صحافة دولية

NYT: لماذا يعد انسحاب الإمارات ضربة للجهود السعودية باليمن؟

نيويورك تايمز: الإمارات انسحبت بشكل واسع وسريع من اليمن- جيتي
نيويورك تايمز: الإمارات انسحبت بشكل واسع وسريع من اليمن- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لكل من ديكلان وولش وديفيد كيركباتريك ، يتحدثان فيه عن خروج القوات الإماراتية من اليمن،  باعتباره ضربة للجهود السعودية هناك. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الإمارات كانت على مدى السنوات الأربع الماضية جزءا حيويا في الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، فقدمت الدعم العسكري والمالي والآلاف من الجنود في الحملة ضد المتمردين الحوثيين، وقادت القوات الإماراتية معظم التقدم الذي حققه التحالف، لافتا إلى أنهم الآن قرروا أنه لم يعد باستطاعتهم المضي أكثر في هذه الحملة. 

 

ويرى الكاتبان أن "الإمارات تقوم بسحب قواتها بشكل سريع، وعلى نطاق يعني أنها لن تذهب أبعد من ذلك في هذه الحملة، وهو اعتراف متأخر بأن الحرب الطاحنة التي قتلت الآلاف من المدنيين، وحولت اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية، لا يمكن الانتصار فيها". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الإماراتيين، قولهم منذ أسابيع، إنهم يقومون بانسحاب تدريجي وجزئي لقواتهم، التي قدر عددها قبل عدة سنوات بحوالي 5 آلاف، إلا أن الدبلوماسيين الغربيين والعرب، قالوا إن الإمارات خففت بشكل واضح من قواتها، وبأن قرار ترك الساحة اليمنية جاء نظرا لكلفة الحرب الباهظة، حتى لو كان ذلك يعني إغضاب حلفائهم السعوديين.

 

ويكشف التقرير عن أن الإماراتيين خففوا في الشهر الماضي من حجم وجودهم حول ميناء الحديدة بنسبة 80%، وهو الميناء الذي كان ساحة حرب العام الماضي، حيث حاول الإماراتيون وحلفاؤهم السيطرة عليه. 

 

وينقل الكاتبان عن أربعة أشخاص على معرفة بالانسحاب، قولهم إنه تم سحب المقاتلات المروحية والأسلحة الثقيلة، ما يستبعد أي عملية عسكرية جديدة على الميناء الحيوي الذي تمر منه معظم المساعدات الإنسانية.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول إماراتي بارز، قوله إن الانسحاب محاولة لدعم العملية السلمية التي تشرف عليها الأمم المتحدة، وأضاف: "التزامنا تجاه اليمن لا يزال قائما"، مشيرا إلى أن القوات الإماراتية دربت 90 ألف جندي يمني، قادرين على ملء الفراغ في حال رحيل الإماراتيين. 

 

ويلفت التقرير إلى أن السعودية تدخلت في اليمن عام 2015؛ لوقف تقدم المتمردين الحوثيين، وإعادة الحكومة الشرعية التي يترأسها عبد ربه منصور هادي، ولقيت دعما من الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن قرار التدخل جاء من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بصفته وزيرا للدفاع، واعتقد أن الحرب لن تستمر سوى أسابيع أو أشهر.

 

ويفيد الكاتبان بأن الجنرال الأسترالي المتقاعد مايك هيندمارش، الذي يقود الحرس الرئاسي الإماراتي، أخبر زوارا غربيين قبل فترة، بأن اليمن أصبحت مستنقعا، ووصف الحوثيين بأنهم "فيت كونغ اليمن". 

 

وتنقل الصحيفة عن الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن مايكل ستيفنز، قوله إن انسحاب الإماراتيين "سيفتح عيون السعوديين على أن هذه الحرب فاشلة.. ما حدث يقدم لنا إشارة بأن اللاعبين الرئيسيين في الحرب، السعودية والإمارات، ليست لديهما الفكرة ذاتها حول كيفية تحقيق النصر". 

 

ويورد التقرير نقلا عن دبلوماسيين غربيين، قولهم، إن السعوديين عبروا عن خيبة أملهم من القرار الإماراتي، وبأن المسؤولين البارزين في الديوان الملكي السعودي حاولوا التدخل شخصيا لمنع الإماراتيين من خفض قواتهم، فيما قال عدد من المسؤولين إن الإماراتيين تجنبوا الإعلان عن انسحابهم من أجل الحد من غضب السعوديين، إلا أن المسؤولين في السفارة السعودية نفوا الأخبار عن عدم ارتياح القيادة السعودية.   

 

وينقل الكاتبان عن مسؤول لم يكشف عن هويته، قوله، إن "البلدين متفقان من الناحية الاستراتيجية في اليمن"، وأضاف أن "التغيرات التكتيكية والعملياتية خلال العملية أمر طبيعي، ويتم القيام بها بالتنسيق مع التحالف". 

 

وتذكر الصحيفة أن المسؤولين الإماراتيين أكدوا أنهم لا ينسحبون من اليمن، وأنهم سيواصلون عمليات مكافحة الإرهاب ضد مقاتلي تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أن الإماراتيين سيحتفظون بوجود منخفض في ميناء عدن، وسيواصلون دعم 16 مليشيا يقدر عدد مقاتليها بحوالي 20 ألف رجل.

 

وبحسب التقرير، فإنه تم نقل القيادة من القوات اليمنية المتشرذمة إلى السعودية، مشيرا إلى قول مسؤول إماراتي إنه تم تسليم قاعدتين في المخا والمكلا إلى السعوديين، الذين لا يملكون خبرة جيدة على الأرض، بالإضافة إلى أن هناك مخاوف من تحول اليمنيين بعضهم ضد بعض بعد رحيل الإماراتيين. 

 

ويورد الكاتبان نقلا عن المحلل في معهد واشنطن مايكل نايتس، قوله: "الشيء الوحيد الذي كان يمنع الحوثيين من السيطرة على اليمن هو وجود الإماراتيين، أما الآن فإن الصمغ الذي كان يربط الجميع قد انسحب". 

 

وتقول الصحيفة: "ربما دفع انسحاب الإماراتيين الحوثيين لشن حملة جديدة، واستعادة المناطق التي خسروها العام الماضي، وتشهد السهول القريبة من الحديدة معارك جديدة، بشكل يهدد خطوط الإمدادات للقوات السعودية المتمركزة حولها". 

 

وينوه التقرير إلى أن عمال الإغاثة يحذرون من أزمة إنسانية جديدة لو اندلع القتال، بشكل يهدد بموجة جديدة من الكوليرا والملاريا. 

 

ويذكر الكاتبان أن السعوديين والإماراتيين واجهوا نقدا دوليا بسبب تزايد سقوط المدنيين، الذين قدرت منظمة "ارمد كونفليكت لوكيشن أند إيفنت داتا بروجيكت" عددهم بـ 8 آلاف شخص، مشيرين إلى أن الحوثيين يتهمون بالمساهمة في الكارثة الإنسانية من خلال التلاعب في المساعدات الإنسانية. 

 

وتجد الصحيفة أنه مع زيادة الضغوط على السعوديين والإماراتيين فإن مصالحهم تتباين، فقد حقق الإماراتيون أهدافهم بحماية خط الملاحة في ميناء عدن. أما السعوديون، فقد تورطوا وأصبح هدفهم الدفاع عن حدودهم، فمنذ عام 2015 استهدف الحوثيون المنشآت الحيوية في السعودية، وفي حزيران/ يونيو ضرب صاروخ قاعة القادمين في مطار أبها، ما أدى إلى جرح 26 شخصا. 

 

ويشير التقرير إلى أن الإماراتيين قادوا في العام الماضي حملة عسكرية للسيطرة على الحديدة، إلا أن مقاومة الحوثيين أوقفتهم، بالإضافة إلى المعارضة الدولية من تأثر الحركة في الميناء. 

 

ويلفت الكاتبان إلى أن الدعم الأمريكي للسعوديين -معلومات أمنية ولوجستية وتنسيق- تعرض للانتقادات في الولايات المتحدة، وزادت المعارضة بعد قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ومرر الكونغرس قرارا يحظر على الحكومة الأمريكية دعم السعوديين، ما دعا الرئيس دونالد ترامب لاستخدام الفيتو ضده. 

 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم الدور الأمريكي، إلا أن قادة البنتاغون توقعوا منذ سنين أن النصر غير ممكن، وحثوا السعوديين على التفاوض، مشيرة إلى أن مسؤولا أمريكيا قال إن الإماراتيين شعروا بالتعب من حالة الجمود وغياب الأمل بتحقيق النصر في ميدان الحرب. 

 

وينقل التقرير عن بيتر سالزبري من مجموعة الأزمات الدولية، قوله إن السعوديين لا يزالون يؤمنون بالنصر، "وهناك أصوات في السعودية تقول إن هناك إمكانية للضغط على الحوثيين لعمل ما تطلبه الرياض منهم". 

 

ويبين الكاتبان أن هناك تغيرا في حسابات السعودية مع تصاعد التوتر مع إيران، حيث اقتنع السعوديون بأهمية التوصل لسلام بدلا من القتال في حديقتهم الخلفية مع الحوثيين، ومواجهة إيران في الوقت ذاته. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول سعودي، قوله إن أهداف المملكة هي التوصل إلى حل سياسي يقود إلى سلام واستقرار دائم، مشيرا إلى أن الحل العسكري يهدف للضغط على الحوثيين للعودة إلى طاولة المفاوضات. 

 

ويستدرك التقرير بأن الحكومة في عدن لم تبد أي اهتمام بالعملية السلمية، لافتا إلى أنه نظرا لارتباط الحرب في اليمن بمحمد بن سلمان، فإن هناك حاجة للعثور على حل يحفظ ماء الوجه. 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن سالزبري يرى أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب هي من خلال جلوس الطرفين معا، قائلا إن ثمن نهاية الحرب سيكون باهظا للسعوديين فيما يتعلق بحفظ ماء الوجه.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)