كتاب عربي 21

إيران والإخوان المسلمون: نحو حوار استراتيجي لمواجهة التحديات المشتركة

قاسم قصير
1300x600
1300x600
شهدت العاصمة اللبنانية مؤخرا خطوات جديدة في إطار العمل لتزخيم التواصل بين المسؤولين الإيرانيين وقيادات من الإخوان المسلمين، من أجل البحث في التحديات المشتركة التي تواجه الحركات الإسلامية في المرحلة المقبلة.

وقد شكل تعيين الدكتور عباس خاميار لتولي المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت؛ خطوة مهمة في اتجاه تفعيل التواصل بين المسؤولين الإيرانيين والعديد من الفاعليات الفكرية والثقافية والدينية المتنوعة في لبنان، وخصوصا تلك التي كان لها وجهات نظر متباينة مع القيادة الإيرانية، ومنها قيادة الإخوان المسلمين في لبنان والمنطقة.

والمعروف عن الدكتور خاميار أنه من أوائل الباحثين الإيرانيين المتخصصين في علاقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحركة الإخوان المسلمين، وهو أعد دراسة معمقة في هذا المجال ونشرت في كتاب صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في بيروت قبل عشرين سنة تقريبا. وهو يتقن اللغة العربية وعمل في العديد من العواصم العربية، وشارك في معظم المؤتمرات التي خصصت للحوار العربي- الإيراني.

وتشير مصادر إيرانية مطلعة في بيروت إلى أن هناك قرارا إيرانيا عالي المستوى من أجل تفعيل العلاقات مع كل الحركات الإسلامية في العالم العربي، وخصوصا الإخوان المسلمين، وأن عددا من مراكز الأبحاث والدراسات الإيرانية قد أعدت دراسات معمقة حول التطورات التي حصلت في العالم العربي خلال السنوات الثماني الأخيرة؛ وانعكاس هذه التطورات على العلاقة بين إيران والعالم العربي عامة، والحركات الإسلامية بشكل خاص، وأنه على ضوء نتائج هذه الدراسات تقرر إعادة تفعيل الحوار مع كل الحركات الإسلامية، وأن اعادة العلاقة مع حركة حماس إلى اقوى مما كانت عليه قبل الثورات العربية كان من نتائج هذه الدراسات. وستستمر الجهود في المرحلة المقبلة، في ظل التحديات المشتركة التي تواجه إيران والحركات الإسلامية.

وفي المقابل، تقول مصادر قيادية إسلامية إن إعادة تفعيل العلاقة بين إيران وحركات الإخوان المسلمين في العالم يتطلب اليوم حوارا استراتيجيا كاملا؛ لتقييم المرحلة الماضية والبحث في آفاق التحديات المقبلة، وإن هناك العديد من النقاط المشتركة بين الطرفين، رغم استمرار الخلاف حول كيفية مقاربة القضية السورية وتداعياتها. وهذا هو الملف الأكثر سخونة في هذا المجال ولا يمكن القفز عنه، لكن يمكن العمل بشكل مشترك لمعالجة تداعياته القائمة، والبحث عن حلول عملية له في ظل التعاون الروسي- التركي- الإيراني وإمكانية الوصول الى معالجة مشتركة.

وأما عن التحديات المشتركة بين إيران وحركات الإخوان المسلمين اليوم، فتجيب المصادر القيادية الإسلامية: "في مقدمة هذه التحديات تأتي صفقة القرن وتداعياتها، وكل ما يتعلق بالصراع مع العدو الصهيوني، ودعم قوى المقاومة. فهذا الملف له الأولوية، وإيران اليوم تقدم كل الدعم لقوى المقاومة بشكل عملي، وسيكون أمامنا مهمات كبيرة في المرحلة المقبلة لمواجهة تداعيات هذه الصفقة ومخاطرها.

والملف الثاني يتعلق بالهجمة العربية- الدولية على الحركات الإسلامية على اختلاف انتماءاتها وتنوعاتها، وعدم التفريق بين إيران وهذه الحركات، ووضع هذه الحركات على "لوائح الإرهاب" وفرض الحصار المالي عليها. وكل ذلك يفرض إيجاد بعض أشكال التعاون لمواجهة هذا الحصار، والعمل للبحث عن المصالح المشتركة بين الدول والقوى التي تواجه الحصار. وقد تكون تجربة التعاون القطري- الإيراني- التركي لكسر الحصار على قطر نموذج مهم، كما أن التعاون التركي- الإيراني طيلة كل السنوات الماضية وحتى اليوم لمواجهة العقوبات الأمريكية؛ نموذج عملي آخر، وهناك نماذج أخرى يمكن الاستفادة منها في المرحلة المقبلة.

وأما الملف الثالث فهو يتعلق بإعادة تقييم كل ما جرى في الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، ومخاطر الصراعات التي حصلت، ووضع آليات للخروج من هذه الأزمات بما يحفظ مصالح الجميع، ولا سيما في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، وتقييم تجربة الحركات الإسلامية في الحكم والاستفادة من التجربة الإيرانية، والفصل بين الصراعات السياسية والخلافات المذهبية".

هذه بعض الأفكار والاقتراحات التي يتم تداولها في اللقاءات التمهيدية التي عقدت مؤخرا في بيروت وعواصم عربية وإسلامية أخرى؛ لتقييم المرحلة الماضية والبحث عن آفاق جديدة للعلاقة بين إيران وحركات الإخوان المسلمين، وحركات أخرى ناشطة في إطار المقاومة، فهل تمهد هذه اللقاءات لحوار استراتيجي مستقبلي، أم أن الخلافات التفصيلية ستقف عائقا أمام هذا الحوار الهام والمطلوب اليوم قبل الغد؟
التعليقات (8)
محمد صخر
الثلاثاء، 17-09-2019 04:16 ص
سؤال بسيط للكاتب: ما الذي كان يمنعك من نشر مقال هكذا طيلة الأربعين سنة؟ أم رأيت ان حركة الإخوان أصيلة وأممية وتستعصي على القتل والمؤامرات؟ ليتكم تظهرون حسن النوايا في إيران وسوريا والعراق لنصدقكم؟ انا أثق في الذكاء الإيراني ولكني لم أره خلال نصف قرن إلا منتشياً على جثثنا ،،،أم أنكم لم تعودوا تثقون بأذرع إيران في المنطقة وتريدون ان تستغلوا حصار الإخوان لتتخذوهم حصان طروادة الأخير؟ نريد أن نرى استفاقة مخلصة لها علاماتها ،أما الكلام وعلى جماله وفصاحته لم يعد صالحاً لنسيان طائفية وعنصرية وظلم ايران،
عبدالله محمد علي
السبت، 14-09-2019 03:32 م
اىران دولة اسلامية وعضو في اتحاد الدول الإسلامية وحوارها مع الاخوان مفيد للامة.لان الاخوان لهم مبدأ جيد في التعامل مع الشيعة والمذاهب الاخري وهو ان نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا عليه وإيران الآن تعتبر قوة راسخة في المنطقة ذات تأثير في الأحداث والتفاوض معها شيء عقلاني ويدعم الأمة من يعتبر إيران عدو يطلب منا ان نلغي عقولنا اذ ان العدو للامة واضح ويعلن عن نفسه بكل وضوح وهو إسرائيل ومن يتحالف معها من الغربيين توحيد الأمة فيه خير للكل حكام ومحكوميين وأكثر فايدة للحكام الاخوان فكرهم سابق ومبادراتهم في صالح الأمة وهم مستقبلالأمة الإسلامية لان طرحهم هو الطرح الوحيد الذي يقبله العقل ويلفت حوله الشباب في كل أنحاء العالم الاسلامي وهم المستقبل
علي النويلاتي
الجمعة، 13-09-2019 11:55 ص
هذا شيء هام ويبشر بالخير بإذن الله. لقد حان وقت تحالف القوى الإسلامية ووضع الخلافات الثانوية والسخيفة على جانب والتصدي للتناقض والعدو الرئيسي للعرب والمسلمين وهو إسرائيل وحلفائها الأمريكان والبريطانيين وأجرائهم الفاسدين من القادة العرب. إزالة إسرائيل من عالمنا العربي هو تنظيف عالمنا من حلفائها الخارجيين والمحليين وإحلال الأمن والسلام. القوى الإسلامية هي الوحيدة الآن التي بإمكانها توحيد طاقات أمتنا ضد هذا العدو، وهذا هو في صلب مصلحتها ومصلحة الجميع.
عبدالسلام معلا
الخميس، 12-09-2019 06:25 م
لا مشكلة في الحوار كمبدأ مع أيا كان، لكن حوار الإخوان المسلمين مع إيران يفتقر لأهم مقومات النجاح، والمتمثل بالتكافؤ البنيوي. فإيران دولة لها مشروع طموح وتسعى لتسويقه في المنطقة، والإخوان مجرد تنظيم اخفق حتى اللحظة في النجاح بإدارة ملفه المحلي في هذا القطر أو ذلك، فكيف يراد له الحوار مع إيران صاحبة الطموح الإقليمي؟ ثانيا: المشروعان يفتقران لأرضية التكامل، وفي الوقت الذي تعاطف فيه الإخوان مع الثورة الإيرانية وساندوها، ولم يتعاطوا معها من منطلقات طائفية، قامت إيران بتأييد مجازر حافظ الأسد في حماة عام 1982، واتخذت مواقف مضادة للرئيس الشهيد مرسي عبر احتضان ودعم ابرز معارضيه (حمدين صباحي)، وهي بذلك كانت تتماهي مع مواقف السعودية والإمارات وإسرائيل. عام 2006 وفي ذروة الحرب الغسرائيلية المجنونة ضد حزب الله، أعلن المرشد العام للإخوان في حينه محمد مهدي عاكف استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف مقاتل لدعم حزب الله في حال القدرة على تجاوز القيود السياسية التي تمن ذلك. في المقابل عند وفاة المرشد في سجون السيسي لم يصدر عن حزب الله مجرد نعي للفقيد التسعيني المظلوم الذي ناصرهم يوما كرد للجميل (في حدود ما أعلم). بالمختصر: إيران لا تبحث عن حلفاء يتقاسمون المصالح، بل هي تبحث عن أدوات تسخرها لخدمة مشروعها في ظل اشتداد الهجمة عليها.
مُواكب
الخميس، 12-09-2019 06:05 م
إعلامِيْ الشيعة، دين القتل والخرافات ، يتطرقون باستمرار لِمثل هذه المواضيع التي يطرحها الأستاذ قاسم قصير . ومرة أخرى نرد عليهم: لستم منا ! أنتم حُلفاء الصليب الروسي البوتيني ، أنتم جنود بشار أسد، أنتم قتلة رفيق الحريري، أنتم قتلة أهل السنة ، وأهل السنة سننتقم منكم. يكذب الأُستاذ قاسم قصير عندما يُؤكد أن هناك مسلم سني واحد يلتقي على شيء مع قاتل من قتلة الشيعة. قاتلكم الله يا أذناب الصليب البوتيني !