ملفات وتقارير

الحوار لا يجد من يُديره في الجزائر.. أزمة شخصيات؟

لونيسي: عدم مبادرة السلطة باقتراح أسماء تدير الحوار وانتظار أن يأتيها ذلك من المعارضة ينطوي على رغبة بزرع خلافات داخل المعارضة
لونيسي: عدم مبادرة السلطة باقتراح أسماء تدير الحوار وانتظار أن يأتيها ذلك من المعارضة ينطوي على رغبة بزرع خلافات داخل المعارضة

لا يبدو الطريق إلى الحوار في الجزائر سالكا، إذ لا تزال تعترضه عثرات كثيرة تظهر في عدم الاتفاق على  شكله ومضمونه وضماناته والجهة المشرفة عليه، رغم أن الكل؛ سلطة ومعارضة مجمع على ضرورة الإسراع في بدئه.

حفل الأسبوع الأخير بنقاش وافر حول الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح في خطابه الأخير، وكذلك المعارضة في الوثيقة التي طرحتها في المنتدى الذي عقدته يوم 6 يوليو/ حزيران الماضي.

وجاء هذا النقاش، على خلفية رمي بعض أسماء الشخصيات الوطنية إلى الرأي العام من قبل جهات غير رسمية مقربة من السلطة، للفوز بتزكيتها لقيادة الحوار الوطني الذي أعلن رئيس الدولة أنه لن يكون طرفا فيه.

لكن الشخصيات المطروح أسماؤها بدا جلّها إما رافضا أو متحفظا على قيادة الحوار، لأسباب منها أن المناخ العام السائد في البلاد لا يشجّع البتة على الدخول في حوار يبحث الخروج من الأزمة المستعصية.

ونشرت أيقونة الثورة الجزائرية جميلة بوحيرد بيانا ترفض فيه تماما إقحام اسمها في مسألة الحوار، وضمّت صوتها إلى المنادين بالتغيير الجذري في البلاد، في حين أكد الناشط في الحراك الشعبي مصطفى بوشاشي، المطروح اسمه هو الآخر، أن الحوار يحتاج إلى شروط غير متوفرة حاليا.

وعلى عكس هاتين الشخصيتين، أظهر رئيس البرلمان سابقا، كريم يونس، بعض الليونة في تجاوبه مع طرح اسمه لقيادة الحوار، وذكر أنه مستعد للمساعدة لفك الانسداد الحاصل.

"اختيار الأسماء"

وفي تقدير الإعلامي والمحلل السياسي العربي زواق، فإن اختيار الأسماء المشرفة على الحوار، هو السبب الرئيسي لتعطل بدء الحوار، لكون السلطة لا تزال تبحث عن شخصيات بإمكانها التحكم فيها، مع إمكانية أن تكون مقبولة من الحراك، وهي معادلة تبدو في رأيه صعبة الحلّ لكون اللعبة صارت مكشوفة اليوم.

وأبرز زواق في تصريحه لـ"عربي21"، أن "أغلب الشخصيات التي تحظى بالمصداقية، مثل الوزير السابق عبد العزيز رحابي والمحامي مصطفى بوشاشي ورئيس الحكومة السابق، لا يمكن للسلطة أن تساومها في حال عرضت عليها الإشراف على الحوار".

وأضاف أن "الشخصيات الأخرى الثقيلة، مثل وزير الخارجية سابقا أحمد طالب الإبراهيمي أو رئيس الحكومة في بداية التسعينيات مولود حمروش أو الرئيس السابق اليامين زروال، لا يمكنها القبول أبدا بدور الإشراف على لجنة حوار في ظل رئاسة عبد القادر بن صالح، لأنها ترى في نفسها أكبر من هذا الدور بكثير".

وتابع المتحدث، بأن رئيس البرلمان سابقا كريم يونس، يمكن أن يكون طوق نجاة للسلطة، كونه عُرف بمعارضته للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة واستقالته من منصبه سنة 2003، لكن السؤال يبقى مطروحا إن كان فعلا مقبولا لدى المعارضة والحراك.

"مشكل مناخ"

ولا تتوقف المسألة عند الأسماء، بالنسبة لتكتل "البديل الديمقراطي" المعارض (يضم أحزابا وشخصيات من التيار الديمقراطي واليسار)، فالإشكال يكمن في توفير شروط إجراء الحوار ثم الحديث بعد ذلك عن شكلياته.

ووضعت هذه الأحزاب في ندوة صحفية نشطتها الأحد، مجموعة شروط لأي مبادرة حوار، في مقدمتها إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفتح المجال السياسي والإعلامي والتوقيف الفوري لكل الأجهزة القمعية، وتوظيف القضاء وذهاب كل رموز النظام.

ورغم أن الأحزاب الناشطة في ما يعرف بـ"المنتدى الوطني للحوار"، تمتلك طرحا أقل راديكالية من التكتل الأول، إلا أنها تشدد هي الأخرى على تهيئة ظروف مناسبة للحوار.

وشدّد بيان مجلس شورى حركة مجتمع السلم وهي أكبر الأحزاب المشاركة في هذا المنتدى، على ضرورة التمسك بالوثيقة المنبثقة ندوة 6 حزيران/ يوليو الماضي، كخارطة طريق للخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد.

ويكمن الخلاف بين التكتلين المعارضين، في مضمون الحوار الذي ينبغي أن يضبط عند فريق "البديل الديمقراطي" إدارة المرحلة الانتقالية وشروطها لتحقيق مطلب التغيير الجذري، بينما يرى الفريق الثاني ضرورة أن يشمل الحوار كيفية تنظيم الانتخابات الرئاسية وتوفير شروط نزاهتها، على أن يستكمل الرئيس المقبل باقي الإصلاحات التي تستجيب لمطالب الحراك.

"غياب الضمانات"

ويُقّر نور الدين بن يسعد، الناشط السياسي في تكتل "البديل الديمقراطي"، في تصريحه لـ"عربي21" بوجود خلاف جوهري داخل المعارضة، "إلا أن الإشكال كله موجود عند السلطة التي لا يعرف أحد ما تريد" على حد قوله.

وقال بن يسعد وهو رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن "السلطة تريد حوارا على المقاس ودون مضمون لا تكون نتائجه ملزمة، في تكرار لتجارب الحوار السابقة نفسها، التي كان رئيس الدولة الحالي مديرا لها وانتهت بالفشل".

ومن الجانب التحليلي، يعتقد رابح لونيسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة وهران، أن تعثر إطلاق الحوار يعود إلى بقاء الفكرة عامة وهلامية، لم يحدد فيها كيفية إجرائها وموضوعها وغيرها من الميكانيزمات، ما جعلها تبدو للبعض مناورة فقط لربح الوقت.

وأبرز لونيسي في حديثه مع "عربي21" أن عدم مبادرة السلطة باقتراح أسماء شخصيات تدير الحوار وانتظار أن يأتيها ذلك من المعارضة، "ينطوي على رغبة في زرع خلافات داخل المعارضة وجعلها تصطدم مع الحراك، الذي أصبح يشك في كل المبادرات سواء أتت من السلطة أو المعارضة، وهو ما يؤدي في الأخير إلى تضييع الوقت حتى تستعيد السلطة المبادرة ويضعف الحراك".

وأضاف لونيسي أن "السلطة تراهن على فشل المعارضة في التعاطي مع فكرة الحوار، ما سيؤدي في الأخير بالجزائريين إلى الاستنجاد مجددا بها لإيجاد مخرج للأزمة التي طالت، وهو ما يثبت في الأخير أن النظام في الجزائر لا يسعى لحلّ المشاكل والأزمات، بل يقوم بتسييرها فقط حفاظا على استمراريته".

 

اقرأ أيضا: أحزاب معارضة بالجزائر تشترط للمشاركة بالحوار السياسي

التعليقات (3)
ناقد لا حاقد
السبت، 03-08-2019 08:00 م
المشكل الكبير هو وجود حفنة من الناس المطلبة من عبيد العسكر و لكم خير مثال المعلق شوقي الذي يدافع بكل شراسة عن لصوص البلاد من قيادة الجيش الفاسدة
شوقي
الإثنين، 22-07-2019 12:27 م
المشكل الكبير و الخطير هم البربريست الذين يريدون تغيير ثوابت الشعب الجزائري و الدليل راية الضرار علم الشقاق و النفاق علم العنصرية و العرقية بهذه الراية حتما ينقسم الشعب فعليا و هذا هو الخطر الحقيقي أي نصبح شعبين و بعدها بلدين
ناقد لا حاقد
الإثنين، 22-07-2019 03:41 ص
النظام غير جدي في حوار و اقصد القايد صالح و عصابته المسيطرة على البلد

خبر عاجل