كتاب عربي 21

إمام أوغلو ووعوده المتبخرة

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

وعد رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، الناخبين قبل الانتخابات المحلية الأخيرة التي خاضها كمرشح حزب الشعب الجمهوري، بأنه سوف يحتضن الجميع، وينتشر التسامح والمحبة في كافة أرجاء إسطنبول برئاسته، كما تعهد بأنه لن يطرد أحدا من عمال البلدية وموظفيها من أعمالهم، إلا أن كل تلك الوعود تبخرت بعد فترة وجيزة من جلوسه على كرسي الرئاسة.

إمام أوغلو، وخلال حملته الانتخابية خاطب العاملين في بلدية إسطنبول الكبرى، وقال في إحدى كلماته: "لن نمس لقمة عيش أحد"، في محاولة لطمأنة العمال وأسرهم. كما وعد رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، في حفل تقديم مرشحي حزبه إلى الرأي العام بمدينة إزمير، بأنهم لن يتلاعبوا بمعيشة أحد ولقمة عيشه في حال فوز هؤلاء المرشحين في الانتخابات.

 

بلدية إسطنبول الكبرى قامت حتى الآن بفصل مئات العاملين في البلدية من أعمالهم، بحجة أنهم متعاطفون مع حزب العدالة والتنمية

بلدية إسطنبول الكبرى قامت حتى الآن بفصل مئات العاملين في البلدية من أعمالهم، بحجة أنهم متعاطفون مع حزب العدالة والتنمية. وبدأ هؤلاء العمال بالاعتصام أمام مبنى البلدية، ويتظاهرون احتجاجا على فصلهم من أعمالهم، ودفاعا عن حقوقهم، وسط تجاهل وسائل الإعلام العالمية التي لو كان هؤلاء العمال يتظاهرون ضد الحكومة لعسكرت معهم أمام مبنى بلدية إسطنبول، ونقلت أخبارهم على مدار الساعة. ومن المؤكد أن العمال المفصولين سيلجأون أيضا إلى المحاكم ضد هذا القرار الجائر، ويتوقع أن يعود بعضهم إلى أعمالهم في الأيام القادمة عبر قرارات قضائية.

أحد العمال الذين طردتهم بلدية إسطنبول الكبرى من أعمالهم؛ أتى إلى أمام مبنى البلدية برفقة ابنه المعاق، وبكى قائلا إن ابنه سأله لماذا تم فصله من العمل، ولم يجد ما يقوله له، مطالبا رئيس البلدية بأن يجيب على هذا السؤال. إلا أن إمام أوغلو، في لغة ساخرة ومليئة بالوقاحة، دعا رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان إلى إيجاد فرص العمل للعمال الذين فصلتهم بلدية إسطنبول الكبرى من أعمالهم، وكأنه ليس الشخص الذي تسبب في انضمامهم إلى صفوف العاطلين.

 

في تبريره لرفع أجور الخدمات، قال الرجل بأن هذه مجرد "ترتيبات مالية" وليست زيادة في الأجور، في محاولة للضحك على العقول، وكأن تغيير اسم رفع الأجور يغير شيئا من حقيقة أنه يثقل كاهل المواطنين

حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو؛ وعد سكان إسطنبول خلال الحملات الانتخابية بأن الحافلات المدرسية ستكون مجانية لطلاب المدارس الإبتدائية. ولكن هذا الوعد تبخر بعد الانتخابات على غرار تبخر الوعود الأخرى، ورفعت بلدية إسطنبول الكبرى قبل أيام أجور الحافلات المدرسية بنسبة 13 في المئة. وقال مستشار إمام أوغلو، في رده على سؤال الصحفيين، إن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لم يصرح بشيء من هذا القبيل قبل الانتخابات، مضيفا أن رئيس حملة حزب الشعب الجمهوري الانتخابية هو المسؤول عن مقطع الفيديو الذي ورد فيه هذا الوعد.


بلدية إسطنبول الكبرى رفعت أجور عددٍ من خدماتها بنسب عالية، ووصلت نسبة الزيادة في أجور المواقف في بعض المناطق 50 في المئة، على الرغم من أن إمام أوغلو قد وعد سكان إسطنبول قبل الانتخابات بأن تكون المواقف التابعة للبلدية مجانية. وفي تبريره لرفع أجور الخدمات، قال الرجل بأن هذه مجرد "ترتيبات مالية" وليست زيادة في الأجور، في محاولة للضحك على العقول، وكأن تغيير اسم رفع الأجور يغير شيئا من حقيقة أنه يثقل كاهل المواطنين.

 

صورة ذاك الرجل المتسامح الذي يحترم الحريات ويحتضن الجميع سرعان ما تبخرت بعد الانتخابات، لتظهر صورته الحقيقية التي تعكس عقلية حزب الشعب الجمهوري.

إمام أوغلو حاول قبل الانتخابات أن يرسم صورة رجل في قمة التسامح مع الجميع، وذهب إلى المساجد للصلاة وتلاوة سورة يس أمام الكاميرات. ولكن صورة ذاك الرجل المتسامح الذي يحترم الحريات ويحتضن الجميع سرعان ما تبخرت بعد الانتخابات، لتظهر صورته الحقيقية التي تعكس عقلية حزب الشعب الجمهوري. وبعد جلوسه على كرسي الرئاسة، قام بحظر تربية اللحية للسائقين العاملين في الحافلات الشعبية، استجابة لشكوى رفعتها "جمعية التفكير الأتاتوركي" العلمانية المتطرفة.

ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة الأخيرة هي الأخطر من بين الخطوات التي أقدم عليها إمام أوغلو بعد الانتخابات؛ لأنها تؤكد أن عقلية حزب الشعب الجمهوري تراوح في مكانها كما هي، ولا تقدم فيها نحو الاحترام للحريات الدينية وقيم المجتمع المسلم. بل تشير إلى أن تركيا قد تعيد حظر الحجاب والتضييق على المواطنين المتدينين إن نجحت هذه العقلية (لا سمح الله) في الفوز برئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة، من خلال وعود كاذبة وصورة مزيفة ترسمها لتضليل الناخبين.

التعليقات (3)
سليمان كرال أوغلو
الخميس، 05-09-2019 06:05 م
عقلية أكرم إمام أوغلو و من على شاكلته هي نفس العقلية التي كانت سائدة في العشرينات من القرن الماضي و حتى نهاية الخمسينات من ذلك القرن ، أي هي عقلية رجعية مستبدة تقصي الآخر المختلف معها . هكذا عقلية عفا عليها الزمن و من حسن الحظ وصول هذا الشخص إلى رئاسة البلدية حتى يكتشف الناس أن حزب الشعب فارغ و لم ينصلح و جدير بخسارة كل انتخابات و الأفضل أن لا يعطى فرصة تجريبية.
محمد حسن
الخميس، 05-09-2019 09:39 ص
بيستاهلوا اليس هم الذين انتخبوه مع علمهم انه فاسد
scrutinized jordan.
الأربعاء، 04-09-2019 08:05 م
هناك قول مأثور يقول .ذيل الكلب يبقى معوجا ولو قمت بتعديله الف مره