ملفات وتقارير

ماذا وراء حملات التحريض على السوريين بتركيا؟

فعاليات تركية التقت لبحث الهجمات الأخيرة والحديث مع أصحاب القرار بتركيا- جيتي
فعاليات تركية التقت لبحث الهجمات الأخيرة والحديث مع أصحاب القرار بتركيا- جيتي

طرحت الأحداث الأخيرة التي وقعت في منطقة "إيكيتيلي" بإسطنبول، بين مجموعات محسوبة على المعارضة التركية ولاجئين سوريين مقيمين في المدينة، نتج عنها تحطيم محالهم والاعتداء عليهم بالضرب، تساؤلات بشأن اندلاع هذه الأحداث بين الحين والآخر.

وهوجمت العديد من محال السوريين ومتاجرهم في تلك المنطقة، من قبل عدد من الأتراك الغاضبين، بعد تناقل أنباء عن تحرش شبان سوريين بفتاة تركية، تبين لاحقا أنها إشاعة روّج لها سياسيون من حزبين معارضين، وقام الأمن التركي بنفيها ووسط تضامن كبير من الأتراك مع السوريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورفض الاعتداء عليهم.

وعلى إثر الأحداث قالت وسائل إعلام تركية، إن شرطة إسطنبول، ألقت القبض على خمسة مواطنين أتراك، بتهمة التحريض ضد السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ورصدت الشرطة التركية عددًا من الوسوم المحرضة ضد السوريين انتشرت على مواقع التواصل خلال الساعات الماضية، تحت عناوين "#UlkemdeSuriyeli?stemiyorum" (لا أريد سوريا في بلدي) و"#SuriyelilerDefolsun" (ارحلوا أيها السوريون).

وقالت الشرطة، بحسب وكالة الأناضول التركية، إنها وثقت 18 حسابًا يحرض ضد السوريين، تسعة منها في إسطنبول، مؤكدة أنها ألقت القبض على خمسة، في حين يجري البحث عن أربعة آخرين.

ومع كل استحقاق انتخابي، لوحظ اندلاع مثل تلك الأحداث، وخروج أصوات تحرض على السوريين اللاجئين في تركيا، باعتبارهم سببا رئيسيا في الوضع الاقتصادي فضلا عن الادعاء أنهم يتقاضون مساعدات مالية من الدولة على حساب المواطنين.

 

إقرأ أيضا: أكاديمي إماراتي يروج لاتهام دمشق لأردوغان بتزوير شهادته

المحلل السياسي التركي الدكتور برهان كور أوغلو قال إن أسباب التوتر تعود لاستغلال المعارضة لملف اللاجئين، من أجل الضغط على الحزب الحاكم، بالإضافة لوجود وسائل إعلام تضخ بشكل يومي رسائل في هذا الاتجاه.

وأوضح كور أوغلو لـ"عربي21" أن "الذرائع التي تسوقها المعارضة ووسائل الإعلام، هي أن السوريين يحصلون على دعم حكومي كبير أدى لعجز الموازنة، فضلا عن اداعاءات بتصويتهم في الانتخابات، وحصولهم على حقوق المواطنين الأتراك في العلاج وغيرها".

وشدد على أن ما يجري هو "نوع من الاستغلال السياسي لهذا الملف"، مؤكدا أن مواصلة إثارته ستراكم المشكلة، وتزيد من الاحتقان وتكرار هذه الأحداث.

وقال كور أوغلو إن هذا الملف "يحتاج لمتابعة أمنية حثيثة، من أجل التصدي لأي تحريض أو احتكاك بين الطرفين، رغم وجود قوانين وتشريعات تحرم التمييز العنصري والعرقي والقومي داخل تركيا".

وأضاف: "تركيا بعد انهيار الدولة العثمانية، تشكلت على هجرات الشعوب سواء من البلقان أو القوقاز، وأخيرا الهجرة السورية، وحالما تنتهي الأزمة هناك فسيعود معظم المهاجرين"، وتابع: "الخطاب الحكومي وغالبية الشعب التركي يرفضان هذه الحملات التحريضية".

ورأى أن الحكومة ربما تلجأ لاتخاذ إجراءات، من شأنها التشديد على أي محاولات للتحريض، واستخدام ملف اللاجئين لأهداف سياسية وانتخابية.

من جانبه قال نزار خراط، رئيس الجالية السورية في إسطنبول إن حملة التحريض الأخيرة، "تقف وراءها أحزاب معارضة بسبب صراعها مع الحزب الحاكم".

وأوضح خراط لـ"عربي21" أن الحملات موسمية وظهرت إبان انتخابات الرئاسة، والاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأخيرا بعد الفوز في انتخابات إسطنبول، بسبب إفلاس المعارضة خدميا، ومحاولة الصعود على ظهر ملف اللاجئين، والزعم أنهم جالسون في البيوت يحصلون على المساعدات، بينما يعاني المواطن التركي تبعات التقلبات الاقتصادية".

وأضاف: "خطابات عدد كبير من سياسيي المعارضة كانت مستفزة للكثير من الأتراك بشأن المساعدات المقدمة لهم علما بأن جزءا كبيرا منها يصل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهي برامج تشترك فيها دول المنطقة وبقرار دولي.

وشدد خراط، على أنه فضلا عن الأسباب الداخلية السياسية، في التحريض على اللاجئين، إلا أننا لا يمكننا تجاهل "التعامل الدولي بطريقة خبيثة مع هذه المسألة وتحريض دول خليجية وأوروبية، لإشعال توترات داخلية بتركيا، عبر العديد من الملفات ومنها ملف اللاجئين".

 

إقرأ أيضا: اعتقالات لأتراك حرضوا ضد السوريين بمواقع التواصل (شاهد)

وشدد على أن نجاح المعارضة في بعض المناطق، ومنها إسطنبول "أعطاها دفعة معنوية كبيرة، لاستثمار هذا الملف وباتت ترى أن تحريك أنصارها أصبح أسهل بحكم موقعها".

وعلى صعيد التحركات لاحتواء هذه الأحداث، قال خراط، إن الائتلاف عقد اجتماعا مع منظمات مجتمع مدني سورية، في إسطنبول لبحث المشكلة، وكيفية التوجه لأصحاب القرار وتقديم وجهة النظر الخاصة، وتأكيد أن السوريين يقفون مع الكل التركي، وأنهم بعيدون عن الشأن الداخلي، ومع المساهمة بقوة في الاقتصاد والمجتمع التركي.

من جانبه قال الكاتب السوري سعد وفائي، إن أزمة التحريض على اللاجئين ليست في تركيا فحسب، بل هي أزمة حتى في أوروبا وأمريكا التي تبني جدارا الآن لمنع تدفق المهاجرين.

وقال وفائي لـ"عربي21" إن أحد أسباب هذه الأزمة "طبيعة الدول الحديثة، التي تقوم على الخدمية وتقديم الرفاه الاجتماعي والدواء والضمان والمعاش للمواطن، والذي يأخذ المهاجر جزءا منه، وبالتالي يصبح ثقلا على كاهل موازنة البلاد ودافع الضرائب".

وشدد على أن المعارضة التركية تخفي الكثير من الحقائق في ملف اللاجئين ومنه دخول رؤوس الأموال التي هربت من الحرب في سوريا إلى تركيا وخاصة فئة الصناعيين والتجار ومساهمتهم بكل قوتهم في تحريك السوق التركي وتشغيل أيدي عاملة ليست سورية فقط بل تركية أيضا.

وأكد أن القضايا الشعبوية والقومية، هي واحدة من وصفات الفوز في الانتخابات للمعارضة، ومهاجمة حزب العدالة والتنمية.

لكنه في المقابل قال: "لو فازت المعارضة بكل مواقع السلطة، فلن تكون قادرة على غلق الباب أمام المهاجرين، لأنها مجبرة بقرارات دولية على التنفيذ فضلا عن مساعي الانضمام للاتحاد الأوروبي، الذي يطلب تقاسم اللاجئين" مؤكدا أن "هذه الحملات للاستهلاك الآني".

التعليقات (0)