "طرابلس" الليبية، محمد بارة، أشار إلى أنه "حتى الآن لم يتم طرح مبادرة واضحة يمكن الحديث عنها، باستثناء مبادرة "السراج"، وما قدمه "التحالف" يسمى مقترحا، وهو مجرد محاولة منه لإثبات حضوره على الساحة، لكن الخطوة لا تعدو كونها مجرد "فقاعة" ستختفي قريبا".

 

وأضاف لـ"عربي21": "يوجد على الساحة السياسية الآن فريقان، "المشير" حفتر بما له من قوة عسكرية، فهو لم يعد مجرد "قائد جيش"، لكنه كما يردد بأنه قائد "ثورة الكرامة"؛ لذا فهو يمارس دور سياسي عسكري، والثاني: "السراج" وفريقه ممن يتصدون للهجوم على "طرابلس"؛ لذا فإن مبادرة الفريق المنتصر في هذه الحرب هي التي سيكون لها حظ القبول والتوافق داخليا وعالميا"، كما رأى.

 

"لن تقبل"

 

بدروه، قال الناشط الليبي، خالد تيليثي، إن "التحالف كان في موقف حرج للغاية؛ نتيجة لصمته على عدوان "حفتر" ضد العاصمة من البداية، وكأنها مباركة ضمنية للعدوان؛ لذا ما يطرحه الآن هو محاولة لحفظ ماء الوجه بعد فشل العدوان، وطرحه غير واقعي".

 

وأوضح أنه "إذا كان الهدف من طرح التحالف الوصول إلى حل سياسي، فإن هذا الحل كان مطروحا في مؤتمر "غدامس"، دون أن يحرك "حفتر" قواته نحو طرابلس، وبالتالي لا معنى لبقائها حول طرابلس الآن، وأعتقد أن هذا الطرح لن يقبل من قبل حكومة الوفاق لعدة أسباب"، حسب تصريحه لـ"عربي21".

 

وتابع: "من هذه الأسباب: أن الطرح لم يشترط عودة قوات "حفتر" إلى مواقعها قبل العدوان، وأن الحديث عن مكافحة الإرهاب والهجرة لا معنى له كون الحكومة تقوم بواجبها في ذلك بشهادة الولايات المتحدة وفرنسا، كما أن بناء الثقة قد تكون مستحيلة في وجود "حفتر" الذي يرفضه الثوار"، كما قال.

 

"نقاط إيجابية"

 

ورأى المدون من الشرق الليبي، فرج فركاش، أن "أي مبادرة تصب في صالح وقف الحرب والعودة للمسار السياسي يجب الترحيب بها، وأن مبادرة "التحالف" فيها العديد من النقاط الإيجابية يمكن البناء عليها، ومنها ما يتعلق بفصل المتحاربين، وخلق منطقة سلام، وإيقاف إطلاق النار بمراقبة أوروبية -أمريكية، وكذلك الإشراف الأممي أو الدولي على مصروفات أي حكومة مرتقبة".

 

واستدرك قائلا: "لكن المعضلة ستكون من هي هذه القوات المحايدة، وكيف يمكن تجميع هذا العدد في ظل الاستقطاب الحالي، ومدى قبول الأطراف بها، خاصة الطرف المهاجم (حفتر)، كما أن الطرف المتشدد الذي يكن عداوة لحزب التحالف ويلوم رئيسه سيعارضها وسيرفضها، وهذا ما رأيناه في بعض التدوينات"، وفق قوله.

 

وتابع لـ"عربي21": "لكنها تبقى مبادرة من ضمن العديد من المبادرات التي توقعناها بعد خطاب "غسان سلامة" الأخير، وسنرى غيرها في الأيام القادمة، الذي من شأنه أن يركز الجهود على الخروج من الجمود السياسي والعسكري الحالي، والتركيز على الحلول السلمية بدلا من الحلول العسكرية "الوهمية"، كما أشار.

التعليقات (0)