صحافة دولية

إيكونوميست: كيف يمكن احتواء إيران والخروج من الأزمة؟

إيكونوميست: اتفاقية نووية بغلاف جديد ستقنع ترامب وتمنع الحرب- جيتي
إيكونوميست: اتفاقية نووية بغلاف جديد ستقنع ترامب وتمنع الحرب- جيتي

نشرت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير مقالا افتتاحيا، تحت عنوان "كيف يمكن احتواء إيران؟"، تشير فيه إلى أن الولايات المتحدة وإيران تقتربان من الحرب، وهناك ضرورة للبحث عن سبل للخروج من هذه الأزمة.

 

وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن المفاوضات لا المواجهة هي الطريق الكفيل لمنع الملالي من الحصول على القنبلة النووية. 

 

وتقول المجلة إن "الطريق أمام إيران نحو القنبلة عرقل لمدة أربعة أعوام تقريبا، وتم توقيع الاتفاقية مع أمريكا وبقية الدول الكبرى في عام 2015، التي حدت من المشروع النووي الإيراني، وقصرته على الأغراض المدنية، مثل إنتاج الطاقة الكهربائية". 

 

وتلفت الافتتاحية إلى أنه "تم وضع المشروع تحت رقابة دولية صارمة لم يشهد التاريخ مثلها، واتفق الخبراء على التزام إيران ببنود المعاهدة، وأنه تم احتواء نشاطاتها النووية، إلا أن الرئيس دونالد ترامب قام برمي الصفقة النووية، وبدأت إيران بتخزين اليورانيوم المخفف، وهي الآن على حافة تجاوز كمية 300 كيلوغرام التي سمحت بها المعاهدة، وربما ترددت إيران قبل أن تجتاز الخط، لكنها تهدد بزيادة مستوى تخصيب اليورانيوم، بشكل يقربها من الوصول إلى المادة الكافية لإنتاج القنبلة". 

 

وتعلق المجلة قائلة: "من حسن الحظ أنها لا تقترب من التحول إلى قوة نووية، لكنها تستطيع الحصول عليها خلال عام، ولهذا تقوم مرة أخرى باستخدام المشروع النووي لمراكمة الضغط على أمريكا، وهو ما يزيد من عنصر متفجر للمزيج القابل للاشتعال، وتتهم الولايات المتحدة إيران بالهجوم على ست ناقلات نفط في مضيق هرمز، وفي 20 حزيران/ يونيو أسقطت إيران طائرة تجسس دون طيار، وأكدت أمريكا أن الطائرة كانت تحلق في المياه الدولية، فيما أكدت إيران أنها خرقت أجواءها". 

 

وتنوه الافتتاحية إلى أن "الإدارة الأمريكية أمرت طائراتها بالرد الانتقامي على العمل الإيراني، ليتم وقف العملية قبل 10 دقائق من التنفيذ، واكتفت الولايات المتحدة بهجمات إلكترونية ضد الجهات التي أسهمت في سقوط الطائرة المسيرة". 

 

وتعلق المجلة قائله: "لا الولايات المتحدة ولا حلفاؤها أو إيران تريد حربا كبيرة في الشرق الأوسط، لكن استراتيجية (أقصى ضغط) التي تمارسها إدارة ترامب ضد إيران تجعل من منظور الحرب قريبا، خاصة أن كل طرف يصدر تهديدات قوية تدفع كل طرف لقراءة الخطوط الحمراء بطريقة غير صحيحة". 

 

وتعتقد الافتتاحية أن "مجال المناورة يتلاشى أمام ترامب، ومع تزايد دعوات الحرب ترتفع معها دعوات التحرك، ليس أقلها من حزبه، وقبل أن تخرج الأمور عن السيطرة هناك حاجة لأن يتحدث الطرفان معا، وهذا أمر ليس مستبعدا كما يبدو".

 

وتقول المجلة: "إن استراتيجية ترامب الإيرانية تقوم على فرضية أن باراك أوباما تنازل وبسهولة عن الكثير عندما تفاوض مع إيران عام 2015، ولهذا قرر الرئيس العام الماضي رفض المعاهدة النووية، وأعاد فرض العقوبات من أجل الحصول على معاهدة جديدة، وبشروط أفضل من تلك التي وضعتها السابقة، وتنتهي بنودها في عام 2030". 

 

وتفيد الافتتاحية بأن "إدارة ترامب تريد الحد من برامج إيران للصواريخ الباليستية، ووقف تدخلاتها في شؤون المنطقة، ويرى وزير الخارجية مايك بومبيو، أن العدوان الإيراني الأخير إشارة إلى نجاعة هذه الاستراتيجية". 

 

وتقول المجلة إن "العقوبات المشددة جلبت إيران إلى طاولة المفاوضات في عام 2015، لكنها لن تؤدي إلى التحولات التي تريدها إدارة دونالد ترامب؛ لأنه شوه مصداقية الرئيس حسن روحاني الذي دافع عن المعاهدة النووية، فمن يصدر الأوامر في إيران اليوم هم المتشددون".

 

وتشير الافتتاحية إلى أن "السبب الثاني هو أن أمريكا تصرفت بمفردها، مع أنها حصلت في عام 2015 وفي بادرة دولية نادرة على دعم الصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أن سياسة أقصى ضغط تأتي بتداعيات خطيرة، فالملالي والحرس الثوري يريدون إظهار عزيمتهم من خلال إثبات أن أفعال ترامب وسياساته لها ثمن يدفعه الجميع، فبالإضافة إلى الهجمات على الشركات والطائرات المسيرة، ضربت الجماعات الوكيلة أنابيب النفط السعودية، ويشك في أنها قامت بضرب القواعد التي تستخدمها القوات الأمريكية، وفي حال استمرار العقوبات فقد يلجأ الإيرانيون لإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر منه خمس إمدادات النفط العالمية". 

 

وتورد المجلة نقلا عن مستشار الأمن القومي المتشدد جون بولتون، قوله إنه في حالة رغبت إيران في حرب فإنها ستحصل عليها، خاصة لو قررت التخلي عن المعاهدة النووية بشكل يؤدي إلى انتشار التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط. 

 

وتعلق الافتتاحية قائلة: "تظل حسبة بولتون والمتشددين معه خاطئة؛ لأن أمريكا خرجت من اتفاقية ناجعة، وعليه فلن تحصل على دعم القوى الأوروبية في حال قررت توجيه ضربة لإيران، أما روسيا والصين فستعارضانها بالكامل".

 

وتقول المجلة: "ربما أدت الحرب أو العقوبات إلى انهيار النظام الإيراني، إلا أن هذا ليس استراتيجيا فقد قاومت كوبا العقوبات ولعقود، وأكثر من هذا فقد تتعلم إيران من دروس كوريا الشمالية النووية، وتضاعف من جهودها للحصول على القنبلة النووية، ويعترف بولتون بأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية لن يقضي على معرفتها بكيفية تصنيع القنبلة، وفي حال منع إيران المفتشين الدوليين من منشآتها النووية فستقوم بالعمل سرا، بشكل يجعل من الصعوبة وقف تقدمها نحو القنبلة النووية". 

 

وترى الافتتاحية أن "الحل هو المفاوضات التي تبدو بعيدة، خاصة بعد العقوبات التي فرضتها أمريكا على آية الله خامنئي، التي وصفها وزير الخارجية الإيراني بأنها أغلقت أبواب المحادثات مع إيران، وأشار الرئيس روحاني إلى أن واشنطن تعاني من (عجز عقلي) عندما هدد ترامب بمحو بلاده، ويتذكر المتفائلون المواجهة الكلامية بين أمريكا وكوريا الشمالية قبل أن يصف ترامب علاقة (الحب) بينه وبين كيم جونغ- أون، فعندما لا يهدد ترامب إيران يتحدث عن فرص تحويل إيران عظيمة مرة أخرى، فهو لا يريد حربا جديدة في الشرق الأوسط تحوم فوق الانتخابات المقبلة، وتهدد فرص إعادة انتخابه". 

 

وتلفت المجلة إلى أنه "في المقابل فإن الاقتصاد الإيراني يعاني من وطأة العقوبات، وترتفع الأسعار، ما يعني (علاقة حب جديدة) في طريقها للازدهار، وقد تدفع أمريكا إيران مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات من خلال إعادة الإعفاءات التي ألغتها، وسمحت للدول باستيراد النفط الإيراني مقابل تعهد طهران بالبقاء في الاتفاقية النووية". 

 

وتفيد الافتتاحية بأنه "خلف الأضواء، عبر قادتها عن استعداد للتوقيع على معاهدة جديدة مثل السابقة مع تمديد شروطها لما بعد 2030، ولن تكون المفاوضات سهلة، ويمقت الإيرانيون التعامل معها، لكنها قد تقود لزعم الرئيس النصر، تماما مثلما فعل مع اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، التي لم تختلف عن اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا". 

 

وتختم "إيكونوميست" افتتاحيتها بالقول إن "ترامب بات يعتقد أن الحصول على كل شيء مرة واحدة غير عملي، فلن يحصل على اتفاقية جديدة تشمل الحظر على البرامج الصاروخية، ولن تحل اتفاقية جديدة المشكلات كلها، ولن تقود لتطبيع العلاقات بعد عقود من العداوة، وربما لن تؤدي لرفع العقوبات كلها، وهذا لم يحصل مع الاتفاقية الأولى، ولو حصلت فإن إيران ستضع برامجها النووية في الصندوق، بشكل يؤدي لحل المشكلات الأخرى دون أي داع للحرب".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)