ملفات وتقارير

السودان.. ترقّب حذر في انتظار قرارات اقتصادية لحكومة حمدوك

السنوات الماضية شهدت خفضا في دعم سلع أساسية ما أثار موجة استياء وغضب في الشارع- جيتي
السنوات الماضية شهدت خفضا في دعم سلع أساسية ما أثار موجة استياء وغضب في الشارع- جيتي

تسود حالة من الترقب الحذر في الأوساط الشعبية في السودان، في انتظار القرارات الاقتصادية التي ستخرج من رحم الحكومة المرتقبة برئاسة عبدالله حمدوك.


وأدى حمدوك اليمين الدستورية الشهر الماضي رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية المحددة بثلاث سنوات، بعد توافق عليه من قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي.


وعلى مدى 30 عاما، أورثت حكومة الرئيس السابق عمر البشير، نظيرتها الجديدة اقتصاداً مثقلا بالأزمات المعيشية تتجلى في شح مستمر في السلع الاستراتيجية، وهبوط متواصل في العملة الوطنية، فضلا عن شح السيولة في الأسواق.


وللحصول على اقتصاد مستقر، فإنه يبدو رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها المحروقات والقمح، أولى الخطوات نحو الإصلاح الاقتصادي.


وتشمل السلع المدعومة المحروقات (البنزين، الغازولين، وغاز الطبخ)، إضافة إلى القمح والأدوية.


وبحسب إحصاءات حكومية سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتقاتها يصل إلى 2.250 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم للقمح إلى 365 مليون دولار.


ويؤكد وزراء المالية الذي تعاقبوا في حكومات البشير السابقة، أن الدعم يستفيد منه شريحة الأغنياء من خلال شراء المواد المدعومة بأسعار زهيدة.


ووفقا لآخر دراسة حكومية أجريت عام 2017، فقد كشفت عن تراجع نسبة الفقر في السودان إلى 28 بالمئة؛ في حين أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في 2016 أن نسبة الفقر في السودان بلغت 36.1 بالمئة.


وشهدت السنوات الماضية، خفضا في دعم عديد السلع الأساسية، أثار موجة من الاستياء والغضب في الشارع، وتفجر احتجاجات شعبية فضلا عن ارتفاع كبير في مستوى الأسعار.


وبدأت الحكومة السابقة، بتطبيق إصلاحات اقتصادية إبان انفصال جنوب السودان في يوليو 2011 وفقدان 75 بالمئة من الموارد النفطية، ودخول البلاد في أزمة اقتصادية.

 

اقرأ أيضا: السودانيون يترقبون أسماء الحكومة الجديدة بعد تأجيل متكرر

آخر خفض في الدعم عن الوقود والكهرباء والأدوية كان في 2016، شمل كذلك حظر استيراد عدد من السلع، وتعويم سعر الصرف وخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 10 بالمئة.


والشهر الماضي، لفت رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في حوار تلفزيوني، إلى وجود مخاوف لدى الشارع السوداني بشأن رفع الدعم عن السلع.


وقال: "لا مخاوف من روشتة صندوق النقد الدولي" المتعلقة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية في البلاد"؛ مشيرا إلى مخاوف البعض من رفع الدعم واتباع مزيد من الخصخصة.


في 2017، دعا صندوق النقد الدولي، السودان إلى تحرير أسعار صرف العملة المحلية بالكامل في 2018 وهو ما حصل فعلا، وإلغاء دعم الكهرباء والقمح بين 2019 و2021؛ كخطوات أولية نحو تحقيق إصلاحات اقتصادية.


لكن حمدوك أشار إلى أنه "لا يوجد خبير يعرف مشاكلنا أكثر منا، وسنعمل على وصفة تُناسب أوضاعنا ليتماشى صندوق النقد الدولي مع رؤيتنا".


يقول الخبير الاقتصادي نادر الهلالي، إن العجز في ميزان المدفوعات يصل إلى 4 مليارات دولار، حيث تصل واردات السودان إلى 9 مليارات دولار، بينما لا تتعدى الصادرات الـ5 مليارات.


ويرى الهلالي الذي كان يتحدث للأناضول، إمكانية تخفيض العجز إلى مليار دولار في حال قيام حكومة حمدوك برفع الدعم عن المحروقات، الذي يصل إلى ملياري دولار بجانب الدعم على القمح.


وأشار إلى أن رفع الدعم عن هذه السلع، سيعمل على الحد من تهريبها إلى دول الجوار عقب ارتفاع أسعارها، كما أنه سيعمل على تقليل استهلاكها في الداخل.


إلا أنه أكد أن اتخاذ قرار رفع الدعم، "يحتاج إلى جرأة وشجاعة في ظل الظروف الحالية التي يشهدها السودان".


ويرى المحلل الاقتصادي، عادل عبدالعزيز، الحاجة إلى هيكلة الدعم أو إعادة توجيهه، وإلى تحديد الفقراء مستحقي الدعم، وتخصيص دعم مالي مباشر لهم؛ بعده يتم رفع الدعم عن السلع.


وأشار إلى أن إحصائيات حكومية، تشير إلى أن الدعم المالي المباشر للفقراء لن تتجاوز كلفته الـ100 مليون دولار شهريا.

 

اقرأ أيضا: "أفريك": هذا ما ينتظر "حمدوك" رئيس الوزراء السوداني

في المقابل يرفض الخبير الاقتصادي محمد الناير، الإقبال على رفع الدعم عن السلع في المرحلة المقبلة، مبينا أن السياسة تحتاج إلى عدة عوامل لكي تنجح.


وحذر من مغبة استمرار ارتفاع أسعار السلع، حال قيام حكومة حمدوك بتنفيذ سياسة الدعم خلال المرحلة المقبلة، وسط تدني أجور العاملين بالدولة، واستمرار نسبة البطالة التي تقدر بـ 19 بالمئة.


وأرجع الناير في حديثه مع الأناضول، ارتفاع أسعار السلع إلى التطبيق الخاطئ لسياسة التحرير الاقتصادي التي طبقتها الحكومة السودانية، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.


وتطرق إلى وجود عدد من العوامل الأخرى المتسببة في رفع الأسعار، تشمل الهبوط المستمر للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وعدم الاهتمام بالمخزون الاستراتيجي للسلع الاستراتيجية.


ويسجل الجنيه هبوطًا مستمرًا أمام الدولار، حيث بلغ سعر شرائه في تداولات الأسواق الموازية 69 جنيها عبر النقد فيما سجل سعر البيع 70 جنيها.

التعليقات (0)